توقعات بجولة حرب جديدة بين اليمن والعدو الإسرائيلي

الوحدة:

أثار إعلان كيان الاحتلال الإسرائيلي اعترافه بإقليم أرض الصومال، ردود فعل سياسية حاسمة من قبل صنعاء، التي نجحت خلال العامين الماضيين بفرض معادلة ردع جديدة في البحر الأحمر، بتمكنها من إيقاف الملاحة “الإسرائيلية” ومنع عبور السفن المرتبطة بـ”تل أبيب”، في تطور مثّل تحولًا استراتيجيًا لافتًا في موازين القوة البحرية، وألحق أضرارًا مباشرة بالتجارة “الإسرائيلية” وخطوط إمدادها، منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى، والدور الذي لعبته اليمن في إسناد المقاومة الفلسطينية خلال حرب الإبادة على غزة.

وعلى الرغم من أن مراقبون قللوا من نتائج الاعتراف “الإسرائيلي” بأرض الصومال، إلاَ أن بعضهم اعتبروا أنه يندرج في سياق استعداد كيان الاحتلال لمواجهة جديدة مع صنعاء، لأن الاعتراف قد يسمح له بإقامة قواعد عسكرية في هذه المنطقة الاستراتيجية، وبالتالي محاولة كسر الحصار الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، وإعادة تشكيل معادلة الردع البحري، بعد أن فقدت “إسرائيل” حرية الملاحة التي كانت تتمتع بها سابقًا.

موقف عدائي

ويأتي تحذير قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، من أي تواجد إسرائيلي في إقليم أرض الصومال، واعتباره هدفًا عسكريًا للقوات المسلحة اليمنية، لكون ذلك عدواناً على الصومال واليمن، وفق البيان الصادر عنه مطلع الأسبوع الجاري.

وأكد أن إعلان العدوّ الإسرائيلي اعترافه بإقليم أرض الصومال ككيان منفصل موقف عدائي يستهدف به الصومال ومحيطه الافريقي ويستهدف به اليمن والبحر الأحمر والبلدان التي على ضفتي البحر الأحمر.

وقال قائد الثورة: “لن نقبل أن يتحول جزءٌ من الصومال إلى موطئ قدمٍ للعدوّ الإسرائيلي على حساب استقلال وسيادة الصومال وأمن الشعب الصومالي وأمن المنطقة والبحر الأحمر”.

وأضاف” ولكن العدوّ الإسرائيلي سيعمل من وراء ذلك إلى توسيع دائرة الاعتراف والتعاون معه من جهات وبلدان أخرى، ويسعى إلى أن يجعل من إقليم أرض الصومال موطئ قدم له لأنشطة عدائية ضد الصومال والبلدان الافريقية واليمن والبلدان العربية وبما يهدد أمن البحر الأحمر وخليج عدن، كما سيعمل على المزيد من التفكيك والتفتيت لبلدان أخرى بنفس الطريقة التي عملها في الصومال”.

ودعا السيد القائد كافة البلدان على ضفتي البحر الأحمر وكذلك العالم العربي والإسلامي لاتخاذ خطوات وإجراءات عملية؛ لمنع العدوّ الإسرائيلي من الاستباحة للصومال وسائر البلدان المسلمة والمستقلة.

تهديد مباشر

بدوره دعا أمين سر المجلس السياسي الأعلى، سليم المغلس، إلى مواجهة أي تواجد للعدو الإسرائيلي في أرض الصومال.

وأكد المغلس في تغريدة على حسابه بموقع “إكس”، تابعتها “الوحدة”، على أنه “يجب مواجهة أي تواجد للعدو الاسرائيلي في أرض الصومال”.

وأضاف: إذا أعلن العرب في بياناتهم ما أعلنه السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله من أن أي تواجد للعدو هدفاً عسكرياً للقوات اليمنية، سيوقفون هذا المخطط الصهيو-أمريكي في المنطقة.

ونوه بأن التحرك الدبلوماسي فقط لن يغير من الأمر شيء.

وكان المغلس اعتبر في تغريدة أخرى، أن “أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال هو اختراق استراتيجي للأمن القومي العربي، ويشكل تهديدًا مباشرًا للملاحة العربية في باب المندب والبحر الأحمر، ويمس قناة السويس وأمن الخليج والجزيرة العربية دفعة واحدة. ويستهدف العمق العربي في افريقيا “.

وتساءل: ” اين العرب أمام تهديد خطير للأمن القومي العربي”.

نقطة سيطرة

وتسعى إسرائيل لأن يكون لها موطئ قدم في أرض الصومال، لتجعل منها نقطة انطلاق لإحكام سيطرتها على البحر الأحمر وعلى المنطقة بأكملها، وتكرار ذلك في بلدان أخرى، والعرب جميعاً سيكتوون بنيران العدو الاسرائيلي إن لم يستيقظوا؛ وفق ما أكده عضو المكتب السياسي لأنصار الله، عبدالله النعمي، في تغريدة على حسابه بموقع “إكس”، رصدتها “الوحدة”.

وأضاف: “عندما كان السيد القائد يحفظه الله يؤكد أن الموقف مع غزة هو أيضا موقف لمواجهة الخطر الاسرائيلي الذي يستهدفنا جميعاً، وأنه لولا المقاومة الفلسطينية لوسعت إسرائيل استهداف دول المنطقة، هاهو اليوم يظهر ذلك جلياً في أرض الصومال، فالمقاومة في فلسطين ولبنان تدافع نيابة عنا جميعاً”.

خطوة خطيرة

وفي سياق ردود الفعل، أكدت أحزاب اللقاء المشترك أن إعلان العدو الصهيوني الاعتراف بإقليم ما يسمى “أرض الصومال”، يمثل خطوة عدوانية خطيرة تستهدف الصومال واليمن والمنطقة بأسرها، وتندرج ضمن مخطط صهيوني توسعي يسعى إلى إيجاد موطئ قدم له في القرن الأفريقي وباب المندب، بما يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي والإقليمي، ويخدم مشاريع الهيمنة والعدوان.

وفي الوقت الذي أدانت فيه هذا الاعتراف، أعلنت تأييدها الكامل لما جاء في مضامين بيان السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، بما تضمنه من مواقف قوية ومسؤولة إزاء هذه الخطوة الخطيرة، ودعت الدول العربية والمشاطئة للبحر الأحمر إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية والأخلاقية، واتخاذ مواقف عملية فاعلة ومؤثرة رفضا للاعتراف الصهيوني، والتصدي لمخططاته العدوانية التي تستهدف الأمة ومقدراتها.

فيما اعتبر تحالف الأحزاب والقوى السياسية المناهضة للعدوان أن الخطوة العدوانية الصهيونية المتمثلة في إعلان الاعتراف بما يسمى “إقليم أرض الصومال” ككيان منفصل، تٌعد سلوكاً عدوانياً سافراً يستهدف سيادة الصومال ووحدة أراضيه، ويمتد خطره ليطال اليمن والبحر الأحمر وخليج عدن، وأمن المنطقة العربية والإفريقية برمتها.

وأوضح أنه يأتي في سياق مشروع استعماري تفتيتي ممنهج، يهدف إلى إيجاد موطئ قدم للعدو الإسرائيلي في القرن الإفريقي، واستكمال حلقات الحصار والتهديد للأمة، ضمن ما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الجديد، وهو مشروع لا يستهدف دولة بعينها، بل يستهدف سيادة الدول واستقلالها ووحدة شعوبها.

وثمّن الموقف المبدئي والشجاع الذي أعلنه قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي باعتبار أي تواجد إسرائيلي في إقليم أرض الصومال عدواناً مباشراً، وتهديداً لأمن اليمن والمنطقة والبحر الأحمر، مؤكداً أن الردع الصارم هو اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو الصهيوني، وأن التخاذل والتواطؤ لا يؤديان إلا إلى مزيد من الاستباحة والعدوان.

ودعا كل القوى الحرة في الأمة العربية والإسلامية، وكل الدول المطلة على البحر الأحمر، إلى اتخاذ خطوات عملية وجادة، سياسياً وإعلامياً ودبلوماسياً، لمواجهة هذا المشروع الصهيوني الخطير، والانتصار لسيادة الدول وكرامة الشعوب.

تأييد قبلي للقرار

بدورها سارعت عدد من القبائل اليمنية، الإعلان عن تأييدها لقرار قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي، باستهداف أي تواجد صهيوني في إقليم أرض الصومال.

وأكدت القبائل في محافظات صنعاء وعمران وصعدة والمحويت وحجة والجوف وريمة وذمار، خلال لقاءات وحشود واسعة، وقوفها مع إعلان السيد القائد بشأن الصومال، مشيرةً إلى جهوزيتها في دعم القوات المسلحة في استعداداتها العسكرية لمواجهة أي تصعيد أمريكي إسرائيلي جديد.

معركة قادمة

وتتزايد المؤشرات السياسية والعسكرية التي توحي باندلاع جولة حرب قادمة بين “إسرائيل” واليمن، تؤكدها التصريحات المعلنة والتحركات الميدانية التي جاءت عقب إعلان كيان الاحتلال الإسرائيلي اعترافه بإقليم أرض الصومال، بعد عقود من انفصاله عن الصومال الموحدة، وتحديداً منذ عام 1991، دون أن يحظى بأي اعتراف دولي، الأمر الذي وصفه مراقبون بأنه تطورًا لافتًا في مشهد إقليمي متشابك، تتقاطع فيه ملفات البحر الأحمر واليمن، وتتداخل فيه صراعات النفوذ بين أطراف إقليمية ودولية تخوض تنافسًا خفيًا على الجغرافيا والثروة، وتسعى لإعادة التموضع في القرن الأفريقي، أحد أكثر الأقاليم حساسية في الجغرافيا السياسية العالمية.

وأصبح الاحتلال أول كيان يمنح الإقليم الانفصالي شرعية سياسية؛ فقد وصفت وسائل إعلام عبرية إعلان الكيان اعترافه بصومال لاند بـ “الاختراق الاستراتيجي”.

ويقع إقليم صومال لاند على الساحل الجنوبي للبحر الأحمر، مقابل السواحل اليمنية مباشرة، في منطقة تتحكم بأحد أهم الممرات البحرية العالمية التي تربط آسيا بأوروبا، ما يمنحه قيمة استراتيجية مضاعفة، خصوصًا في ظل سيطرة قوات صنعاء على مساحات واسعة من شمال وغرب اليمن، وما رافق ذلك من استهدافات متكررة للملاحة المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

 

Comments are closed.

اهم الاخبار