من ريف “حجة” إلى “صنعاء”.. شابة يمنية طموحة تنجح في خوض رحلة شاقة
الوحدة: شيماء أحمد الحوثي:
بدأت الشابة اليمنية غالية الحداد، خوض غمار رحلة شاقة من قريتها الواقعة في ريف محافظة حجة إلى الجامعة، متمسكةً بالإيمان في مواجهة التحديات، وتحقيق ما تحلم به بعيداً عن جدران المنزل، والحصول على حقها في مواصلة التعليم الجامعي.
بيئة رافضة
تقول غالية: “في قريتي بمحافظة حجة يُنظر لتعليم البنات كأنه عيب ولا يليق، وكالمعتاد ينتهي المسار بالشهادة الثانوية فحسب ثم الجلوس في المنزل، لكن أنا لم أقبل بهذه العادة المفروضة؛ فتحت مدرسة متواضعة في منزل والدي، أعلم بنات قريتي القرآن الكريم والحروف الهجائية، وكنت دائماً أزرع فيهن الأمل الذي نُحرم منه، كنت أقول بيقين عظيم داخلي: سأدخل الجامعة؛ فكان الرد دائماً هو ضحكات ساخرة تكسر خاطري وبتساؤلات تملئها الاستنكار:” أنتِ تحلمين بالدراسة؟! “.
وتضيف: ” تلك السخرية لم تضعفني بل زادتني إصراراً، كنت أتابع نشرة الأخبار وأصغي للراديو، وأتخيل نفسي إعلامية تنقل الحقيقة، وكنت أقوم في جوف الليل أناجي ربي بدموع داعيةً أن يجعل حلمي حقيقة”.
حرب نفسية
انتقلت غالية إلى صنعاء للالتحاق بكلية الإعلام، جامعة صنعاء، لكنها واجهت حرباً وتضييقاً من بعض أقاربها، فبدلاً من أن يكونوا لها العون والسند، تحولت إلى اتهامات بأن دراستها “عيب” فكانت سنتها الأولى في الجامعة مجرد حرب نفسية لكن مع ذلك تغلبت عليها ونجحت.
تقول غالية “انتقلت لاحقاً للسكن في غرفة عند أستاذة جامعية بحثاً عن الأمان، لكن بعض أقاربي استمروا في ملاحقتي، محاولين الضغط على صاحبة المنزل بطردي منه، ليُعرقلوني بأي بطريقة”.
أيام صعبة
تواصل غالية سرد قصتها قائلة: “مريت بأصعب الأيام حين مرضت والدتي واحتاجت لإجراء عملية جراحية في صنعاء، فكنت مشتتة بين الاختبارات في الجامعة وممرات المستشفى الجمهوري؛ حيث كان أبي وأمي وأختي الصغيرة ذات الست سنوات، ووالدي لايعرف طرقات صنعاء، كنت أخاف عليهم من الضياع ومن وجع المرض، وهنا غاب أقاربي تماماً عن المشهد”.
بعد نجاح العملية لوالدة غالية اشتدت أزمتها الدراسية؛ إذ قامت صاحبة الغرفة التي كانت تستضيفها فيها بإخراجها بضغوط من بعض أقاربها أيضاً، لتجد نفسها وأسرتها في الشارع.
تقول غالية “بكت أمي بحرقة تقول أنها السبب، فقلت لها بقلب يعتصره الألم “لستِ السبب يا أمي”، وحين رأيت اليأس فيني أخبرت والدي أنني سأترك الدراسة، فرد عليّ بكلمات لا تزال عالقةً في أذني: “لو رجعتِ الآن سيكسرون حلمكِ”.
الملاذ الأخير
تٌقر غالية أن السكن الجامعي كان الملاذ الأخير بالنسبة لها، رغم قسوته و”اضطراري في كثير من الأيام للبقاء دون طعام لتوفير المواصلات، إلا أنه كان جنة مقارنةً بما مريت به من معاناة”.
وتردف: “بالأمس القريب توفي جدي، ولم أستطع حتى حضور جنازته وتوديعه، وهو وجع آخر يُضاف إلى قائمة أوجاعي، لكنني
رغم كل شيء سأقف بثبات وأنظر إلى المستقبل بعين الإعلامية التي سأكونها يوماً ما، وقلبي يملئه الإيمان بأن من بدأت رحلتها رغم قيود عادات وتقاليد قريتها، لن تتوقف حتى تصل إلى تحقيق حلمها”.
باتت غالية اليوم على مقربة من تحقيق حلمها، حيث تقول: ” اليوم أنا في سنتي الثالثة بكلية الإعلام، لا زلت أحارب، وأقاوم، وأدرس”.
Comments are closed.