استهداف ميناء رأس عيسى جريمة حرب أمريكية مكتملة الأركان

الوحدة| إدارة التحقيقات:

فقدت عائلة المواطن اليمني فواز علي المسق، طفليها البريئين، خلال العدوان الأمريكي على ميناء رأس عيسى النفطي بمحافظة الحديدة، غربي البلاد، في استهداف سافر للبنية التحتية المدنية، تجاوز كل الأعراف والقوانين الدولية.

سافر الطفلين رفقة أبيهما الذي يعمل سائقا لقاطرة بنزين، للترويح عن النفس، لكن أحلامهم البريئة احترقت في لحظة لا تنسى، وتركوا ورائهم حزنا لا يوصف.

ليست عائلة المسق الوحيدة التي فقدت طفليها، بل هناك عشرات الأسر اليمنية فقدت عائليها وأقاربها من سائقي شاحنات المشتقات النفطية إلى كافة محافظات الجمهورية، ومرافقيهم وعمال التعبئة، وموظفي الميناء والمسعفين.

وشنت القوات الأمريكية، مساء الخميس الماضي، سلسلة غارات عدوانية على ميناء رأس عيسى النفطي، خلفت 80 شهيدًا و150 جريحًا في حصيلة غير نهائية، وفق مكتب الصحة بمحافظة الحديدة.

جرائم حرب

وفي اعتراف أمريكي صريح بالجريمة الجديدة التي ارتكبتها في اليمن، أقرت القيادة المركزية في بيان رسمي، بقصف ميناء رأس عيسى النفطي المدني بالحديدة.

جرائم ضد الإنسانية

وتتوسع دائرة انتهاكات العدوان الأمريكي التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يوما بعد يوم، فقنابله وصواريخه تتساقط يوميا على المباني السكنية في مختلف مدن وقرى الجمهورية لتحصد أرواح العشرات من المدنيين الأبرياء أطفالاَ ونساء و كبار السن، كما طالت غاراته وصواريخه المرافق المدنية الخدمية وعلى رأسها ميناء رأس عيسى الذي يعتمد عليه اليمنيين في دخول حاجاتهم من الوقود اللازم لوسائل النقل والمواصلات  وتوليد الطاقة الكهربائية وتشغيل المصانع و ري المزارع وغيرها من الاستخدامات المدنية التي تخص الشعب اليمني؛ حسب تأكيد الدكتور مشعل الريفي، مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء.

ووفق الريفي، لم يقتصر العدوان الأمريكي على الجانب العسكري، بل يرافقه إجراءات للتضييق والحصار والخنق الاقتصادي الجاري تطبيقها بحق كل اليمنيين و التي إن هي وصلت إلى الحد الذي تنشده أمريكا ورئيسها ترمب فأنه سيترتب عليها معاناة إنسانية و أزمات اقتصادية تضر بحياة ومعيشة الغالبية العظمى من سكان اليمن.

ودعا كافة منظمات حقوق الإنسان المستقلة و كافة وسائل الإعلام الحرة في العالم إلى تسليط الضوء على جرائم الجيش الأمريكي في عدوانه على اليمن وانتهاكاته لقوانين الحرب وحقوق الإنسان، وكشف حقيقة الإجراءات المنفذة من قبل الحكومة الأمريكية تحت مسمى العقوبات الاقتصادية وإبراز عدم مشروعيتها و آثارها الخطيرة التي تطال الشعب اليمني بأكمله و بمختلف شرائحه وفئاته.

وناشد أبناء الجالية اليمنية في أمريكا وبقية دول العالم إلى التحرك عبر الفعاليات و الوقفات الرافضة لجرائم ترمب و الجيش الأمريكي و المساندة لأهلهم في اليمن والتي تظهر وحدة اليمنيين و ترابطهم وقوتهم في الانتصار لأنفسهم من كل من تسول له نفسه النيل من عزتهم و كرامتهم، وليتذكروا كيف تغيرت نظرة العالم لهم في بلدان المهجر و ما يلمسونه من تقدير يبعث على الاعتزاز منبعه المواقف المبدئية الشجاعة والمستقلة والإنسانية التي تميزت بها اليمن قيادة وجيشا وشعبا تجاه ما يتعرض له شعب فلسطين في غزة من جرائم إبادة في حين عجزت غالبية دول العالم عن إبداء ولو الحد الأدنى من مواقف الرفض والإدانة.

شريان حياة

استهداف منشأة مدنية كميناء رأس عيسى، الذي يُعد شريان حياة لملايين اليمنيين، ليس مجرد خرق للأعراف والقوانين الدولية، بل رسالة فجة تتجاوز ساحة المعركة، مفادها أن معاناة الناس أصبحت أداة للضغط والتفاوض، وأن التجويع لم يعد عرضا جانبيا للحرب، بل أُدرج بوقاحة ضمن استراتيجياتها؛ وفق مراقبون.

وأكدوا أن استهداف الميناء لا يضرب البنية التحتية فحسب، بل يضرب في صميم الإنسانية، ويُسقط الأقنعة عن وجوه طالما تغنت بالسلام وادّعت الحرص على حقوق الإنسان، فحين يُعاقب الأبرياء، وتُقصف ضرورات البقاء، تصبح الحرب فعلا يتجاوز الجغرافيا والسلاح، ليتحول إلى حصار شامل للكرامة، وعدوان ممنهج على الحياة نفسها، تحت قصف يُفاخر به المعتدي بلا خجل، ومن حوله تصفيق مخزٍ من شركاء في المعاناة اختاروا الاصطفاف خلف الكراهية، فهللوا وبرروا للقصف بسبب اختلافهم السياسي أو المذهبي، الذي أعماهم عن رؤية الحقيقة، ففجروا في الخصومة أكثر من انفجارات الصواريخ، ونسوا أن القصف والحصار والدمار يمس وطنهم وإخوانهم وأبناء جلدتهم.

رفض العبثية

من جهته قال المحلل السياسي عبد الناصر المودع، إن “الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين جراء الضربة الأمريكية على ميناء رأس عيسى قد ترقى إلى جريمة حرب مكتملة الأركان، إذ إن معظم الضحايا كانوا من الحراس وموظفي الميناء وسائقي القاطرات الذين تواجدوا في الموقع مصادفة أثناء تنفيذ الضربة. جميع هؤلاء كانوا داخل منشأة مدنية، لا منشأة عسكرية، ولا توجد أية قيمة عسكرية تُبرر قتلهم”؛ حسب نشر له على صفحته في فيسبوك.

وأضاف: علينا كيمنيين، أو بشر أسوياء، أن نرفض وندين عمليات القتل العبثية بغض النظر عن من قام بها أو من كانت تستهدف.

تلوث بحري

وإثر ذلك، حذرت وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية بصنعاء، من مخاطر التلوث البحري الناجم عن العدوان الأمريكي على ميناء “رأس عيسى” النفطي بمحافظة الحديدة.

وأشارت إلى أن القصف أدى إلى تدمير مرافق الميناء والتخزين، ما تسبب في تسرُّب كميات كبيرة من النفط إلى مياه البحر، ما يُنذر بوقوع كارثة بيئية وشيكة في البحر الأحمر قد تُدمر النظام البيئي البحري وتهدد الثروة السمكية التي تُعد مصدر رزق لمئات الآلاف من الأسر اليمنية.

وأضافت: “انتشار بقع التلوث النفطي قد يؤدي لإغلاق مناطق صيد واسعة ويعطل النشاط البحري ويؤثر على الأمن الغذائي في اليمن”.

تسرب نفطي

فيما كشفت منظمة (PAX) الهولندية للسلام وإنهاء العنف المسلح، عن ظهور تسرب نفطي في مياه السواحل الغربية لليمن، نتيجة الغارات الأمريكية التي استهدفت ميناء رأس عيسى النفطي.

وقال ويم زويجنبرغ، رئيس مشروع نزع السلاح الإنساني في المنظمة، في سلسلة تغريدات على حسابه بموقع “إكس”، تابعتها ” الوحدة”، إن “الغارات الجوية الأمريكية على ميناء رأس عيسى النفطي في اليمن، أدت إلى حدوث تسربات نفطية عديدة وكبيرة في المياه الساحلية قبالة الميناء، كما أظهرتها صور الأقمار الصناعية”.

وأضاف زويجنبرغ، أن التسربات النفطية المرئية في المياه الساحلية، “يُحتمل أن تكون ناجمة عن حدوث تسرب في أنابيب محطة الإرساء التابعة للميناء، وفقاً لصور جديدة من موقع (planet)”.

وأشار إلى أن الغارات الأمريكية التي أسفرت عن استشهاد العشرات من العاملين، دمّرت ما لا يقل عن ثلاثة خزانات للوقود في ميناء رأس عيسى، “وتشير لقطات خزانات النفط المشتعلة إلى احتراق كميات كبيرة من الهيدروكربونات”.

وأوضح زويجنبرغ أن جزيرة كمران التي تقع شمال الميناء النفطي المستهدف، “هي محمية طبيعية، تضم أشجار المانجروف وشعاب مرجانية فريدة، وتواجه مخاطر متزايدة من مصادر التلوث الناجمة عن الصراعات”.

كما أظهرت صور الأقمار الصناعية التي التقطتها شركة “بلانيت لابز” (Planet Labs PBC) وحلّلتها وكالة “أسوشيتد برس”، دمارًا في خزانات النفط والمركبات، كما أن النفط بدأ يتسرّب إلى مياه البحر الأحمر.

عدوان غير مبرر

واستنكرت حكومة التغيير والبناء بصنعاء الاستهداف الأمريكي الغادر، واصفة له بأنه “عدوان غير مبرر على الإطلاق”.

وقالت في بيان، إن الاستهداف طال “منشأة مدنية حيوية تخدم الشعب اليمني منذ عقود”.

تعطيل

كما أدانت مؤسسة موانئ البحر الأحمر، بأشد العبارات العدوان الأمريكي الذي استهدف ميناء رأس عيسى النفطي.

وأوضحت بأن القصف الأمريكي تسبب بأضرار كبيرة بالميناء وأدى إلى تعطيل نشاطه الحيوي.

بدورها قالت البعثة الأممية المقيمة في الحديدة، إنها ستُعد تقريراً محايداً وموضوعياً عن تدمير ميناءي رأس عيسى النفطي والصليف بسبب الغارات الأمريكية، وانعكاسات ذلك على الوضع الإنساني والاقتصادي في اليمن.

فيما تجنب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، إدانة العدوان الأمريكي على ميناء رأس عيسى النفطي، مكتفيا بالتعبير عن قلقه البالغ إزاء تأثير الضربات الجوية الأمريكية في الميناء ومحيطه على المدنيين والبنية التحتية المدنية.

من جهته أدان اتحاد مُلاك المحطات البترولية استهداف المنشآت المدنية في ميناء رأس عيسى النفطي، التي يستخدمها اليمنيون لتأمين احتياجاتهم من المشتقات النفطية.

وكانت صحيفة ذا ناشيونال، نقلت عن شركة استشارية للمخاطر مقرها أمريكا، قولها إن  الضربات الأمريكية على ميناء رأس عيسى النفطي، ستؤثر على المدنيين في اليمن، وليس على قدرات “الحوثيون”.

وأوضحت بأن “الحوثيون” اتخذوا إجراءات استباقية، وأصبح لديهم مخزون كافٍ من الوقود لعدة أشهر.

وسبق أن نقلت وسائل إعلام تركية عن مصادر بوزارة الخارجية في انقرة، تأكيدها إصابة ناقلة تركية كانت بميناء رأس عيسى، بشظايا جراء القصف الأمريكي على الميناء، وتتابع الموضوع على أعلى مستوى.

جريمة أمريكية بصنعاء

وقبل أن تجف دماء جريمة استهداف ميناء رأس عيسى النفطي، ارتكب العدوان الأمريكي، جريمة جديدة باستهدافه حي وسوق فروة الشعبي لبيع القات بمديرية شعوب بالعاصمة صنعاء، والتي خلفت أكثر من 12 شهيدًا و30 جريحًا من المواطنين المتسوقين، في حصيلة غير نهائية، أعلنتها وزارة الصحة.

وأفاد مواطنون بأن العدوان الأمريكي على حي فروة الشعبي ألحق أضرارًا مادية كبيرة في منازل المواطنين والمحلات التجارية.

وشنت قاذفات أمريكية من طراز بي 2 غارات على العاصمة صنعاء استهدفت الحي والسوق الشعبي ومنطقة عطان، وحوش مشروع النظافة في منطقة عصر.

نقطة النهاية

ويقع ميناء رأس عيسى، وهو عبارة عن مجموعة من خزانات النفط ومعدات التكرير، في محافظة الحُديدة على ساحل البحر الأحمر، بالقرب من جزيرة كمران التي تعرّضت في الأيام الأخيرة لسلسلة غارات جوية أمريكية عدوانية كثيفة.

ويُعدّ الميناء نقطة النهاية لخط أنابيب نفطي يمتد إلى محافظة مأرب الغنية بالطاقة.

Comments are closed.

اهم الاخبار