Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

مثقفون: التطبيع هروب من مأزق إلى صنع مأساة مضاعفة للفلسطينيين

“مأساة صناع الكوميديا الشيطانية أنهم هاربون من مأزقهم إلى صنع مأساة لشعب عاش فيها لما يقرب من قرن”.. هكذا علق الكاتب المفكر اليمني عبد الباري طاهر، على إعلان دولة الإمارات ومملكة البحرين التطبيع مع إسرائيل.

لكن طاهر قال إن “الكشف عن العلاقة غير الأخلاقية لا يجعلها أخلاقية، وإنما يكشف سوءتها، وافتقاد أصحابها للحياء، عملا بالحكمة المعكوسة (إذا بليتم فانكشفوا!)”.

وقال نقيب الصحفيين اليمنيين الأسبق إنه من خلال متابعته وقراءته ومعرفته بالعلاقات المضمرة والمستترة بين إسرائيل وبعض الأنظمة العربية، لم يفاجأ بالتطبيع قدر دهشته للضجيج الإعلامي، والتبشير الهش بعصر جديد، وازدهار ورخاء يعم الأمة كلها، ويغمر البلاد والعباد، معتبرًا أن الأمر كله لا يعني أكثر من علاقات خافية بين إسرائيل والإمارات والبحرين كُشف عنها الغطاء الآن.

ويرى طاهر أن العلاقة غير السوية الممتدة لعقود، ثم الضجة الإعلامية، وكأنها حدث تاريخي وإنجاز كبير، إنما يكشف عن إفلاس أبطال المسرحية الكوميدية السوداء ويفضح أمرهم، وهو العجز عن الفعل والإنجاز الحقيقي.

وأوضح في هذا السياق أنه “ليس مطلوبا من دولة البحرين الموجودة في عهدة العاهل السعودي أن تعلن الحرب على إسرائيل أو تعلن السلام وكأنها في حرب، ولا الإمارات التي يعاني شعبها الـ 800 ألف بين 7 ملايين أجنبي، فكأنهم جالية أجنبية في وطنهم، وليس محمد بن زايد وصيا ليوقع سلاما نيابة عن شعب فلسطين الذي هو صاحب قضية يدافع عنها، ويقاوم الاحتلال الاستيطاني لما يقرب من قرن من الزمان”.

ويلفت طاهر الانتباه إلى أن ترامب “بطل مأساة” يريد النجاح في دورة انتخابية غير مضمونة، ونتنياهو مساءَل في قضايا فساد تهدد مستقبله، ومحاصر بتحالف يسعى لإسقاطه، وشعبه يحتج ضده، ويريد ابتلاع قضية مستحيلة، ولا تستطيع أميركا مهما أوتيت من قوة تصفيتها. أما تطبيع البحرين، فهو مجرد رسالة سعودية ومفتوحة تقول: “أنتم السابقون، ونحن اللاحقون”.

ويردف طاهر “أما الإمارات، فمأزقها الداخلي وحربها في غير بلد، وبالأخص في اليمن، لا يمكن للتطبيع المهلك أن ينجيها من الهلاك”، على حد قوله.

من جريمة إلى أكبر

التطبيع هروب من جريمة إلى جريمة أكبر كما يقول عبد الباري طاهر. وعن موقف المثقفين اليمنيين من التطبيع مع إسرائيل، أوضح أن هناك علاقة تاريخية وإبداعية بين المثقف والأديب اليمني والفلسطيني، فأول رئيس للاتحاد الأدبي الفلسطيني عبد الكريم الكرمي أبو سلمى زار اليمن في عهد الإمام يحيى، وكتب قصيدته الشهيرة:

عرج على اليمن السعيد     وليس باليمن السعيد

واذكـــر إمامًا لا يـــزال     يعيش في دنيا ثمود

… وينتهي إلى القول:

إيـــــــه ملوك العرب لا     كنتم ملوكًا في الوجود…

ويرى أدباء وشعراء ومثقفون يمنيون ضد التطبيع، أن صناع التطبيع جزء من سياسة الحرب في وطنهم اليمن.

وختم طاهر بالقول “أما المآل فخائب. والتطبيع افتراء على إبراهيم وأبراهام ويعقوب وموسى وعيسى ومحمد”.

تطبيع أنظمة لا شعوب

من جهته، يعتقد الكاتب المخرج السينمائي اليمني المقيم بفرنسا، حميد عُقبي، أن خطوات التطبيع التي تمت من قبل الإمارات والبحرين مع إسرائيل لا تمثل الشعوب، فما حدث هو تطبيع أنظمة فحسب.

ويعتبر عُقبي في حديثه للجزيرة نت أن ما نراه اليوم من قطار التطبيع هو تطبيع أنظمة “أظن أن الشعوب سواء في البحرين أو الإمارات أو السعودية، وفي كل دول الخليج وفي العالم العربي وحتى في العالم الأوروبي، ليست مع هذه الخطوة”، مؤكدًا أن هناك فهما للقضية لدى الشعوب وأن هناك شعورا بفداحة هذا الظلم الذي يمارس ضد الشعب الفلسطيني.

وأضاف “ما حدث مؤخرًا -هو- لا يسمى تطبيعا إنما هو أقرب إلى الخنوع نفسه.. هو تنازل عن قضية إنسانية وقومية وعربية كبيرة”.

ويشير عُقبي إلى أن السياسة مصالح وهي بلا أخلاق وأن الشعوب بريئة، مؤكدا أن “ما يحدث الآن هو تراكمات لأغراض سياسية بحتة، وأنظمة يحكمها أشخاص طبعا لم يأتوا عبر صناديق الاقتراع ولا يعرفون نبض الشارع، حتى هم لا يمثلون شعوبهم في الحقيقة”.

ويردف “كل الشعوب العربية سواء في اليمن أو الخليج، أعتقد أنها مؤمنة ولدى جميعها أخلاق، بعكس الحكام الذين يحكموننا جميعا سواء في العالم العربي أو غير العالم العربي”.

وعن موقف المثقفين اليمنيين من التطبيع، يعتقد عُقبي أن أكثر المثقفين اليمنيين يحملون روح استحالة أن يكون هناك تطبيع مجاني، تطبيع دون مقابل، مؤكدا أن فلسطين هي في القلب وفي دم كل إنسان يؤمن بالعدالة الإنسانية أولًا وأخيرًا.

ويأسف عقبي لأنه في السنوات الأخيرة، أصبحت فلسطين في مؤخرة قطار الاهتمامات من قبل الفعاليات العربية، حتى فيما يتعلق بالمنتج الأدبي والفني والثقافي، يقول “كانت فلسطين مرتكزا مهما لأي كتابات ولأي توجهات وفي المؤتمرات والندوات في عالمنا العربي. قضية فلسطين كانت قضية أساسية لكن تم تغييب هذه القضية منذ سنوات”.

وتابع حديثه ، “القضية الفلسطينية نحن تربينا عليها ونحن صغار. تربينا على أنها قضية كبيرة وضخمة، قومية وعربية وإسلامية. كنا نهتف من أجلها ونحن أطفال في طابور المدرسة وإلى أن كبرنا، وأتذكر في جامعة بغداد، كلية الفنون الجميلة، كنا دائما نقيم مسرحيات، وكانت عندنا فرقة اسمها فرقة “أهل الكهف” وهي مؤلفة من مجموعة من الشباب الفلسطينيين وشباب عرب وعراقيين وكان يكتب لنا الكاتب الأردني الفلسطيني الكبير محمد طملية”.

وأفاد عقبي بأنهم قدموا مسرحيات ساخرة تمس القضية الفلسطينية مع الكاتب الساخر طملية، ويوضح “في 4 سنوات قدمنا أكثر من 10 أعمال مسرحية.. كنا نطوف بها في المدن العراقية وليس فقط في بغداد”.

وختم عقبي بقوله “هنا في فرنسا شاركت في كثير من المظاهرات لنصرة الشعب الفلسطيني. القضية الفلسطينية هي قضية عالمية وإنسانية في المقام الأول، وصعب جدًا أن يفرط الشخص بهذه القضية أو يسلم فلسطين عبر اتفاقية أو ما شابه”.

تحالف إستراتيجي

من جانبه، يرى الكاتب الباحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني في صنعاء، قادري أحمد حيدر، أن الاتفاق بين إسرائيل والإمارات يأتي في سياق تحالف إستراتيجي، وعلى طريق هندسة دور محتمل يتم ترتيبه والإعداد له لتكون الإمارات في صدارته وقائدة له في المنطقة العربية وفي أفريقيا، وحيثما كانت الحاجة إلى ذلك.

ويتابع أنه بعد غياب الدور التقليدي التاريخي لمصر من بعد كامب ديفيد، وتراجع الدور السعودي التقليدي، نتيجة مشاكلها الداخلية أصبح ثمة “دور وظيفي للإمارات في خدمة المشروع الصهيو-أميركي، في مرحلة يتصاعد فيها دور اليمين العنصري في أميركا، وبعض بلدان أوروبا.. دور هو في تقديري أكبر من كونه يخدم الأهداف السياسية التكتيكية (الانتخابية)، لترامب، ونتنياهو في تعزيز فرص حصولهما على قيادة الدولة في بلديهما” بحسب تعبيره.

ويعتبر حيدر في مقالة له تم تداولها على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي أن ما حصل هو تحالف، لأن التطبيع يأتي ويكون بين بلدين متجاورين، أو بلدين دخلا في صراعات سياسية وحروب عسكرية ضد بعضهما بعضا ولّدت حالة من المقاطعة والقطيعة فيما بينهما، فإسرائيل اشتبكت مع دول عربية بحروب في 1948م و1956م، و1967م إلى 1973م، واقتطعت بالحرب أراضي لدول منها: سوريا، ومصر، والأردن، ولبنان، وقبلها جميعا استمرت في احتلالٍ للأرض الفلسطينية.

وهنا من الصعب -كما يرى حيدر- عودة العلاقات بينها جميعا إلا من خلال عودة الأرض لأصحابها، والكيان الإسرائيلي حتى اللحظة لا يزال يقضم الأرض الفلسطينية ما بعد 1967م ويعلن صراحة حقه في ضم الضفة الغربية، وغور الأردن إلى أراضيه، فضلا عن المستوطنات الفلسطينية، وآخرها ضم القدس وجعلها عاصمة لإسرائيل، ناهيك عن استمرار احتلاله للجولان السوري، ومزارع شبعا في لبنان، بحسب تعبيره.

وكان كُتّاب وروائيون وأدباء مغاربة وجزائريون وتونسيون قد سحبوا في وقت سابق ترشيحاتهم لجوائز إماراتية، وانسحب آخرون من بعض المؤسسات الثقافية استنكارا لإعلان الإمارات العربية المتحدة التطبيع مع إسرائيل.

 

 

 

Share

التصنيفات: ثقافــة,عاجل

Share