Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

“باب الشمس” في ترجمة فارسية

صدرت في طهران الترجمة الفارسية لرواية الياس خوري: «باب الشمس»، عن منشورات «ني» في طهران، بترجمة نرجس قنديل زاده. و«باب الشمس» التي صدرت طبعتها العربية الأولى عن دار الآداب في بيروت سنة 1998، ترجمت إلى العديد من اللغات: الفرنسية والانكليزية والألمانية والعبرية والنروجية والسويدية والايطالية والاسبانية والبرتغالية والهولندية والكاتالانية والهندية والتركية… تدخل اليوم مغامرة جديدة مع اللغة الفارسية.

والجدير ذكره ه أن هذه هي الرواية الثالثة للياس خوري التي تُترجم إلى الفارسية بعد روايتي: «الجبل الصغير» و«مملكة الغرباء».

وقد كتب المؤلف مقدمة خاصة للترجمة الفارسية، ننشرها فيما يلي:

نُشرت الطبعة الأولى من رواية «باب الشمس»، في بيروت عام 1998، أي منذ اربعة وعشرين عاما.

وعندما عدت إليها، بسبب صدور ترجمتها الفارسية، اكتشفت أنني لا أعود إلى الماضي، بل إلى الحاضر الذي يعيشه الفلسطينيون، كضحايا لنكبتهم المستمرة منذ اثنتين وسبعين عاماً.

فوجئت بيونس وخليل وهما يرويان حاضرنا أو ما يشبهه، ووقعت مرة جديدة تحت سحر نهيلة وشمس وأم حسن. أحسست أن هذه الأسماء لا تمثل شخصيات روائية متخيلة، لأنها كسرت حجاب الخيال ودخلت في تلافيف الواقع.

هؤلاء أيها القارئ العزيز هم أصدقائي، عشتُ معهم سبع سنوات، هي المدة الزمنية التي أستغرقتها كتابة هذه الرواية، وأشتاقُ إليهم، واتحاورُ معهم بشكل دائم.

وفي كانون الثاني- يناير سنة 2013، رأيت كيف خرج اصدقائي- ابطال هذه الرواية- من الكتاب، وألهموا مجموعة من الشابات والشبان الفلسطينيين يُقدَّر عددهم بثلاثمئة، باقامة قرية فلسطينية على أرض مُشرفة على القدس قررت سلطات الاحتلال الاسرائيلي الاستيلاء عليها، وأطلقوا على قريتهم المحررة اسم «باب الشمس». كانت ردة فعل جيش الاحتلال عنيفة اذ تم طرد الشبان والشابات من قريتهم، وتعرضوا لشتى أنواع القمع.

«باب الشمس»، تحولت من رواية إلى قرية، والقرية المُدَمَّرة صارت اليوم فكرة تُلخص توق الانسان إلى الحرية والكرامة.

في ذلك اليوم الشتائي، رأيت يونس مكتمل البهاء، ونهيلة مشرقة بالحب. فالرواية التي كتبتها وكتبتني كرسالة حب، تحوَّلت إلى حب يتجدد في كل يوم، ويُعطي النضال من أجل الحرية معناه العميق، الذي يتجاوز القوميات والأديان المختلفة، مثلما علمنا شيحنا ابن عربي. كما تلقيت في ذلك اليوم أكثر دروس الأدب بلاغة، فالأدب ليس حكايات تروى، بل هو حلم يُعاش ويتجدد، ويُعيد القارئ والقارئة تأليفه.

الأدب، مثلما علمنا سندباد هو سفر إلى أماكن بعيدة، كان سندباد يسافر كي يعود إلى بغداد حاملا معه حكاياته، واليوم يخوض أبطال هذه الرواية مغامرة سفر لغوية جديدة. يذهبون إلى اللغة الفارسية، التي كانت في ابداعها الشعري والفلسفي شقيقة اللغة العربية، كي يتكلموا لغة حافظ وسعدي وعمر الخيام، ويعودوا إليّ بأخبار قُرّائهم وحكايات حب جديدة.

وفي النهاية أريد أن أعترف بأنني أشعر بالغيرة من أبطال رواياتي، فهم يسافرون وأنا مقيم في مدينتي بيروت، التي تعيش خرابها الثالث بعد خراب الحرب الأهلية والاجتياحات الاسرائيلية، وهو خراب مادي وروحي يهيمن عليه الألم.

يونس ونهيلة وخليل وشمس يتكلمون اليوم أكثر من ستة عشر لغة. لم يكتفوا بتحرير لغتهم العربية عبر جعلها قادرة على استنطاق الألم، بل صاروا يتكلمون لغات أجهلها. يأتون إليّ بلغاتهم الجديدة كي يرووا لي حكايات أصدقائهم وصديقاتهم المنتشرين في أصقاع مختلفة من العالم، فأتعلم منهم أن الألم الانساني واحد، وأن التوق إلى الانعتاق واحد، وأن الحب يُوَّحدنا في مواجهة الكراهية والظلم والاحتلال والاستبداد.

واليوم أنا في انتظار أن يتكلموا معي بالفارسية، والفضل يعود إلى مترجمة هذا الكتاب السيدة نرجس قنديل زاده، التي أعطت كلامهم الفارسي الكثير من جهدها.

Share

التصنيفات: ثقافــة

Share