رغم استخدامه “الاقتصاد” كسلاح”.. العدوان الصهيو أمريكي يفشل في كسر إرادة اليمنيين
خالد الصايدي
في تصعيد خطير يعكس سياسة الحصار والتجويع، ركز العدوان الإسرائيلي ومن قبله الأمريكي في غاراتهم على الموانئ اليمنية في محافظة الحديدة، مستهدفاً بشكل مباشر أرصفة الشحن وخزانات الوقود والمنشآت الخدمية المرتبطة بتأمين احتياجات الملايين من المواطنين، في محاولة منهم لشلّ حركة الاستيراد، ومنع دخول سفن المشتقات النفطية والمواد الأساسية، وفرض واقع اقتصادي ومعيشي خانق على اليمنيين.
هذا الإمعان في استهداف المنشآت الخدمية والحيوية لم يتوقف عند تعطيل الموانئ فحسب، بل طال أعيانا مدنية أخرى كمطار صنعاء ومحطات الكهرباء ومصانع الإسمنت، في محاولة أخرى منهم لتدمير البنية التحتية، وإفقاد الشعب اليمني مقومات الحياة الأساسية.
الصحة: ارتفاع حصيلة العدوان الصهيو أمريكي إلى أكثر من 700 شهيد وجريح
ومع اتساع رقعة الهجمات انتقلت آلة العدوان الصهيو أمريكي لتطال المدنيين أنفسهم، حيث شُنّت غارات مباشرة على أحياء سكنية ومنازل آمنة، في مشهد يعكس الطبيعة الإجرامية للعدوان واستهتاره الصارخ بالقانون الدولي الإنساني، حسب ناطق وزارة الصحة والبيئة.
إذّ أكد المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والبيئة، الدكتور أنيس الأصبحي لـ”الوحدة” ارتفاع حصيلة العدوان الأمريكي الإسرائيلي المتواصل على اليمن منذ 14 مارس وحتى ٦ مايو إلى 216شهيدا، و573جريحا، بينهم أطفال ونساء.
موضحا أن استمرار استهداف وإغلاق مطار صنعاء الدولي له تأثير إنساني كارثي، خاصة على المرضى الذين تتطلب حالاتهم السفر للعلاج في الخارج.
وقال: “لدينا أكثر من 40 ألف مريض بحاجة ماسة للسفر للعلاج، وإغلاق المطار واستهدافه بشكل متكرر يحرمهم من هذا الحق الإنساني”.
وأضاف الأصبحي، أن القيود المفروضة على المطار، واقتصار الرحلات على وجهة واحدة فقط هي الأردن، لا تفي باحتياجات المرضى، مؤكداً أن ذلك “لا يلبي احتياجات العلاج الضرورية لهؤلاء المرضى، ويضاعف معاناتهم بشكل مأساوي” ومطالبا المجتمع الدولي بفتح وجهات جديدة”.
لافتا إلى أن إغلاق المطار لا يقتصر تأثيره على سفر المرضى فحسب، بل يمتد ليشمل تعطيل دخول الأدوية والمستلزمات الطبية، مما يزيد من الضغط على النظام الصحي ويهدد حياة ملايين المرضى داخل البلاد.
الحداد: 24 ألف عامل في مصنعي إسمنت عمران وباجل فقدوا مصدر دخلهم
ولم يقتصر العدوان الصهيوني على قتل المدنيين فحسب، بل دمر بنى تحتية حيوية، مستهدفا مصنعي الإسمنت “باجل وعمران”، اللذين يعدا أحد أهم القطاعات الإنتاجية في اليمن، وفق ما أوضحه الخبير الاقتصادي رشيد الحداد، في حديثه لـ “الوحدة”.
مبينا أن المصنعين كانا يشغّلان نحو 24 ألف عامل، وكان كل عامل يعيل في المتوسط ستة أفراد، ما يعني أن استهدافهما أثر بشكل مباشر على أكثر من 144 ألف شخص، مؤكدا أن توقف المصنعين ألحق أضراراً فادحة بقطاع البناء، الذي يعتبر من أكثر القطاعات وفرة في فرص العمل، حيث يعمل فيه نحو مليون ونصف المليون عامل.
وأشار الحداد إلى أن القصف الذي طال المصنعين تسبب في ارتفاع أسعار الإسمنت بنسبة 30%، ما أدى إلى مزيد من الركود في حركة البناء، التي كانت تشهد تباطؤاً أصلاً بسبب ارتفاع أسعار المواد الأساسية.
لافتا إلى أن الدولة كانت بصدد تنفيذ خطة لإنعاش قطاع البناء من خلال خفض أسعار الإسمنت وتحفيز الاستثمار العمراني، إلا أن استهداف المصانع أفشل هذه الجهود، وحذر من أن استمرار تعطل الإنتاج في هذين المصنعين سيؤدي إلى شلل شبه تام في حركة البناء في البلاد.
كما نوه الحداد بأن لمصنعي إسمنت عمران وباجل أبعاداً تنموية واجتماعية، إذ كان جزء من عائداتهما يُخصص لصالح صناديق مثل صندوق المعاقين وصندوق المعلم، وهو ما سيتوقف الآن نتيجة لتعطّل الإنتاج.
الشايف: نصف مليار دولار حجم الأضرار في مطار صنعاء الدولي
وفي سياق متصل، قدر مدير مطار صنعاء الدولي خالد الشايف، حجم الأضرار التي لحقت بالمطار بنصف مليار دولار، موضحا أن هذه الغارات الإسرائيلية التي طالت المطار، أدت إلى تدمير مبانيه وصالاته ومدرجه الرئيسي وبرج المراقبة ومنظومات الكهرباء والرادارات وأجهزة الملاحة الجوية في المطار.
وأشار إلى أن شركة الخطوط الجوية اليمنية فقدت ثلاث طائرات في هذا القصف، ولم يتبقَ لديها سوى طائرة واحدة كانت متوقفة في عمّان، مؤكداً أن آلاف المسافرين عالقون الآن في الخارج، من ضمنهم الحجاج الذين كانوا بانتظار تفويجهم إلى الأراضي المقدسة.
الجرموزي : العدوان الإسرائيلي استخدام “التجويع” كسلاح حرب في اليمن
وتعليقا على الاستهداف المتعمد للمنشآت والأعيان المدنية، أكد عضو مجلس الشورى لطف الجرموزي لـ “الوحدة”، أن العدوان الأمريكي والإسرائيلي على اليمن يعتمد على استراتيجية ممنهجة تستهدف المنشآت المدنية والبنية التحتية الحيوية، في محاولة لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية على حساب حياة اليمنيين ومعيشتهم.
وقال ” إن الهجمات الأخيرة، التي طالت مطار صنعاء الدولي وموانئ الحديدة ومحطات الكهرباء ومصانع الاسمنت وخزانات الوقود، أسفرت عن عشرات الضحايا المدنيين وتدمير واسع للبنى التحتية، وهو ما يعكس فشل العدوان في كسر إرادة الشعب اليمني أو ثنيه عن موقفه الثابت في دعم القضية الفلسطينية ومساندة شعب غزة”.
وأشار إلى أن تصعيد العدوان الأمريكي والإسرائيلي يأتي في سياق الهروب من الأزمات الداخلية والفشل في تحقيق أهدافهم في غزة، لافتاً إلى أن هذا التصعيد يعكس الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل، ويكشف تواطؤ بعض الأنظمة العربية التي توفر غطاءً سياسياً ولوجستياً لهذا العدوان.
وأوضح الجرموزي،أن استهداف المنشآت المدنية جريمة حرب مكتملة الأركان وانتهاك صارخ للقوانين الدولية والإنسانية، تستوجب الإدانة والمساءلة، كما أكد على الحق المشروع للشعب اليمني في الرد والدفاع عن سيادته وأمنه.
العامري: استهداف البنية التحتية يكشف عجز العدو عن تحقيق أهدافه
أما أمين سر حزب جبهة التحرير عارف العامري فقد علق على استهداف العدوان الأعيان المدنية بالقول “من المهم أولًا أن نوضح مفهوم الأعيان المدنية، والتي تشمل جميع المنشآت والمرافق التي لا تسهم بشكل مباشر في العمليات العسكرية، ويحظر القانون الدولي الإنساني استهدافها تحت أي ذريعة، وتقوم الحماية القانونية لهذه الأعيان خلال النزاعات المسلحة على مبدأ أساسي هو أنها لا يجوز أن تكون هدفا للهجوم، ولا يحق استهداف أي منشأة لا تسهم مساهمة فعالة في الأعمال العسكرية، أو لا يحقق تدميرها ميزة عسكرية.
وأكد العامري في حديثه لـ”الوحدة” أن أي عمل عسكري يستهدف الأعيان المدنية أو المدنيين يُعد جريمة بكل المقاييس، وتجرّمه الشرائع السماوية، والقوانين الوضعية، والتقاليد والأعراف الدولية. وأضاف: “نحن نخوض معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، إسنادا للشعب الفلسطيني في غزة، ضد عدوان أمريكي بريطاني إسرائيلي سافر، وندرك أننا نواجه عدوا اعتاد ارتكاب جرائم الإبادة واستهداف كل ما هو مدني، إلا أن موقفنا الرسمي والشعبي يزداد تماسكا وصلابة، ودعمنا لفلسطين لن يتوقف إلا برفع الحصار الكامل ووقف العدوان.”
وأشار إلى أن العدو، ورغم استهدافه للمنشآت والمصالح العامة، لم يحقق شيئا من أهدافه المعلنة، سوى محاولات فاشلة لإثارة الرعب وتمزيق النسيج المجتمعي.
وخلص العامري إلى القول “إن ارتكاب مثل هذه الجرائم في وقت الحرب لا يدل إلا على فشل وعجز الطرف المعتدي عن تحقيق أي نصر، وهو ما يتجلى في تركيزه على تدمير البنية التحتية ومؤسسات الخدمات، بدلًا من المواجهة في ميادين القتال.”
أمل المأخذي: العدوان الصهيوني على الأعيان المدنية جريمة حرب تستوجب المساءلة
من جهتها، أكدت نائب رئيس منظمة انسان للحقوق والحريات، أمل المأخذي، أن القانون الدولي الإنساني، وعلى رأسه اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في النزاعات المسلحة، بالإضافة إلى نظام روما الأساسي ومواثيق الأمم المتحدة، يحظر بشكل صريح استهداف المدنيين وممتلكاتهم والمنشآت التي يعتمدون عليها في حياتهم اليومية.
وأوضحت الماخذي في حديثها لـ “الوحدة “أن استهداف الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني للمنشآت الحيوية في اليمن – ومنها مطار صنعاء الدولي، ميناء رأس عيسى، محطات الكهرباء في ذهبان وحزيز، ومصنعي إسمنت باجل وعمران– يعد جريمة حرب مكتملة الأركان.
وأشارت إلى أن نظام روما ينص بوضوح على أن “إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون ضرورة عسكرية وبطريقة عبثية” يرقى إلى جريمة حرب.
وتؤكد أن هذه الاعتداءات لا تمثل فقط انتهاكاً للقانون الدولي، بل تُعد عقاباً جماعياً للشعب اليمني بسبب موقفه الإنساني والداعم للشعب الفلسطيني في غزة، وهو ما يتعارض مع المادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة التي تجرّم العقوبات الجماعية ضد المدنيين.
وأشارت أمل الماخذي، إلى أن مطار صنعاء الدولي يخدم أكثر من ثمان محافظات، واستهدافه أدى إلى أزمة إنسانية خانقة، حيث حرم آلاف اليمنيين من حرية التنقل وتسبب في قصص إنسانية مؤلمة، خاصة للمرضى والحالات الحرجة.
وطالبت المجتمع الدولي بموقف جاد وإدانة واضحة لهذه الانتهاكات، والعمل على وقف استهداف الأعيان المدنية ورفع الحصار عن الشعب اليمني.
حكومة التغيير والبناء.. جهود كبيرة للتغلب على تداعيات العدوان
تحديات كثيرة واجهتها حكومة التغيير والبناء في ظل تصعيد العدوان الأمريكي والإسرائيلي، وبذلت جهوداً كبيرة للتغلب عليها والحد من تداعياتها على المواطنين.
ففي قطاع الكهرباء، ورغم الدمار الذي لحق بمحطتي حزيز وذهبان المركزيتين، بالإضافة إلى محطات التحويل في عصر وجدر، تمكّنت الفرق الفنية من تنفيذ خطة طوارئ بديلة، تمكنت الفرق الفنية من أعادت التيار الكهربائي إلى عدد من المناطق في زمن قياسي، ما مثّل صفعة قوية للعدوان وأثبت قدرة الكوادر الوطنية على مواجهة التحديات.
أما في ميناء الحديدة، فقد استعادت المرافق التشغيلية نشاطها الطبيعي بسرعة لافتة، وعادت حركة السفن وعمليات التفريغ خلال ساعات فقط من الاستهداف، في إنجاز يعكس مدى الجاهزية والخبرة الفنية في التعامل مع حالات الطوارئ.
وفي مطار صنعاء الدولي، أعلنت حكومة التغيير والبناء، أمس الثلاثاء، جاهزية مطار صنعاء لاستقبال الرحلات الجوية، بصورة كاملة للقيام بوظائفه المعتادة مع استيفاء كافة مقومات الأمن والسلامة وفقا للمعايير الدولية المعتمدة.
Comments are closed.