من صنعاء إلى غزة.. القرارات الأممية مؤشرات على تزايد التصعيد الإقليمي

عبد الرزاق الباشا

اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2801 لتمديد العقوبات المفروضة على اليمن لمدة عام حتى نوفمبر 2026، وقد قوبل برفض قاطع من صنعاء عاصمة اليمن.. التي اعتبرت القرار امتدادًا لسياسات “العدوان” على اليمن ونتاجًا مباشرًا للنفوذ الأميركي والبريطاني داخل مجلس الأمن…هذا الرفض لم يكن مجرد موقف سياسي، بل جاء على خلفية الثبات والصمود منذ بداية العدوان على اليمن ..

وكانت خطابات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي منذ بداية العدوان ومازالت حتى الآن على موقف ثابت وهو الدفاع عن الوطن ومناصرة القضية الفلسطينية ووقف العدوان والأعمال الإجرامية على غزة …

إضافة الى بياناً للمكتب السياسي لأنصار الله – الذي استنكر بشدة تجديد العقوبات على اليمن وعبّر عن رفضه لهذا القرار، واعتبره انعكاساً للأجندة الأميركية والبريطانية.. وأكد انه لن يتعاطى مع لجنة الخبراء.. لأنها تقدم تقارير مليئة بالمغالطات.. وأنه سيواصل الدفاع عن مصالح اليمن بكل الوسائل المشروعة …هذا الموقف اليمني الصارم والصادق يعكس بكل شجاعة:

-رفض العقوبات الدولية واعتبارها أداة سياسية بيد الاعداء.

-محاولة لتأطير الصراع ضمن سياق أوسع من المواجهة مع “الهيمنة الغربية”.

-التأكيد على الاستقلالية السياسية ورفض الضغوط الدولية، حتى من قبل مجلس الأمن والدول الكبرى.

عسكرة البحر الأحمر:

لم يتوقف اليمنيون عند هذا الأمر فحسب .. بل كان  هناك وقفات شعبية لتعزيز الجاهزية في مواجهة التآمر الأمريكي الصهيوني السعودي والاماراتي وعسكرة البحر الاحمر ..التي انطلقت مناورات تحت مسمى “الموج الأحمر 8” في بداية شهر نوفمبر 2025م بالسعودية ..وتحت غطاء  المناورات والتعاون الأمني في ظل تصاعد التوترات الإقليمية خاصة علي اليمن وغزة…التي تهدف إلى تعزيز السيطرة الامريكية والبريطانية  والخليجية على البحر الأحمر عبر إنشاء ما يسمونه (بنية أمنية مشتركة) تُدار من الرياض والامارات  وتُشرعن التدخلات العسكرية تحت مسمى “الأمن البحري”…من اجل تحجيم الدور اليمني المناهض للكيان الصهيوني خاصة بعد تصاعد عمليات قوات البحرية اليمنية  ضد السفن المرتبطة بالعدو الصهيوني.

ولكن هنا يطرأ التساؤل:

هل سينجح مشروع عسكرة البحر الأحمر وماذا عن مصير مصر المشاركة فيه .. الذي حذر الكثير من المحليين السياسيين بأن مصر تلف على عنقها حبل مشنقة الحصار؟

الإجابة بكل اختصار:

النجاح ليس مضمونًا لأن المنطقة تعيش حالة غليان سياسي وأمني  خاصة مع الحرب على غزة التي أعادت تشكيل المزاج الشعبي والإقليمي ضد التطبيع والتدخلات الغربية.

ولم تعد اليمن ساحة فارغة خاصة بعد أن امتلكت قوات ردع بحرية..وقد أثبتت ذلك عند طرد أقوى الاساطيل البحرية وحاملات الطائرات الامريكية إيزنهاور واخواتها في الفترة السابقة القريبة .

التي دعت امريكا في نهاية المطاف إلى عقد اتفاق ومعاهدات مع قوات صنعاء وانسحابها من المياه الإقليمية اليمنية وعدم الحرب على اليمن .

*أمًا فيما يخص مصر قد تُستخدم عسكرة البحر الأحمر لاحقًا كأداة ضغط على مصر نفسها سواء اقتصاديًا أو سياسيًا، خاصة إذا تحولت السيطرة إلى يد غير عربية وتجرها إلى مواجهات غير محسوبة وتضعها في موقف متناقض بين دعم غزة من جهة والمشاركة في ترتيبات أمنية مع دول تطبع مع العدو الاسرائيلي من جهة أخرى.

وباختصار ما يجري هو إعادة تشكيل أمن البحر الأحمر وفق أجندة دولية وإقليمية لا تراعي مصالح الشعوب ولا سيادة الدول ومصر وغيرها من المشاركين قد يجدون أنفسهم لاحقًا أدوات في مشروع أكبر من قدرتهم على التحكم فيه .

-موقف المقاومة الفلسطينية من القرار 2803 :

بالنسبة لفصائل المقاومة الفلسطينية ترى في قرار مجلس الأمن 2803 محاولة لإعادة إنتاج الاحتلال بصيغة دولية عبر فرض وصاية أمنية وسياسية على غزة… تُفرغ المقاومة من مضمونها وتُشرعن نتائج العدوان الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية.. تحت غطاء السلام المكذوب (مجلس السلام ) الذي يترأسه الرئيس الأمريكي المجرم  دونالد ترامب

ليُعزز الهيمنة الأمريكية على القرار الفلسطيني …الذي رأت من خلاله جمهورية ايران الاسلامية تكريس الاحتلال بدلًا من إنهائه، ويُقصي قوى المقاومة التي تمثل شريحة واسعة من الشعب الفلسطيني..

التوجس الدولي ما يخص قراري 2801 و2803:

اما بالنسبة للتوجس الدولي ما يخص قرارات مجلس الأمن الدولي الخاص باليمن 2801 ..و2803 الخاص بغزة ، فقد أستقر على 13 عضواً بالموافقة وامتناع روسيا والصين عن التصويت الذي يعكس برودًا استراتيجيًا لا يتجاوز حدود التوازنات الجيوسياسية دون تبنٍ فعلي لموقف إنساني حاسم تجاه ما يجري في اليمن وغزة. هذا الصمت يُقرأ كدليل على أن المصالح تتقدم على المبادئ.. حتى لدى القوى التي تدّعي معارضة الهيمنة الغربية وغطرستها في المنطقة والعالم ..

ختاماً نقول في ظل المعطيات الراهنة وقرارات مجلس الأمن الأخيرة (2801 و2803) وتكثيف عسكرة البحر الأحمر، إلى جانب الرفض الصريح من قوى محور المقاومة (اليمن وغزة ولبنان وإيران وحلفائها) تتزايد مؤشرات التصعيد الإقليمي.. فهذه التحركات تُقرأ في محور المقاومة كاستفزاز مباشر ومحاولة لتطويق نفوذه.. ما يرفع احتمالات الرد بأساليب غير تقليدية .. تشمل تصعيدًا عسكريًا في اليمن وتوتر الجبهات في لبنان وتنشيط الساحات العراقية.. ورداً ايرانياً حاسماً واستهداف المصالح الغربية في المنطقة.. التي تقف على حافة تصعيد متعدد الجبهات.. خاصة في ظل الانحياز الغربي الصارخ للكيان الصهيوني والتواطؤ العربي الرسمي.. ما قد يدفع محور المقاومة إلى توسيع دائرة الاشتباك ضمن استراتيجية وحدة الساحات.. لتغيير قواعد الحرب وفرض معادلات ردع جديدة.

 

والله من وراء القصد..

Comments are closed.

اهم الاخبار