Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

الثورة الذهنية طريق الإنسان إلى المستقبل

ثورتان غيّرتا حياة الإنسان منذ بدء الخليقة حتى الآن، الآلة التي حلت محل عضلاته، والكمبيوتر الذي يسارع الآن نحو الإحلال مكان ذهنه، أو عقله، نتجت عن الأولى الثورات الصناعية، وعن الثانية الثورة الذهنية، والثانية هي موضوع هذا الكتاب الصادر عن دار العين للنشر والتوزيع للدكتور منصور الجنادي، الذي يوضح أن الثورات الصناعية بشكل، أو بآخر، وصلت إلى بلادنا العربية، أما الثورة الذهنية التي بدأت في منتصف القرن الماضي في أوروبا، فلم تطرق باب الوعي العربي بعد، رغم كونها أحد أهم تطورات التاريخ الإنساني، إن لم تكن أهمها على الإطلاق.

ويشير المؤلف إلى أنه على مدى قرنين من الزمان حاول الكثيرون في العالم العربي اللحاق بشيء ما، سمي أحيانا الحداثة، وأحياناً النهضة والتنوير، أو التحديث والإصلاح، لكن للأسف لم يحالف أحد منهم الحظ في أي من هذه المحاولات، وكما يرى المؤلف فإننا لدينا الآن أدوات جديدة لفهم أنفسنا لا تتوفر لآبائنا من قبل، منذ سقراط، حتى الطهطاوي ومحمد عبده (دعاة النهضة العربية)، فعلوم الثورة الذهنية تمكننا الآن من فهم أذهاننا (عقولنا) من وجهات نظر متعددة، لكنها تتكامل بشكل ممتع: الذهن واللغة، الذهن والنفس، الذهن والأعصاب، الذهن والتاريخ البشري، الذهن والفلسفة، والذهن والكمبيوتر، وجميع علوم الذهن هذه وضعها علماء الغرب في علم واحد، يدرس الآن في هارفارد والعشرات من الجامعات الأخرى حول العالم.

ويحاول الدكتور الجنادي في هذا الكتاب تبسيط الثورة الذهنية بعلومها المختلفة للقارئ غير المتخصص، في مقالات قصيرة، يمكن قراءتها كل على حدة، في دقائق قليلة، تعالج اهتماماتنا اليومية، وهمومنا وطموحاتنا الشخصية، والعامة، من منظور العصر، وبعين على المستقبل، وتختلف الثورة الذهنية عن الثورات السياسية في أنها لا تهتم بالسلطة، وشؤون الحكم، وتختلف عن الثورات الثقافية في أن موضوعها ليس الفكر، وإنما الذهن الذي يفكر، لذلك فالثورة الذهنية ليست مع، أو ضد أي فكر أو مشاعر، أياً كانت، لكنها محايدة، لا تبغي سوى الفهم والنهوض بالوعي، كأي علم يبحث ويتعلم، ثم يترك التطبيق لأصحابه.

ويوضح الجنادي أن الثورة الذهنية هي ثورة بكل مل تعنيه الكلمة من تغيير جذري، لكنها في حد ذاتها لم تبدأ في الماضي ببناء، ولا بهدم، ولن تفعل ذلك في المستقبل أيضاً، فهي ككل تقدم علمي تكنولوجي تكاد تكون حتمية تاريخية، لم يكن من الممكن تفاديه في الماضي، وغالبا لن يمكن تفاديه في المستقبل، إنه تراكم معرفي ملك للبشر والإنسانية، يمكنك أن تحسن، أو تسيء استخدامه.
وكما يقول د. حسام بدراوي في تقديمه للكتاب، فإننا أمام علم متعدد المداخل، ويشمل دراسة العقل ووسائله في إدراك الطبيعة والحياة، وهو علم يشمل دراسة الذكاء والسلوك الإنساني ومعرفة كيفية عمل الجهاز العصبي، وإدراك تحول المعلومة إلى تراكم معرفي، ويشمل هذا العلم اللغويات والانطباعات والذاكرة والوعي والمنطق والعواطف، ويشمل الإلمام بالسيكولوجي والذكاء الاصطناعي، والكمبيوتر والفلسفة وعلم الأعصاب والإنسان، إنه كتاب يخاطب العقل، وينير الطريق على الماضي والمستقبل، ويزيد المعرفة لحاجتنا إلى الثورة الذهنية، أداة العصر، ووسيلته، فمن لا يستطيع تغيير عقله، لن يستطيع مواكبة المستقبل.

Share

التصنيفات: ثقافــة,عاجل

Share