Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

من “العدو الصهيوني” إلى “أولاد العم”.. كيف يهيئ محمد بن سلمان السعوديين للتطبيع؟

وكالات

كانت هناك مؤشرات عديدة على أن الإعلان عن التطبيع السعودي الإسرائيلي يمكن أن يتم في أي لحظة، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن، فما سبب التأخير؟ المؤكد هو أن السؤال لم يعد “هل يتم التطبيع” بل “متى”، فكيف يتم التجهيز للحظة الإعلان الرسمي عن ذلك الانتصار المدوي لتل أبيب؟

التطبيع السعودي الإسرائيلي موجود بالفعل

عندما تم الإعلان عن اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي لأول مرة، يوم 13 أغسطس/آب الماضي، كان الحديث عن اتفاق مشابه بين السعودية والدولة العبرية حاضراً بقوة لعدة أسباب أبرزها على الإطلاق يتمثل في ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان ورؤيته الخاصة بتحويل المملكة المحافظة إلى دولة عصرية، بحسب نص كلامه.

                          طائرة التطبيع الأولى عبرت المجال الجوي السعودي

وعلاقة الأمير الشاب بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر -مهندس صفقة القرن- محور رئيسي في قضية طبيعة العلاقات بين إسرائيل والسعودية من زاوية العداء مع إيران، أو بشكل أكثر دقة تشكيل محور يجابه إيران في المنطقة قوامه وحجر الزاوية فيه إسرائيل والسعودية وكلاهما حليف استراتيجي لواشنطن وإن اختلفت أسباب وطبيعة ذلك التحالف.

ولا يمكن إغفال الصعود الصاروخي لولي العهد منذ جلوس والده الملك سلمان على عرش المملكة مطلع عام 2015، وتأثير ذلك الصعود على طبيعة العلاقة بين إسرائيل والسعودية، وصولاً إلى فتح المجال الجوي السعودي أمام طائرة التطبيع مع الإمارات في لحظة تاريخية فارقة من جانب الرياض، لم يكن أحدا يتصورها قبل سنوات قليلة، وربما لم تكن لتحدث من الأساس لولا وجود محمد بن سلمان ولياً للعهد.

تأخير الاعلان عن التطبيع

كل المؤشرات إذن كانت تسير في اتجاه إقدام ولي العهد على ما قام به ولي عهد أبوظبي وملك البحرين والتوقيع على اتفاق تطبيع العلاقات السعودية مع إسرائيل، لكن والده رفض بشكل حاسم، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، وهو ما أدى لتأخير الإعلان أو الإشهار إن شئنا الدقة.

رفض الملك للإقدام على تلك الخطوة، بحسب التسريبات الإعلامية، أسبابه مفهومة؛ فالسعودية صاحبة مبادرة “الأرض مقابل السلام” التي تبنتها جامعة الدول العربية قبل نحو عقدين من الزمان، وتنص على انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي تحتلها مقابل تطبيع الدول العربية العلاقات معها، وفي ظل عدم قيام إسرائيل بالانسحاب أو حتى التصريح باستعدادها لذلك يصبح التطبيع معها “خيانة”، بحسب الفلسطينيين وغيرهم من الرافضين للتطبيع المجاني.

كما أن السعودية تختلف من حيث الحجم والتأثير وعدد السكان عن البحرين والإمارات، كما أن وضع المملكة كمهد للإسلام ومقر للأماكن المقدسة وتقدم نفسها كمدافع عن قضايا المسلمين حول العالم، وإن كان محمد بن سلمان الذي أصبح الحاكم الفعلي للمملكة لديه رؤية مختلفة تماماً عن السعودية كدولة عصرية تتمتع بنفوذ إقليمي ودولي من خلال التحالف مع البيت الأبيض وإسرائيل دون قيد أو شرط.

التجهيز للتطبيع مجتمعياً انطلق بالفعل

ونظراً لخصوصية الأوضاع الداخلية في السعودية، في ظل الانقسام الحاد داخل أسرة آل سعود الذي أحدثته إجراءات ولي العهد بحق أبناء عمومته وأعمامه الذين يخشى منافستهم له على العرش، بدأ محمد بن سلمان في تجهيز المجتمع السعودي لتقبل التطبيع مع إسرائيل، وهو ما ألقت وكالة الأنباء الفرنسية الضوء عليه في تقرير بعنوان “السعودية تدفع لتقارب مع اليهود في ظل عدم التطبيع مع إسرائيل”، رصد الخطوات التي تم اتخاذها بالفعل من إدخال تعديلات على الكتب المدرسية إلى التعريف بالتاريخ، في إطار الضغط من بوابة التقرب من اليهودية من أجل نوع آخر من التطبيع مع إسرائيل في ظل تمسكها بتأجيل إقامة علاقات رسمية مع الدولة العبرية.

ففي ظل إدراك المملكة أن مواطنيها المتعاطفين مع القضية الفلسطينية قد لا يكونون مستعدين للتطبيع مع إسرائيل، يدفع محمد بن سلمان لتغيير التصورات العامة عن اليهود في مجتمع كان يتلقى في الماضي إشارات سلبية في هذا الصدد، من قبل وسائل الإعلام والقنوات الرسمية، ما قد يُمهد الطريق للتطبيع في وقت لاحق.

وقال مسؤولون في السعودية إن الكتب المدرسية التي كانت تنعت أتباع الديانات الأخرى بأوصاف مثيرة للجدل، تخضع للمراجعة كجزء من حملة ولي العهد لمكافحة “التطرف” في التعليم، وذكرت المحللة السعودية نجاح العتيبي أن “الحكومة السعودية قررت أيضاً منع إهانة اليهود والمسيحيين في المساجد”، مضيفة: “الخطاب المعادي لليهود كان شائعاً في صلاة الجمعة من قبل الأئمة”.

استخدام الشيوخ لتمرير الرسالة

وفي تغيير مفاجئ، أثار رجل دين في مدينة مكة المكرمة سجالاً على مواقع التواصل الاجتماعي في وقت سابق من هذا الشهر، عندما تحدّث عن العلاقات الودية للنبي محمد مع اليهود، والحديث هنا عن الخطبة التي ألقاها عبدالرحمن السديس إمام المسجد الحرام في مكة، رغم أنه كان قد أثار الجدل في الماضي بسبب آراء اعتُبرت “معادية للسامية”.

وفي السياق، نال محمد العيسى، رجل الدين السعودي الذي يتولى رئاسة “رابطة العالم الإسلامي”، إشادة إسرائيلية، في يناير/كانون الثاني الماضي، بعدما زار بولندا لحضور احتفال بذكرى تحرير معسكر أوشفيتز، كما سعت المملكة إلى تواصل جريء مع شخصيات يهودية من خلال لقاءات، أحدها في فبراير/شباط، عندما استضاف العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز الحاخام المقيم في القدس ديفيد روزين، لأول مرة في التاريخ الحديث.

الهولوكوست رابطة العالم الإسلامي السعودية إسرائيل التطبيع مع إسرائيل

رئيس رابطة العالم الإسلامي خلال توقيع اتفاقية مع مؤسسة نداء الضمير الأمريكية/ موقع الرابطة

وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت المملكة عن عرض فيلم عن الهولوكوست لأول مرة في مهرجان سينمائي، قبل أن يتم إلغاء المهرجان بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، وقال مارك شناير وهو حاخام أمريكي على علاقة وثيقة بحكام الخليج “عندما يتعلق الأمر بإقامة السعودية وإسرائيل علاقات، فالسؤال هو: متى، وليس إذا ما كان سيتم ذلك”، ورأى أنّ “جزءاً من المسار الذي تتبعه جميع دول الخليج التي تسير على طريق التطبيع هو دفع العلاقات بين المسلمين واليهود قدماً، ثم الانتقال بجرأة أكبر إلى مناقشة علاقات إسرائيل والخليج”.

ووضعت صحيفة “عرب نيوز” السعودية في عطلة نهاية الأسبوع على حسابيها في تويتر وفيسبوك، لفترة وجيزة، تحيةً باللغة العبرية بمناسبة رأس السنة اليهودية الجديدة، ونشرت الصحيفة مؤخراً سلسلة طويلة عن يهود لبنان، وتخطط لتغطية مماثلة عن الجالية اليهودية القديمة التي عاشت في أرض السعودية، وقال رئيس تحرير الصحيفة فيصل عباس لوكالة فرانس برس إن التغطية “لم تكن مرتبطة بإسرائيل”، بل تهدف إلى التواصل مع “اليهود العرب في جميع أنحاء العالم”.

إسرائيل لم تعد “العدو الصهيوني”

وتمثل التغطية مقاربةً جديدة لوسائل الإعلام الخاضعة للرقابة في المملكة، وكانت وسائل الإعلام السعودية لا تصف الدولة العبرية في السابق إلا بأنها “العدو الصهيوني”، لكنها أشادت مؤخراً بالاتفاقات التي أُبرمت مع الإمارات والبحرين.

التعاون الاستخباراتي بين السعودية ودولة الاحتلال وصل إلى مرحلة متقدمة

ويقول مراقبون إن هذه التحركات تشير إلى أن المملكة لا تعارض التطبيع مع الدولة العبرية، بعدما دعمت الفلسطينيين بحزم سياسياً ومالياً لعقود، لكن وجهة النظر الشعبية قد لا تكون على استعداد للسير في هذا الطريق بعد.

فقد أشار استطلاع نادر للرأي العام السعودي، نشره الشهر الماضي “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”، إلى أن الغالبية العظمى من المواطنين السعوديين لا يؤيدون اتفاق تطبيع.

وعلى الرغم من محاولة الإعلام السعودي التقرب من الإسرائيليين واليهود، أيّد “9% فقط من السعوديين” قرار أشخاص يودون التواصل تجارياً أو رياضياً مع الإسرائيليين، وقال بدر، وهو شاب سعودي من الرياض، لفرانس برس “أي سلام؟ سلام بعد كل ما فعلته (إسرائيل)، قتل وحرب؟”، مضيفاً “من الصعب أن يحدث ذلك، وأنا لن أؤيده”.

 

Share

التصنيفات: أخبار وتقارير,خارج الحدود,عاجل

Share