Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

عبد الله الصعفاني: موروث شعبي جاهلي وراء التنكيل بالنساء وقتلهن..!

(إذا تضارب الولد والبنت، وسمعت البنت تبكي سارع لإنقاذ الولد، و(اضرب البنت بالجُزفي، وما بقي منها يكفي..)، و(الجُزفي) لمن لايعرف هذه التسمية هي قطعة الخشب الضخمة التي يقطع عليها الجزار اللحمة بالساطور.
هذا ما كنت أسمعه في طفولتي وأنا في بدايات الوعي بالكلام ومعانيه.
* ومنذ تابعنا إذاعات الموجات القصيرة والمتوسطة، والتليفزيون الأبيض والأسود، وحتى الآن، ونحن نرى ونسمع فقهاء يُحمِّلون قصة يوسف والآية (إن كيدكنّ عظيم) أكثر مما تحمل من المعنى، ويحولون سياقها على لسان شاهد في قصة يوسف إلى مشروع تنمر تشريعي، مستعينين ب (واهجروهنّ في المضاجع واضربوهن).. والطيب منهم هو من يقول بالضرب الخفيف، وبمسواك عود الأراك.
* وعندما جاء من يفسر بعض الآيات بصورة خارجة عن تنمر الرجال على النساء، ويفسر الضرب بالمفارقة على نحو الضرب في أرض الله، جاء من اتهمه بالزندقة، وإنكار معلوم من الدين بالضرورة.
ولا شك أنَّ كل قارئ منكم يحفظ الكثير من الأمثلة والأحكام المشوهة التي تحط من قدر الأنثى، ويوصى باغتيالها المادي أو المعنوي، وبما يشيب منه رأس الغراب.
* وبعد كل هذا الموروث الشعبي الجاهل الذي تشارك في نشرِه حتى النساء، نتفاجأ عندما يقوم الزوج أو الأخ أو حتى الأب أو الغريب بتعذيب امرأة راشدة أو قاصر على النحو الذي قُتلت به زوجة يمنية على يديّ زوجها، فنبدأ بالتباكي على الضحية المسكينة.. ونتباكى على الطفل الذي اغتيل هو الآخر في بطن أمه المغدورة، نتباكى وكأننا في مهمة إثبات أن التماسيح عندما تنتهي من التهام فرائسها تذرف دمعة وكأنها آدمي يقتل القتيل ويمشي في جنازته.
* هل أزيدكم من الشعر نصف بيت..؟ إن بيننا من لم يغادر زمن الجاهلية عندما كان الواحد يتوارى من القوم من سوء ما بُشر به من أنثى.
* (وإذن) نحن ننفعل مع الجرائم بعد حدوثها ولا نتفاعل مع موروث شعبي هائل يحط من شأن النساء رغم الصحيح من القرآن والسنة، حيث يرد ذكر المؤمنة مع المؤمن، وحيث (استوصوا بالنساء خيرًا)، وحيث (رفقًا بالقوارير)، وحيث خذوا نصف دينكم.. إلخ.
* وعذرًا لهذه المفارقة العجيبة التي تكون المقدمة أو التوطئة أكثر ما في المقال، ولكن ما العمل؟.. فما حدث للزوجة التي تعرضت لشتى أنواع الضرب، ثم القتل، وما أصاب غيرها من النساء والقاصرات ليس سوى الثمر البائس لثقافة أكثر شقاءً وبؤسًا.. ما العمل ونحن نواصل زراعة مفاهيم التخلف والجهل، ونعيد إنتاجها بمثابرة نملة ومكر ثعلب وحماقات أبي جهل..؟
* وأقف عند هذا القدر من التناول العام لأقف أمام قضية الساعة.. فتاة تزوجت قاصرًا من أحد الأقارب الذي فشل في كل شيء إلا في موضوع إثبات أن من القرائب ما يتجاوز بأفعاله العقارب.. ويا ربااااه.
* زوجة ممنوعة من الهاتف إلا من اتصال تكون فيه تحت الضغط والإكراه بإبلاغ أسرتها، مكرهة، بأنها بخير، فيما هي تخطو نحو الموت تعذيبًا بآلات حادة، منها السكين والمسمار، وحتى الكهرباء، لتنتهي حياتها بضرب رأسها في الجدار، وليس بعد تهشم الجمجمة إلا الموت، فضلاً عن محاولة سرقة اسمها وتغييره بهدف تضليل العدالة في مستشفى حفظ الجثة.
والله المستعان.. ظلم حتى بعد أن صعدت روح المغدورة إلى بارئها..!
* ثم ماذا يمكن القول عندما تحضر سادية زوج، وعجز أب، وضيق حال عائلة، ونفاق مجتمع، وفتاوى مضروبة، والسعي الحثيث لاستخراج شهادة إثبات المرض النفسي لكل قاتل، وتدخلات وجاهات ومشايخ يلجأ إليهم المجرم، فيذهبون إلى ولي أمر الضحية ليقبل بالمقتول، ويعفو عن القاتل.
* حتى الناشطين، تراهم وقد انقسموا.. فريق يتخيل لو كانت الضحية بنته أو أخته، فيطلق عنان الغضب المؤقت، كما أفعل الآن، وقِسم يتساءل مضغوطًا بموروثه المتخلف، وفكره الفاسد، قائلاً: يعلم الله ما فعلت.. أكيد في شيء.. وهكذا دواليك.
* وأما وأنا من أبناء هذه البلاد التي يحركها المزاج، فسأكشف عن رغبتي في أن يكون عقاب كل من يتنمر على امرأة أن يقذف به مربوطًا وسط تظاهرة نسائية غاضبة.. والباقي عليهن.
المصدر: “صحيفة اليمني الأميركي”
Share

التصنيفات: أقــلام,عاجل

Share