Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

د.أحمد الصعدي: فرنسا التي تفتخر.. لا تعتذر !

ترفض فرنسا الرسمية – وليس الرسمية فقط – الاعتذار عن حروبها وجرائمها الاستعمارية في الجزائر ، بما في ذلك إجراء تجارب نووية سرية على الأرض الجزائرية ، كما ترفض الاعتذار عن ماضيها الاستعماري للشعب التونسي ، او السوري او لأي شعب آخر بل تتعامل مع هذه البلدان ، لاسيما مع سوريا بألم فقد ونزعة ثأر .
ولا تفعل فرنسا ذلك لكونها لا تعبأ بالماضي بل على العكس لكونها شديدة الإعتزاز والفخر بماضيها الاستعماري بما فيه من جرائم ارتكبتها في جهات العالم الأربع ، وإليكم هذين الدليلين بقلم أحد أكبر سياسيي فرنسا في النصف الثاني من القرن العشرين هو فاليري جسكار ديستان ، الذي تقلد مناصبا وزارية منذ 1962 وأصبح رئيسا للجمهورية من عام 1974 إلى 1981 . والدليلان مأخوذان من كتابه (السلطة والحياة) ، الطبعة الروسية ، موسكو ، 1990 (320 صفحة) .
الدليل الأول ، عندما قام بزيارة رسمية إلى مصر في ديسمبر 1975 رفض طلب الرئيس السادات زيارة قناة السويس لمشاهدة ما تعرضت له من قصف وتدمير من قبل ((إسرائيل)) في حرب أكتوبر 1973 . قال متفاخرا ، أنه رفض هذا الطلب للسادات أثناء التحضير للزيارة وأثناء الزيارة نفسها ، وأنه وبكل سرور اختار أن يزور الإسماعيلية ليشاهد بيت فرديناند دو ليسبس (1805 – 1894) ، الذي شق قناة السويس وباشر شق قناة بنما معتبرا أنه بذلك يؤدي واجب الوفاء لأعمال فرنسا العظيمة رغم أن قراره أغضب السادات .
الدليل الثاني ، قبل أن يقوم بزيارة إلى موسكو في أكتوبر 1975 خطط للقيام بما لم يسبقه إليه أي زعيم فرنسي ، أي زيارة موقع معركة برادينسكي عند نهر موسكو التي جرت بين الفرنسيين والروس عام 1812 تقديرا لجيش فرنسا العظيم الذي عبر أوروبا من باريس إلى موسكو مشيا على الأقدام ، وقاتل بشراسة وقساوة . ومن شدة ولع الرئيس الفرنسي فاليري جسكار ديستان ب((أمجاد)) الأجداد ، ومن أجل أن يبعث روح معركة برادينسكي إلى الحياة فقد استعد لذلك بقراءة ما جاء عنها في رواية ليف توليستوي (الحرب والسلام) ، واصطحب معه مدير المتحف العسكري في باريس وعددا من أحفاد أشهر العائلات في زمن فرنسا الامبراطورية . كما اصطحب معه خبراء في الخرائط العسكرية وسار في الطرق التي سار فيها المحاربون الفرنسيون في تلك المعركة الشهيرة عام 1812 .
في الكتاب وقائع كثيرة تفاخر الرئيس الفرنسي من خلال روايتها أنه كان شديد الإعتزاز بفرنسا ، بكل ماضيها وحاضرها . وكما فعل فاليري ديسكار ديستان فعلت وتفعل فرنسا إلى اليوم ، تفتخر بماضيها الاستعماري العدواني ولا تعتذر عن أية جرائم ارتكبتها بحق الشعوب ! وسيأتي من أعرابنا من يقول يكفي أنها تصدر لنا أرقى العطور مالنا ومال التاريخ !

Share

التصنيفات: أقــلام,عاجل

Share