ياسر الزعاترة* : من الآخر ..
هذه خطّـــة حقيرة صاغها ذراع نتنياهو (رون ديرمر) بالتعاون مع “ويتكوف” و”كوشنر”!
بعض صحفييهم أكّدوا ذلك.
خطّة تريد أن تأخذ بـ”بلطجة” ترامب و”تهويشه” على أنظمة عربية وإسلامية، ما عجز “الكيان” عن أخذه خلال عاميْن من الإبادة.
هي لا تريد الأسرى خلال 72 ساعة فقط، بل تريد بعد ذلك تصفية القضية الفلسطينية، وفتح الباب أم التوسّع والهيْمنة أيضا.
خـطّة صاغها عقل شيطاني، تريد استعادة ما خسره الغُزاة خلال عامين من الإبادة، وتفتح المجال أمام تحقيق أحلام نتنياهو بأن يكون “تشرشل”؛ هو الذي يقول له قومه كل يوم بأنه الزعيم الأسوأ طوال تاريخهم!
إذا أراد عرب ومسلمون أن يقبلوها تحت وطأة التهديد والوعيد (وبعض فُتات الوعود)، فليتحمّلوا الوزر أمام شعوبهم والأمّة، ولكن ليس على “حماس” أن تقبلها، لا سيما أنها لا تَعدها بأي شيء غير السحق، ومعها سحق القضية برمّتها، عبر اشتراط تغيير كل شيء، بما في ذلك مناهج المدارس.
إن ما يحدث في الضفة الغربية والقدس هو الدليل الأكبر على أن الأمر لا يتعلّق بـ”حماس” وسلاحها فقط، بل بتصفية القضية، وللتذكير، فصاحب هذه الخطّة (مجازا، لأن آخرين كتبوها) لم يتردّد بالأمس في التباهي بأنه هو من اعترف بالقدس عاصمة لـ”الكيان”، واعترف بضمّ الجولان. هل لصاحب هذا المنطق أيّ صلة بمسار السلام أو ما يُسمّى حلّ الدولتين.
هامش: لمن سيتباكون بصدق أو بكذب على وضع الناس، ها هو بند 17 في الخطّة يقول: “في حال تأخّرت حماس أو رفضت الخطة، ستنفذ المساعدات وإعادة الإعمار في المناطق الخالية من الإرهاب التي تنقلها إسرائيل إلى قوة الاستقرار”. إذا كان الأمر كذلك، فلماذا تضطر الحركة إلى التوقيع على وثيقة حقيرة تتجاوزها إلى صهْينة المنطقة، فتمنح المبرّرات للمتصهْينين والمهزومين.
خذوا هذا المثال أدناه، كتأكيد على ما نقول:
نتحدث عن بند تافه في الخطّــة سيُسوَّق كثمن لتطبيع غير المُطبّعين، وتعرفون ما بعد ذلك!!
إنه بند 19 الذي يقول:
“مع تقدّم إعادة إعمار غزة وإصلاحات السلطة الفلسطينية، قد تتهيأ الظروف لمسار موثوق نحو تقرير مصير الفلسطينيين وإقامة دولة، وهو ما ندرك أنه طموح الشعب الفلسطيني”.
لاحظ كلمة (قد)!
إذا كانت كلمات على شاكلة “يلتزم”، و”يؤكّد” و”يتعهّد”، ما لبثت أن تبخّرت في ممارسات الغُزاة، فهل ستصلح (قد) في تحقيق “الطموح”؟!
لن يحدث أبدا، لا سيما أن هناك قرار إجماع في “الكنيست” برفض الدولة الفلسطينية. والنتيجة هي تواصل الاستيطان والتهويد، وكذا الضمّ والتهجير، بل حتى التوسّع والهيْمنة، ما لم تجد الأمّة طريقا جديدا يكون أكثر وفاء لـ”الطوفان” وشهدائه، وهي ستجد بإذن الله.. هذا ما يقوله تاريخها، ولعل في المخاض الإقليمي والعالمي ما يجعل ذلك أكثر ترجيحا.
الخلاصة هي أن نتنياهو في مأزق داخلي وخارجي (ومعه “كيانه”)، وترامب أيضا كما ذكرنا بالأمس، وهذه الخطّة هي لإنقاذ الأول، بجانب إخراج الثاني من مأزق الشراكة في حرب إبادة تراجع عن تأييدها أقرب حلفائه، وأضف مسعاه لإرضاء الصهاينة (قد تحضر تسجيلات إبستين هنا)، وحلفائهم الإنجيليين.
نحن في النهاية مع أي قرار يأخذه قادة “حماس”، لكن الأمانة تقتضي أن نقول ما نعتقده صوابا، وندعو الله أن يُلهمهم السداد، وهُم يواجهون معادلة خذلان لم يسبق لها مثيل منذ بداية الحرب. والمصيبة أنها تأتي في وقت يموج فيه العالم ضد عربدة “الكيان”، وتغدو فيه فلسطين أيقونة الأحرار بلا منازع.
- كاتب ومحلل سياسي فلسطيني
Comments are closed.