Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

آثار العراق المسروقة.. ألواح الطين في تغريبتها النرويجية

سلوى السيّاب

ما زالت آثار العراق مهدورة بين الناهبين والمهرّبين منذ قرابة عقدين. في كلّ مرّة، نكتشف كمّيةً من هذه الآثار، وقد أُخرِجَت وجرى تداولها بعيداً عن العراق، وما هذه الكمّيات المكتشفة غير رأس جبل جليد يُخفي حقيقة مُرّة وواقعاً كارثياً لا يمكن أن نحصر فيه كمّية المنهوب من آثار العراق.

آخرُ أخبار الآثار العراقية، في تغريبتها الحزينة في شتّى مناطق العالم، كان مع إعلان الشرطة النرويجية، يوم الجمعة الماضي، عن مُصادرة نحو مئة قطعة أثرية لدى جامِع تُحف نرويجي في مسكنه الواقع في جنوب شرق البلد الإسكندنافي.

القطع الأثرية المُصادَرة تتضمّن أساساً مجموعة من ألواح الطين التي كانت تمثّل محامل الكتابة المسمارية، التي كان يستدلّ المؤرّخون من خلالها على أحوال الحياة اليومية في حضارات ما بين النهرين، إذ كانت هذه الألواح تُعتمد في التجارة والتعليم وتوثيق العقود وغير ذلك. وتتضمّن المجموعة أيضاً قطعاً أثرية أخرى سيُعهد فحصها إلى فريق من الخبراء لتحديد إن كانت أصليّة وتُطابق اللوائح التي أصدرتها وزارة الثقافة العراقية عن الآثار المفقودة لتسهيل استردادها.

عثور الشرطة على القطع الأثرية لا يعني أنّ استردادها بات سهلاً

هذه الألواح العراقية التي بدأ تجهيزها منذ سنوات قليلة باتت تمثّل حلقة أساسية في مشروع استعادة العراق لآثاره، حيث إنّ القطع التي ضُبطَت في النرويج كانت مسجّلة لدى الشرطة، الأمر الذي سهّل كشفها. كذلك ستُساعد اللوائح في إعادة الآثار إلى بلدها الأمّ، وهي مهمّة ليست سهلةً كما يبدو للوهلة الأولى، على خلفية وجود ثغرات قانونية قد تتيح إقرار عدم إعادة الآثار إن لم يثبت أنها هُرّبت من العراق، أو غيره من البلدان؛ ثغراتٌ قانونية طالما استُعمِلَت للتحايل على حقوق بلدان كثيرة تطالب بعودة آثارها.

ولعلّ تحوّل الوعي العالمي مع صعود خطاب استرداد الآثار منذ عام 2019 ـــ من غرب أفريقيا أساساً ـــ قد يؤدي دوراً في تسهيل مهمّة المسؤولين العراقيين هذه المرّة.

نجاح عملية استرداد الآثار التي ضُبطَت في النرويج قد يساهم في تحريك ملفات أخرى لآثار يطالب بها العراق في بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتّحدة الأميركية، بعضها قد أخذ مواقع في متاحف، وبعضها الآخر ما زال يدور في كواليس السوق السوداء. وسيكون على العراقيين تكثيف تعاونهم مع الجهات المسؤولة في البلدان الغربية كي يتمكّنوا من جمع أكبر عدد ممكن من آثارهم المسروقة.

يُذكَر أن نزف الآثار العراقية بدأ مع الاحتلال الأميركي للبلاد، حين أتاح انهيار نظام صدام حسين عام 2003 نهب المتاحف العراقية، ومن ثمّ راج تهريب الآثار، وباتَ تجارةً رائجة (في مجمل المنطقة العربية) ستتوسّع عام 2014 مع سيطرة الجماعات المتشدّدة على شمال العراق وتحويل الآثار إلى مصدر تمويل، فضلاً عن تخريبها، أو في أحسن الأحوال تحويلها إلى أداة مقايضة.

Share

التصنيفات: ثقافــة

Share