Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

الانتخابات تضع الديمقراطية في مواجهة حكم الأقلية

في الوقت الذي يبدو فيه أن الفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية يخرج بشكل متزايد عن قبضة المحافظين البيض يبدو الجمهوريون عاقدين العزم على تزوير الأصوات الشعبية وإضفاء الطابع المؤسسي على حكم الأقلية البيضاء. لكن إلى أي درجة قد يكون هذا الموقف قريبا إلى الواقع؟

يفسر ديفيد ثيو غولدبيرغ المحلل في الأنثروبولوجيا بمعهد أبحاث العلوم الإنسانية بجامعة كاليفورنيا هذا الانطباع من خلال استحضار شواهد قديمة على ذلك، فهو يرى أن الولايات المتحدة بلد استقطب المهاجرين من كافة الأعراق ولعقود طويلة قبل أن تصبح البلاد على ما هي عليه اليوم.

وقد تم تصميم التاريخ الأميركي عبر سياسة الهجرة والقانون لإحداث حكم الأغلبية، وهذه الطريقة، وفق غولدبيرغ مؤلف كتاب “هل كلنا ما بعد العرق بعد؟” تتم لأخذ تاريخها كأمر مسلم به بحيث تمحو أو تستثني خيطين معقدين في صناعة الولايات المتحدة.

ويعتقد أن الأمر قد يحصل عبر عاملين؛ الأول تهميش هلاك السكان الأصليين وتحصينهم، أما الثاني فالتقليل من أهمية ذلك، وبالتالي يمكن للمرء أن يرسخ لديه انطباع في كلتا الحالتين بأن ذلك يتمحور حول عبودية السود، فكلاهما من الشروط التأسيسية للتكوين الذاتي للبلاد.

ديفيد ثيو غولدبيرغ: تاريخ سياسة الهجرة والقانون حدد حكم الأغلبية في أميركا

ويشير غولدبيرغ في مقالة نشرها موقع “نيو فرام” (إطار جديد) الأميركي إلى أن الكتب المدرسية وسياساتها في التأليف تؤكد هذا المحو، لأن كل محو تم بطريقة خاصة، يطارد في الأساس صنع الذات للولايات المتحدة كدولة ذات أغلبية بيضاء وسكانها ينحدرون في الغالب من أصول أوروبية.

وكانت معظم الدول الاستعمارية الاستيطانية تخضع للحكم حتى الإطاحة بها على أيدي نضالات الاستقلال ضد الاستعمار من قبل أقلية المستوطنين الأوروبيين البيض والإداريين الاستعماريين. كانت القاعدة غير المباشرة مجرد امتداد لهذا الوضع الحكومي. تم تصميم نموذج آخر في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا. سعى هذا إلى تشكيل أغلبية من المهاجرين البيض، من البريطانيين والأوروبيين.

وفي غضون سنوات تم القضاء على السكان الأصليين، وتم تحديد أولئك الذين ليسوا من أصل بريطاني ثم أوروبي بعناية للحفاظ على الديموغرافيا العرقية المضمونة.

وبينما كان العبيد في مستعمرات ما قبل الاستقلال مثل فرجينيا ينافسون البيض الأحرار عدديا، بحلول الوقت الذي اتحدت فيه المستعمرات الثلاثة عشر في الثورة الأميركية وأعلنت الاستقلال في 1776، كان السود يشكلون حوالي خمس إجمالي السكان.

وعلى مدى القرن التالي، نما عدد سكان الولايات المتحدة بحوالي 35 في المئة سنويا، وطوال القرن التاسع عشر بنسبة 20 في المئة، مدعوما بأنماط الهجرة العرقية والعنصرية. ومنذ ذلك الحين، وخاصة في هذا القرن، تقلص النمو الديموغرافي بمرور الوقت إلى أقل من عشرة في المئة سنويا.

وحتى العقود الخمسة الماضية كان البيض يشكلون 80 في المئة من السكان، ويشكلون اليوم أقل من 70 في المئة، ومن المتوقع أن ينخفض بمعدلات النمو الحالية إلى أقل من خمسين في المئة في العقود الثلاثة القادمة.

وتبدو المعركة السياسية التي تشهدها الولايات المتحدة مع الانتخابات الرئاسية لهذا العام، للبعض، ومعظمهم من اليمين، “حربا أهلية جديدة” وفق تسميتهم.

ويمكن قراءة تلك الحرب بطريقة واحدة مثل القلق من قبل “المؤسسة البيضاء” للحفاظ على الصلاحيات والامتيازات التي يُنظر إليها على أنها إرثها التأسيسي. وللقيام بذلك، بحسب المنطق، يتطلب إضفاء الطابع المؤسسي على حكم الأقلية، بغض النظر عن التكاليف الاجتماعية.

ويؤكد غولدبيرغ في تحليله أن حكم الأقليات، كما حصل في جنوب أفريقيا، يتطلب القوة لإرسائه وإنفاذه للحفاظ عليه واستدامته، فهو يتطلب على الأقل تهميش الأغلبية وفي أسوأ الأحوال قمعها والسيطرة عليها.

ويعمل حكم الأقلية في الواقع من خلال الاعتماد على التقنيات الحاكمة التي تتضمن كل هذه الوسائل وسيتم تحديد أصوات الأغلبية وقمعها وتجاهلها وتقويضها، عن طريق التحايل لتهميش نشاطها السياسي، إن لم يكن قمعه بشكل صارخ، وسوف يتم تقسيم قواسمها المشتركة والتزاماتها المشتركة وإهمالها، ومن ثمة تتدهور مصالحها على نحو فظ.

وفي نفس المسار، فإن الأقلية التي تتطلع إلى تأسيس أو تمديد حكمها ستحتاج إلى الحفاظ على الوحدة أو على الأقل التظاهر بها وشراء المتشككين وإبراز فوائد محددة بجدوى سياساتها.

 

Share

التصنيفات: خارج الحدود,عاجل

Share