محمد الوجيه : صمت مرير.. قيادات “الإصلاح” اليمني بين الرياض وحماس
هناك حقد وغضب لدى جمهور وقاعدة حزب الإصلاح في اليمن من مواقف أنصار الله تجاه القضية الفلسطينية.
منذ اندلاع عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، يلف صمت فاضح لسان كثير من قيادات حزب الإصلاح اليمني (الذراع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين)، في ما يتعلق بتأييد أو مدح أو الإشادة العلنية بمواقف وبطولات حركة حماس وهم من تشدقوا لعقود من الزمن بالقضية الفلسطينية وسرقوا جيوب المواطنين اليمنيين لسنوات طويلة بحجة دعم حماس، اليوم هذا الصمت ليس عفويا، بل هو نتاج لمعادلة سياسية ارتزاقية وقاسية تفرضها الجغرافيا السياسية الراهنة.
السبب الرئيسي يكمن في الموقع الجغرافي لمقر كثير من هذه القيادات (الرياض)، فمع استمرار العدوان على اليمن، وجد عدد كبير من قادة الإصلاح أنفسهم مقيمين في العاصمة السعودية، لأسباب ارتزاقية تتعلق بالعمل السياسي والدبلوماسي وهنا تكمن المعضلة.
فالسعودية أداة استراتيجية رئيسية للغرب وفي مواجهة معلنة مع إيران (الحليف الإقليمي الرئيسي لحماس)، تتخذ موقفا معاديا للغاية من حماس وتعتبرها حركة إرهابية لذلك لو صدر تصريح علني “نفعي” من قيادي إصلاحي مقيم في الرياض يمجد حماس قد يفسر على أنه تجاوز للخط الأحمر السعودي، مما يعرض وجود ذلك القيادي وأهمية موقعه للخطر الكبير.
النتيجة هي “رقصة على حبل مشدود”: تجنب أي حديث عن حماس والمقاومة بشكل عام، هذا الصمت أو التلطيف في الخطاب لا يمر دون ملاحظة داخل أوساط الحزب وأنصاره، مما يخلق إحباطا وشعورا بالتناقض والتبعية.
هذا المشهد هو نموذج صارخ لكيفية تشكيل المنفى والاعتماد على القوى الإقليمية لصياغة مواقف وأصوات الأحزاب السياسية، إنه يظهر الثمن الباهظ الذي قد تدفعه المبادئ عندما تصطدم بمتطلبات البقاء السياسي والجغرافي.
صمت قيادات الإصلاح في الرياض ليس مجرد صمت عن حماس، بل هو تعبير صارخ عن مأزق الإرتزاق والتبعية العمياء، وكذلك تعبير عن القوة الناعمة السعودية وتأثيرها في تشكيل الخطاب السياسي.
Comments are closed.