Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

د. عبد الوهاب الروحاني : خدمها ولم يخنها قط ..المقحفي العاشق

عالم الاسرار،  هو العالم الذي نتوارثه نحن اليمانيون ولا ندري بخفاياه .. ولا كيف نحافظ عليه.. !!!

صاحبي رحمة الله تغشاه ، عاش حياته متنقلا بين رفوف الكتب ومخازن المخطوطات ..

دمث الأخلاق .. مثقفا متميزا ،

دقيقا في توصيفه وتنقيطه ..مخلصا ومجتهدا في عمله ، ملتزما بمهامه ومواعيده .. ثم فوق هذا وذلك بسيطا ومتواصعا.

كان قربه من مخطوطات الدار أكثر من قربه من أهله واولاده .. يخاف عليها ويتحدث بوجع عما يصيبها.

مثل مع زملاء له في المخطوطات ودور الكتب امتدادا حيا لعشق التوثيق والترات، الذي عرف به كثيرون من امثال القاضي علي أبو الرجال، والدكتور يوسف محمد

عبد الله (أطال الله بعمرهما)، والدكتور محمد عبد القادة بافقيه ، وعبد الله باوزير، والاخوين محمد واسماعيل الاكوع (الحوالي) رحم الله من رحل منهم.

فكرة لم تكتمل:

ربطتني بعبد الملك المقحفي علاقة عمل وزمالة عندما كنت معنيا بادارة الشأن الثقافي في البلاد ..

كان أيضا صديقا ودودا، وعضوا نشطا ضمن لجنة إعداد قوائم طبع الكتب والمخطوطات ، واختيار المواقع التراثية والاثرية لرموز واعلام صنعاء التي أعدت لصنعاء عاصمة للثقافة العربية 2004م..  والتي استبدلت بتبييض واجهات بعض المنازل القديمة .

تقريبا كنت على موعد أسبوعي مع ما كان يعده عبد الملك من ملاحظات ومقترحات بشأن جديد دار المخطوطات .. ورقة صغيرة كان يخرجها من جيبه ويستعرض الجديد في :

– الارشفة والتصنيف .

– المكتشف من الرقوق والمدونات التاريخية.

– خطوات الصيانة والترميم.

– وضع المخطوطات في المكتبات الخاصة ووسائل دعمها  والمساعدة في الحفاظ عليها ..

وهنا، كان صاحب فكرة أن تقوم الوزارة بترميم مخطوطاتها بمقابل السماح بتوثيقها وفهرستها.. الفكرة التي راقت لي وتحمست لها كثيرا .. واعلنت عن خطتها في العام 2001 من الدار ذاته بحضور الأستاذ احمد قاسم دهمش والقاضي اسماعيل الاكوع وعدد من المختصين ..

لكنها الفكرة التي ماتت قبل أن تكتمل بفعل التغيير ، وعقدة “أنا وحدي العيلوم” .. ثم بفعل اخضاع النشاط المؤسسي – غالبا – للاهواء والأمزجة.

مهربون:

أما المسروقات والمنهوبات منها فكانت ضمن القائمة .. لكنه بلطف ونبرة حزن والم كان يحرص أن ينقلها في آخر الكلام..

النزيف هنا كان – ولا يزال- كبيرا وفي كل مكان .. في كل المساجد، وكل المناطق .. ولعب فيه مال الخليج دورا شريرا .

جامعات ومراكز خليجية (سعودية – اماراتية بالذات) كانت على صلة بمهربين وتجار .. يزودهم قادة عسكريون ومشايخ ومسؤلون كبار بأهم وأندر الاثار والمخطوطات .

كان التجار والمهربون يجمعونها في مخازن واقبية خاصة، وإذا فشلوا في تهريب بعضها كانوا يلجأون إلى حرقها .. كما حدث ذات شتاء في  أحدى المناطق التهامية (لربما) زبيد أو بيت الفقيه أن لم تخني الذاكرة ..

عشق التراث:

كان المقحفي وهو من اسرة صنعانية توارثت البحث والتحقيق في المخطوطات والتوثيق  يميز بين المخطوطات ويتعرف على مؤلفيها من خطوطها والوان حبرها وتعرجات حروفها ..

برز من المعاصرين منهم في مجال التحقيق والتوثيق الاستاذ والصديق النبيل ابراهيم المقحفي ، صاحب كتاب  (معجم البلدان والقبائل اليمنية)، الذي أضاف بكفاءة عالية جديدا مهما على المؤلفات التي سبقته في هذا الباب .. وهناك الصديق الباحث احمد المقحفي صاحب المركز اليمني للمخطوطات واحياء التراث ، الذي تمكن بجهد خاص من جمع كم هائل من المخطوطات النادرة في مركزه .

تعلمت من عبد الملك المقحفي واحمد العنابي، ومحمد لطف غالب، والاستاذ الدكتور يوسف محمد عبد الله وكلهم اساتذة وزملاء حرف مهنة عشق المخطوطات ومعرفة بعض قواعد واصول التحقيق ..

ظل عبد الملك المقحفي بعد مغادرتي وزارة الثقافة صديقا مداوما على لقاءات منتدى الاربعاء بمركز الوحدة للدراسات الذي اديره ..

كان يثري مع العنابي، ومحمد غالب٫ وياسين غالب (الفنان), والتام، ونخبة من المثقفين  نقاشاته في المخطوطات والرقوق النادرة..

رحم الله عبد الملك المقحفي .. رحل وكان لا يزال يبحث عن الجزء الثامن (المفقود) من اكليل أبو محمد الحسن بن احمد الهمداني ..

آلمني رحيله .. فقد رافق المخطوطات وعاش رحلة طويلة معها في الصيانة والترميم ، والتصنيف والفهرسة ..كما عاصر في الثقافة مسؤولين من اصناف وألوان واشكال  ومشارب متنوعة ومتعددة .. منهم من بر بمسؤوليته ومنهم من عبث وخان ..

عزاء عبد الملك انه عاش ومات

عاشقا وفيا للمخطوطات .. خدمها باخلاص، وحد علمي أنه لم يخنها قط.

رحم الله عبد الملك المقحفي وعزائي لكل أهله ومحبيه .

Share

التصنيفات: أقــلام,عاجل

Share