القدرات النووية بنية أعمق من أن تُقصف .. إيران تنتصر
إدارة التحقيقات:
تحت شعار “احتفال النصر”.. حشود غفيرة من الإيرانيين احتفلت في العاصمة طهران، دعماً للقوات المسلحة الإيرانية والحرس الثوري الإيراني، بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار بين إيران و”إسرائيل”.
الحرب التي توقفت بعد 12 يوما، بضغط من الرئيس ترامب على نتنياهو للقبول بوقف إطلاق النار، ومن ثم قبول إيران بوساطة قطرية، ورغم الخسائر التي لحقت بإيران، من استشهاد قادة عسكريين وعلماء في المجال النووي، إلا أن الجمهورية الإسلامية واجهت العدوان بثبات، وحولت الضربة إلى فرصة لرد حاسم ومزلزل وغير مسبوق، كشف زيف هيبة الكيان الذي طالما تبجح بأنه لا يقهر، وحول إسرائيل من “نمر مفترس” إلى “نمر من ورق”، رغم عقود من الدعم الأمريكي والأوروبي، في إطار ما سُمي بمشروع “إسرائيل الكبرى”، وفق ما أكده خبراء عسكريون واستراتيجيون.
سقوط السردية الصهيونية
يقول نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة اليمنية، العميد عبد الله بن عامر، أن العدوان الإسرائيلي على إيران فشل في تحقيق أهدافه على الرغم من استخدام أضخم القدرات الجوية والاستخباراتية الغربية، مؤكدًا أن الجمهورية الإسلامية استطاعت رسم قواعد ردع جديدة.
وأكد عامر في تغريده بمنصة “أكس” تابعتها “الوحدة” أن إيران خرجت من هذه المعركة بمكاسب استراتيجية غير مسبوقة، تمثلت في سقوط السردية الصهيونية، و “فشل الأهداف الخفية، وانتصار المعادلة الردعية الصاروخية”.
مبينا أن الحقيقة الثابتة اليوم أمام الغرب أن نظام الجمهورية الاسلامية في إيران ما زال قائماً، وهي الحقيقة الأكثر مدعاة للقلق لديهم، فالبرنامجان النووي والبالستي هما شمّاعتا الحرب العدوانية التي شنتها إسرائيل وأميركا بسببها على إيران.
ويجزم بن عامر، بأن إيران تمكنت من قلب المعادلة والرد بسيناريو عسكري معقد، فرضت فيه صواريخها المحلية هيمنتها على سلاح الجو المدعوم بغرف عمليات غربية مشتركة.
وخلص إلى القول “أن هذا العدوان مثّل اختبارًا واقعيا للصناعة العسكرية الغربية نفسها، التي عجزت عن حسم المواجهة أمام التصميم السياسي والعسكري الإيراني، ما يفتح الباب أمام معادلة إقليمية جديدة تُكتب بلغة المقاومة والصواريخ، لا بالطائرات وقواعد الهيمنة.
حصيلة جديدة لضحايا العدوان الصهيوني
وفي فجر 13 يونيو 2025، شنّت إسرائيل عدوانا واسع النطاق على الجمهورية الإسلامية في إيران حملت اسم “الأسد الصاعد”، استهدفت خلالها عشرات المواقع داخل الأراضي الإيرانية، من بينها منشآت نووية ومنصات صاروخية، بالإضافة إلى مراكز قيادة وأبحاث عسكرية، وأسفرت الضربات عن ارتقاء شهداء من كبار الضباط في الحرس الثوري الإيراني، إلى جانب علماء نوويين بارزين.
ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي على إيران إلى 935 شهيدا ومصابا
وفي حصيلة جديدة لضحايا العدوان الصهيوني، صرح المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، أصغر جهانكير، بأن الهجمات الإسرائيلية على إيران أسفرت عن مقتل 935 شخصًا، بينهم 38 طفلًا، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) أمس الأول الاثنين.
كم بلغت خسائر الاحتلال من الصواريخ الإيرانية؟
كشفت تقارير إعلامية واقتصادية إسرائيلية أن الحرب مع إيران التي استمرت 12 يوماً ألحقت بالاقتصاد الإسرائيلي خسائر مباشرة قدرها 12 مليار دولار، مع توقعات بارتفاعها إلى 20 مليار دولار عند احتساب الأضرار غير المباشرة.
وتتوزع هذه الخسائر بين النفقات العسكرية والأضرار الناجمة عن الضربات الصاروخية وتكاليف إعادة الإعمار والتعويضات.
في سياق متصل، كشفت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، الإثنين، عن أعداد غير مسبوقة من المصابين من جراء الصواريخ الإيرانية خلال الحرب على إيران والتي استمرت 12 يوماً.
وقالت الصحيفة نقلاً عن وزارة صحة الاحتلال إنه خلال الحرب مع إيران، وصل إلى المستشفيات نحو 3345 جريحاً.
وفي مجال الصحة النفسية، ارتفع عدد الطلبات من مصابي الصدمات النفسيّة من القدامى والجدد خلال الحرب ضد إيران.
وأشارت الصحيفة إلى أنه جرى إجلاء 11,070 مستوطناً، وإيواؤهم في 97 موقع استقبال في أرجاء ” الكيان الصهيوني”.
ووفق “معاريف” فإنّه “لا يزال آلاف الإسرائيليين مقيمين في فنادق من دون أفق واضح للعودة في المدى القريب”.
3 مليارات دولار خسائر الاحتلال المباشرة في حربها مع إيران
وفي وقت سابق، نقل موقع “بلومبرغ” الأميركي، أن تكلفة الأضرار التي تكبّدتها “تل أبيب” خلال الحرب مع إيران، تقدّر بـ 10 مليارات شيكل، أي نحو 3 مليارات دولار، فيما صرّح وزير مالية الاحتلال المتطرف الصهيوني بتسلئيل سموتريتش، بأن إجمالي الخسائر قد يصل إلى 12 مليار دولار.
وبحسب “بلومبيرغ”، فإن الحرب مع إيران كانت أكثر كلفة مقارنة بالحروب السابقة مع حماس في غزة أو حزب الله في لبنان، بسبب عاملين رئيسيين: الأول أن الهجمات الإيرانية استهدفت مدناً مكتظة بالسكان في وسط فلسطين المحتلة، تضم قرابة 50% من سكان الكيان، مقارنة بالمجتمعات الصغيرة والريفية التي كانت تتعرض لهجمات حماس وحزب الله.
والثاني أن صواريخ إيران تتمتع بقوة تدميرية أكبر، إذ تحمل بعضها شحنات تفجيرية تصل إلى 500 كيلوغرام، وتُطلق شظايا قاتلة عند الاصطدام.
معهد وايزمان
ومن بين الأهداف التي تعرضت لأضرار جسيمة معهد وايزمان للعلوم، وبحسب البيانات التي عرضها مسؤولو المعهد أمام لجنة المالية في حكومة الاحتلال، فقد أسفر سقوط صاروخين إيرانيين بشكل مباشر على منشآت معهد وايزمان عن توقف أكثر من خُمس الأبحاث الجارية، وسط تقديرات أولية للأضرار المادية تتراوح بين 1.5 و2 مليار شيكل.
وتشير الأرقام الرسمية إلى تضرر 112 مبنى، منها 60 مختبراً علمياً و52 مبنى سكنياً، في حين دُمر بالكامل 52 مختبراً بحثياً و6 مختبرات خدمات، مما أدى إلى شلل جزئي في أعمال المعهد البحثية.
وفي الوقت نفسه، تعرّضت جامعة بن غوريون في بئر السبع لأضرار تُقدّر بما بين 200 و400 مليون شيكل، نتيجة الهجوم الصاروخي، كما تعرضت أكبر مصفاة نفط في حيفا، وموقع عسكري يضم مستشفى ميدانياً في جنوب فلسطين المحتلة.
وتوسعت الضربات الإيرانية لتشمل مراكز القيادة والسيطرة في عمق كيان العدو، حيث طال القصف مجمع “الكرياه” العسكري في قلب تل أبيب، الذي يُعد مقر وزارة الدفاع وقيادة أركان جيش الاحتلال، إضافة إلى مركز الاستخبارات العسكرية “أمان” في هرتسيليا، الذراع الأخطر في التخطيط للعمليات وإدارة الحروب والاغتيالات.
النووي الإيراني.. بنية أعمق من أن تُقصف
في الوقت الذي حاولت فيه أمريكا إضعاف البرنامج النووي الإيراني على أثر الضربة الجوية الأميركية لثلاثة مواقع نووية إيرانية هي:” نطنز، وفوردو، وأصفهان”، تطرح تساؤلات مهمة حول حقيقة حجم الضرر الذي أصاب هذا البرنامج، وما إذا كانت طهران لا تزال قادرة على المضي قدماً في تطوير قدراتها النووية السلمية، وكيف أن الادعاءات الأميركية بشأن “تدمير شامل” قد يكون مبالغاً فيها، يرى الخبراء أن الضربات الجوية، مهما بلغت قوتها، تُعيق المشروع لكنها لا تقضي عليه.
الخبير الاستخباراتي الأميركي بول آر. بيلار، يؤكد أن الحرب، بدلاً من ردع إيران، قد تسرع خطواتها نحو السلاح النووي.
ويشير إلى أن إيران قادرة على إعادة بناء ما تم تدميره، وأن المعرفة النووية ليست قابلة للقصف.
من جانبه، يرى الدبلوماسي الإيراني السابق سيد حسين موسويان أن ما حدث يشكل سابقة خطيرة: للمرة الأولى، تشن دولتان نوويتان هجوماً مباشراً على دولة غير نووية، في خرق صارخ لاتفاقية عدم الانتشار (NPT).
ويعتبر موسويان، أن الدول التي رفضت الانضمام للمعاهدة امتلكت السلاح النووي دون عقاب، بينما وجدت الدول الملتزمة – كإيران – نفسها تحت القصف، وهو ما قد يدفع طهران لإعادة النظر في عضويتها داخل معاهدة لم تعد تُطبق بإنصاف.
رد إيران غير المسبوق كشف زيف هيبة كيان الاحتلال وأمريكا
وفي ذات السياق، تشير تقديرات خبراء أميركيين – بينهم البروفسور جيفري لويس – إلى أن جزءاً كبيراً من مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب (400 كغم بنسبة 60%) لم يُدمر، بل نقل إلى منشآت محصنة “في قلب الجبل” قبيل القصف.
لويس، المتخصص في الأسلحة النووية، كشف أن طهران أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بنيتها تركيب أجهزة طرد مركزي في منشأة جديدة قرب أصفهان، لم تستهدف خلال الهجوم على تلك المنشأة النووية.
وبحسب تحليله، إذا قررت إيران تسريع برنامجها العسكري، يمكنها تخصيب هذا المخزون إلى مستوى 90% خلال شهرين فقط، بتركيب 1.5 سلسلة من أجهزة IR-6 أسبوعياً.
وتقول تقارير وتقديرات الخبراء أن البرنامج النووي الإيراني لا يقتصر على أجهزة الطرد المركزي والمنشآت الخرسانية، بل يستند إلى قاعدة علمية ضخمة تضم آلاف المهندسين والفيزيائيين، وشبكة واسعة من مراكز البحث والتطوير موزعة في أنحاء البلاد.
في المقابل، نفت إيران وقوع أضرار كبيرة في منشآتها النووية. فقد قال مسؤول إيراني من محافظة قُم – حيث تقع منشأة فوردو – إن الموقع “لم يتضرر بشكل خطير”، ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول إيراني قوله إن معظم مخزون اليورانيوم عالي التخصيب نُقل من فوردو إلى موقع غير معلن قبل بدء الهجوم الأميركي.
صنعاء شريك ثابت في معركة المصير
وفي خضم هذا المشهد ، لم تكن صنعاء بمنأى عن الصراع القائم في المنطقة، ولم يتخذ موقف المتفرج كما فعل العديد من الأنظمة، بل كان حاضرا بفاعلية سياسية وإعلامية وعسكرية، في جبهة دعم الجمهورية الإسلامية ومواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة.
يجسد استمرار المواقف الرسمية والشعبية المناهضة للهيمنة الأمريكية والصهيونية، إصرار القيادة الثورية والسياسية في اليمن على المضي في نصرة قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والتصدي للأجندة الغربية مهما بلغت التضحيات.
ففي ميدان السبعين في العاصمة صنعاء وكافة ساحات المحافظات خرجت مسيرات جماهيرية مليونية، تأكيدا على مواصلة الثبات إلى جانب الشعب الفلسطيني، وكذا مباركة الانتصار العظيم الذي أحرزته الجمهورية الإسلامية في إيران على العدو الصهيوني.
المسيرات التي رفعت شعار “مباركة بانتصار إيران.. وثباتاً مع غزة حتى النصر”، باركت أيضا لكل شعوب الأمة العربية والإسلامية بالعام الهجري الجديد واعتبرته مناسبة دينية تتطلب من كل أبناء الأمة رص الصفوف والوقوف في مواجهة الأخطار التي تتهدد شعوبهم وفي مقدمتها رأس الشر أمريكا والكيان الصهيوني.
كما بارك المتظاهرون للجمهورية الإسلامية في إيران انتصارها على “العدوان الصهيوأمريكي”، معتبرين أن إيران تمثل نموذجاً يحتذى في تبني خيار المقاومة وبناء القوة الرادعة.
Comments are closed.