Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

د.أحمد الصعدي: من “سلّم” الجوف؟

بعد طرد القوات السعودية ومرتزقتها وتحرير مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف، كما بعد عملية (البنيان المرصوص) وعملية (نصر من الله) أخذت اطراف حلف العدوان والغزو والاحتلال تتقاذف التهم في البحث عن أسباب الهزائم وصولا الى تبادل التخوين.

وقبل دخول العدوان مرحلة الهزائم كانت اطرافه تتقاذف التهم في البحث عن أسباب عجزه عن احتلال صنعاء أو الحديدة، وفي كلا الحالتين ما كان يجمع الاطراف المتحالفة -المتناحرة هو خوفها من الاعتراف بالاسباب الحقيقية لصمود الجيش واللجان الشعبية ثم انتقالهما الى مرحلة العمليات والانتصارات الكبرى. واهمها التفوق المعنوي، أي تفوق الفكرة التي يتشكل مضمونها من استقلال الوطن وحريته وكرامة مواطنيه وايمان المقاتل من أجل الفكرة بعدالة قضيته وبصحة موقفه، وأن الله ناصر المظلومين المعتدى عليهم سينصره.

هذه الفكرة أصبحت قيمة عليا راسخة لدى المقاتل اليمني، ومعنى قيمة عليا أنه يجعلها أسمى من حياته الدنيوية، ولاجلها يختار طريقة موته طواعية. مقابل هذا الثراء والتفوق المعنوي يعاني تحالف العدوان من الخواء المعنوي، إذ لا يملك مقاتلوه أي دوافع غير مادية بإسثناء الحقد والكراهية وهما دافعان لارتكاب جرائم ومذابح لا لصنع انتصارات .
قد يكون من دوافع بعض اطراف العدوان لتقاذف الاتهامات، بالإضافة الى الهروب من الاعتراف بالتفوق المعنوي للخصم، الرغبة في المكايدة بين الاطراف المتنافرة، وبالنسبة للعدو السعودي على وجه الخصوص ما يعرف عنه من غطرسة وانفصال عن الواقع، أما بالنسبة لمدبر ومدير هذا العدوان البربري، أي الادارة الامريكية ووصيفتيها الحكومة البريطانية والكيان الصهيوني فالأمر في غاية الجدية وفي صلب أهداف العدوان لدى الأمريكي واتباعه. فالحرب على اليمن هي في أحد أهم جوانبها حرب ضد الفكرة ومن أجل ترسيخ فكرة العجز الكلي لدى أي شعب لا ينتمي الى الثقافة الغربية (امريكا الشمالية واوربا والكيان الصهيوني). يسعى هذا الغرب العدواني في كل حروبه الى إرغام شعوب الشرق على الاعتراف بتفوقه العسكري كما هو متفوق في الجانب الثقافي والاقتصادي والتكنولوجي وأن هذا التفوق العسكري متواصل منذ أن وضعت أسسه التقاليد الاغريقية التي ما أنفك المؤرخون الغربيون يستعيدونها ويفاخرون بها الى يومنا هذا، ويعدون تفوقهم في أية حرب امتدادا لتفوق الاغريق في معركة (سلامينا) عام ٤٨٠ قبل الميلاد التي انتصر فيها الاغريق على الامبراطورية الفارسية ومعركة ماراثون عام ٤٩٠ قبل الميلاد التي انتصر فيها ملتيادس على الفرس ، وما السباق المعروف في ايامنا باسم “الماراثون” إلا تخليدا لقرية ماراثون التي جرت فيها المعركة وللعدّاء الذي حمل بشرى النصر الى أثينا والذي مات بعد أن وصل وبشر الاثينيين بانتصارهم على الفرس. (انظر ان شئت عرضا لكتاب ((المجازر والثقافة . المعارك الكبرى التي صنعت الغرب)) لمؤلفه فيكتور ديفيس هانسون الاستاذ بجامعة كاليفورنيا والمتخصص بالتاريخ العسكري للعصور القديمة ، في مجلة ((اوان)) ، البحرين العدد 5 ، ابريل 2004) .
الحرب على الفكرة التي ورثها الغرب، وكرسها في حروبه الاستعمارية الحديثة والمعاصرة، من أهم أهداف الحروب التي يشنها الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين والشعوب العربية إذ يسعى الى جعل الفلسطينيين والعرب يسلمون تسليما كاملا بفكرة أنهم أمة عاجزة متخلفة لا تجيد الحرب وأن جيش الكيان الصهيوني ومخابراته “الموساد” قوة لا تقهر. لتلك الأسباب حاولت الدعاية الصهيونية وبعض العرب الذين كانوا مخدوعين باتفاقات أوسلو أن يعزوا الهزيمة المذلة لجيش الاحتلال وهروبه من جنوب لبنان في ٢٥ مايو عام ٢٠٠٠ الى الديمقراطية في “اسرائيل” والى “حركة الامهات”، وكانت حركة امهات الجنود المتمركزين في جنوب لبنان قوية ولكن مابعثها الى الوجود ومنح صوتها قدرة على التأثير هو أكياس الجثث التي كانت تعود من جنوب لبنان كل يوم تقريبا.

المغالطات ذاتها استخدمت عام ٢٠٠٦ لإنكار وتشويه صورة النصر الذي حققه شعب لبنان ومقاومته في حرب تموز. فالخوف من أن يترسخ في وعي المواطن العربي الشعور بالثقة وبالقدرة على هزيمة الجيش الذي كرس لعقود عدة أنه لا يقهر هو أكثر ضرراً على الكيان الغاصب من الهزيمة نفسها، وقد بينت مجلة “نيوز ويك” الأمريكية في استطلاع لها بعد عام من النصر أن الخوف والقلق من احتفالات حزب الله بالنصر لا يقتصران على اليمين في المجتمع “الاسرائيلي” بل يشملان مجتمع الكيان برمته بما في ذلك من يسمون انفسهم دعاة السلام .
من هذا المنظور البعيد لاهداف هذا العدوان الوحشي على اليمن، الذي تديره عسكريا واقتصاديا ونفسيا وإعلاميا الولايات المتحدة الامريكية لا ينبغي لنا أن ننتظر من يمتلك الشجاعه ويعترف بالحقائق، لأن جعل مقاومة الشعب اليمني وبسالته وتضحياته مثال وقدوة للشعوب العربية هو الهزيمة الاقسى والابعد غورا ومدى ما نعرفه نحن هو أن لا الجوف ولا أية منطقة من المناطق التي كان يسيطر عليها العدوان ومرتزقته تم تسليمها بل حررت بالدم الذي كتب التحرير على كل شبر من الأرض وباشلاء الشهداء التي تركت على كل قطعة من ارضنا العزيزة معالم لن يطالها النسيان ولن يمحوها الزور والبهتان .

Share

التصنيفات: أقــلام,عاجل

Share