حاضرة في وجدان اليمنيين.. الثورة السبتمبرية فتحت آفاقا جديدة للسيادة الوطنية
خالد الصايدي
تظل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 إحدى أهم المحطات التاريخية في اليمن، إذ مثّلت لحظة انطلاق لمشروع وطني واسع حمل أحلام التحرر والسيادة وبناء الدولة، وبرغم ما تعرضت له من مؤامرات وانتكاسات، إلا أن مبادئها لا تزال حاضرة في وجدان اليمنيين، وتشكّل مرجعية للثورات اللاحقة، بما فيها ثورة 21 سبتمبر 2014 التي اعتُبرت امتداداً لمسار التصحيح الوطني.
أفق الحرية
المحلل والكاتب السياسي سند الصيادي أكد أن “ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 شكّلت منعطفاً تاريخياً في مسيرة اليمن الحديث، إذ نقلت الشعب اليمني من واقع العزلة والتخلف والوصاية إلى أفق جديد من الحرية والكرامة والسيادة الوطنية”.
وأضاف الصيادي في حديثه لـ( الوحدة ) أن “الثورة ورغم العثرات التي تعرضت لها نتيجة المؤامرات وركوب قوى إقليمية موجتها، فقد زرعت في الوعي الجمعي لليمنيين قيمة الانتماء للوطن، ورسخت فكرة المواطنة المتساوية، وفتحت المجال أمام بناء دولة حديثة قائمة على مبادئ العدالة والمساواة والحرية”.
الصيادي: ثورة سبتمبر رسخت المواطنة في وجدان اليمنيين
وأكد الصيادي “أن هذه القيم انعكست على وعي الأجيال المتعاقبة، وألهمت الثورات اللاحقة كما هو حال ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر التي اعتبرها امتداداً طبيعياً لها، حيث أصبح الحديث عن الجمهورية والحرية والتعليم والتنمية جزءاً أصيلاً من طموحات الناس وخطابهم اليومي”
مشيرا إلى أن “ثورة سبتمبر ما تزال كحافز دائم لمواصلة النضال من أجل التحرر الوطني وصيانة السيادة ومواجهة كل أشكال الاستبداد والتبعية”.
ولفت الصيادي إلى “أن المبادئ الستة التي قامت عليها الثورة – الحرية، العدالة، المساواة، الوحدة، الاستقلال، والتنمية – ما تزال تمثل مرجعاً أساسياً لكل الثورات التي تلتها، ويُحتكم إليها في النقاشات الوطنية، رغم ما واجهته البلاد من تحديات وصراعات”.
مفاهيم وطنية جديدة
من جانبه، قال القيادي الجنوبي سمير المسني إن “إسقاطات الفكر الوطني لثورة 26 سبتمبر حملت في بدايتها الأولى ومبادئها وعيا وطنيا وبلورت مفاهيم جديدة أثرت بشكل أو بآخر على مستوى الفكر الوطني لليمنيين، وساهمت في تصويب مسار الثوابت الوطنية والانتماء الوطني تماشياً مع المناخ السياسي والفكري الذي كان يسود المنطقة العربية وبروز الأفكار التحررية الداعية للانعتاق من التسلط والهيمنة الفكرية والخروج من عباءة فرض السياسة ذات التوجه الأحادي المسار.
وأضاف المسني في حديثه لـ( الوحدة) أن “الثورة أرست مفاهيم وطنية جديدة أساسها إشراك الجماهير في إدارة وصياغة القوانين التي تصب في مصلحة استقرار وتنمية الفكر والوعي السياسي بعيداً عن الوصاية الخارجية، والحفاظ على مقدرات وثروات الوطن ووحدة أراضيه، وبناء جيش وطني وتطوير قدراته القتالية للدفاع عن مكتسبات ومنجزات الثورة الوليدة.
المسني: الثورة السبتمبرية صوبت مسار الثوابت الوطنية والانتماء
وتابع قائلاً “إن المؤامرات الخارجية والداخلية تسببت بانقلاب الثورة على نفسها، وأضحت المفاهيم الثورية الوطنية تتآكل من الداخل، حتى أصبحت مجرد حبر على ورق”. موضحا “أن النظام السابق عمل على إفراغ تلك المضامين الوطنية واستبدالها بمفاهيم تتوافق مع أجندات وسيناريوهات القوى الخارجية، حتى أصبحت مفاهيم العمالة والخيانة هي السائدة، ما أدى إلى تدمير النسيج المجتمعي ونسف الوحدة المجتمعية، وتحويل القوات المسلحة إلى مليشيات عائلية، والتفريط بوحدة الأرض والإنسان”.
وأكد المسني أنه “لا نريد في هذا السياق أن نحجم من منجزات الثورة السبتمبرية، لكن هذا هو الواقع الذي فرض بسبب أنظمة عميلة ساعدت على حرف بوصلة الوعي والفكر الوطني وفرضته كمنهجية تعايش ومفاهيم سلطوية هدفها التكسب على حساب معاناة الشعب والوطن.
٢١ سبتمبر وتصحيح المسار
أما الدكتور خالد السبئي، عضو مجلس الشورى، فقد قال “إن اليمن تحتفل في 21 سبتمبر 2025 بذكرى ثورة 21 سبتمبر الخالدة، التي انطلقت في عام 2014 كحركة ثورية يمنية لتصحيح مسار ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر وغيرهما من الثورات اليمنية التي قامت لتحقيق تطلعات الشعب اليمني في الحرية والاستقلال والمساواة والديمقراطية والرخاء الاقتصادي والتنموي والخدمي والسياسي والاجتماعي والثقافي”.
وأوضح السبئي في حديثه لـ( الوحدة) ” أن هذه الثورات رغم أهدافها النبيلة، تعرضت لمؤامرات محلية وإقليمية ودولية أجهضت مكاسبها وحولت أهدافها إلى شعارات جوفاء لخدمة مصالح العصابات والتدخلات الخارجية”.
السبئي: ثورة ٢١ سبتمبر امتداد لثورة 26 سبتمبر
مضيفا ” أن ثورة 21 سبتمبر واجهت منذ لحظتها الأولى عدواناً شرساً استهدف الأرض والإنسان عبر أدوات محلية وإقليمية ودولية، لكن بفضل القيادة الثورية والسياسية الحكيمة ممثلة بقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وفخامة الرئيس مهدي المشاط، تمكنت اليمن من تحقيق إنجازات كبيرة، خصوصاً في إعادة بناء وتسليح القوات المسلحة بأيادٍ يمنية وتصنيع السلاح وتطوير القدرات الدفاعية.
وأشار إلى أن اليمن أصبحت اليوم قوة فاعلة في المنطقة تدعم مظلومية أشقائها في فلسطين، خصوصاً في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ولم تتردد في نصرة المظلومين رغم استمرار الاستهداف اليومي. ودعا إلى تعزيز الوحدة الوطنية والعمل المشترك لبناء دولة مدنية قوية تقوم على أسس العدالة والمساواة.
أم الثورات
أما الكاتب عبد الرقيب البليط فقد أشار إلى ” أن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962 تعتبر أم الثورات اليمنية 14 أكتوبر 1963 و21 سبتمبر 2014م”.
وأضاف البليط في حديثه لـ( الوحدة) أن مبادئ الثورة الوطنية حاضرة وبكل قوة في الواقع السياسي والاجتماعي وبكل أهدافها التي نشأت عليها، ولو لم تكن حاضرة لكانت فوضى الربيع العبري استطاعت محوها ومحو أهدافها، التي كانت مليشيات المرتزقة تعمل على طمسها، بناء على تعليمات العدوان الصهيوأمريكي البريطاني والسعودي والإماراتي والقطري، الذي كان يسعى لتقسيم اليمن وشعبها لعدة دويلات صغيرة تنشب فيها الصراعات والحروب المختلفة نتيجة بث الضغائن والأحقاد والعنصرية والطائفية والمذهبية والحزبية.
البليط: ثورة ٢٦ سبتمبر أم الثورات اليمنية
وأكد البليط أن الوعي الوطني لدى الشعب اليمني استطاع أن يهزم ويفشل كل تلك المخططات والمؤامرات، ولو لم يكن الشعب متحلياً بإيمانه وبقرآنه والإسلام ووطنيته لما كان وقف وساند ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر.
ولفت إلى أن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر جاءت لتصحيح المسار لثورتي الـ26 من سبتمبر عام 1962 والـ14 من أكتوبر 1963، والعمل على تحقيق أهدافها بشكلها الصحيح والتخلص من التبعية والوصاية الداخلية والخارجية التي كانت تمارس من قبل أمريكا والسعودية، حيث كانت تتحكم في العديد من الشئون السياسية والعسكرية ومختلف المجالات الأخرى حتى يظل اليمن وشعبه رهناً لهيمنتهم الاحتلالية والاستعمارية.
Comments are closed.