Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

د.أحمد الصعدي: 21 سبتمبر بين الجوهر والمظهر

كان الصحفي المغدور جمال خاشقجي ، الوفي والمخلص للنظام السعودي ولسياساته العدائية وسعيه لتشديد قبضة يده الغليظة على اليمن أول من أعطى حكما موضوعيا على ما حدث في 21 سبتمبر 2014 . فبعد أيام معدودة على الحدث – الزلزال كتب جمال خاشقجي أن ما حدث في صنعاء ، ويعني بذلك دخول أنصار الله وفرض وجودهم شريكا في القرار السياسي هو أخطر تحول شهدته اليمن منذ عام 1970 ، وزاد على ذلك أن الطرف الذي تأثر بهذا الحدث هو المملكة العربية السعودية ، واقترح في الوقت نفسه على قيادته عدم الهلع ، وتقبل الحقيقة المرة التي تقول أن المملكة ، من الآن فصاعدا لن تكون وحدها صاحبة النفوذ الكامل على اليمن . ونصح أصحاب القرار السعودي التعامل مع الصدمة المروعة بالتشجيع على الديمقراطية ودعم الأحزاب التي تضمن لها الأغلبية للسيطرة على القرار اليمني . إن هذا التقييم لتحولات 21 سبتمبر ، الذي أتى من شخص وثيق الصلة بأعلى مراكز صنع القرار في السعودية هو أقرب إلى الحقيقة على العكس من صراخ وعويل وخرافات الأحزاب اليمنية التي ناحت وما زالت تنوح على الجمهورية والنظام الجمهوري ! فبحكم العلاقة الخاصة بين المملكة السعودية منذ نشوئها واليمن ، والتي تلخصت بخوف المملكة من الكيان اليمني ورغبتها في اضعافه للسيطرة عليه ، واصابته بمرض فقدان المناعة الدائم كان 21 سبتمبر ثورة تحرر وطني حقيقية . وبسبب الخصوصية المذكورة للهيمنة السعودية على اليمن كان ومايزال من غير الممكن مطلقا إحداث أي تغيير يبتغيه الشعب اليمني في أي مجال من مجالات حياته ، ولو كان في مجال الزراعة بدون الاستقلال السياسي من النفوذ السعودي البغيض .
من هذه الأبعاد العميقة يجب أن ندرك جوهر ثورة 21 سبتمبر 2014 بغض النظر عن حملة التشويه والتبشيع المسعورة التي ووجهت بها وما تزال ، فليس من الممكن لمن فقد هيمنته وسلطانه أن يغني ويترنم باسم الكارثة التي أصابته . لقد ارتبطت ثورة 21 سبتمبر منذ البداية باستقلال القرار اليمني وبالعداء الصريح والمبدئي لكل أشكال النفوذ والهيمنة السعودية وغير السعودية ، ومن هنا يأتي أثرها المصيري في حاضر ومستقبل الشعب اليمني . لم يعجب بعض السذج وسيئي النوايا وحرباوات السياسة في اليمن المظهر الذي أتخذته الثورة في سبتمبر 2014 لأنهم كانوا يريدون تحركا ثوريا يقوده ناشطون أنيقو المظهر ، وتجمعهم الصور المكللة بالابتسامات مع السفراء وملحقي السفارات ، ناشطون يفكرون ويهتمون بإرضاء أصحاب السعادة السفراء والموظفين في السفارات ولو كان على حساب وطنهم وأهلهم . والتاريخ يعلمنا أن الثورات والتحولات الكبرى في تاريخ الشعوب ليست رحلات سياحية يختار السواح للقيام بها الوجهة والوسيلة والرفقاء وفقا لأذواقهم ، فالناس يصنعون تاريخهم على أساس ما يعيشونه من واقع وما يرثونه من ظروف وامكانيات وأفكار وتقاليد . ولتذكير الثوار ((الأنيقين)) و(الكاجوال) نقول أن ثورة 25 يناير في مصر كانت في منتهى البهاء والروعة من حيث مظهر الثوار وابداعاتهم الفنية وباقات الورود التي تسلحوا بها ولكنها ونتيجة للسذاجة وللركون بل والاستسلام للدول الداعمة آلت إلى ما آلت إليه الآن ، إلى سلطة ديكتاتورية مفردة ورثت كل مساوئ مبارك وزادتها سوءا ، وتخلت عن بعض ما كان لدى مصر في زمنه من كبرياء مكنتها من التعامل بندية مع ممالك النفط . أما وائل غنيم أيقونة الثورة فاسألوا أين هو اليوم وكيف أحواله أيها الثوار المسلحين بالآيسكريم وبباقات الورود ، وبتلويحات من هذا السفير او ذاك ، فليس بهذه الصورة تغير الشعوب شروط وجودها .
والشعب اليمني أراد أن يأتي إلى فجره بالطريقة التي وصفها البردوني قائلا :
((الشعب يأتي لاهثا صابرا ممتطيا أوجاعه النازفه
يأتي …كما تأتي سيول الربى نقية خلاقة جارفه
يبرعم الشوق الحصى تحته والشمس في أجفانه هاتفه
وتهجس الأعشاب في خطوه هجس المجاني لليد القاطفه)).

Share

التصنيفات: أقــلام

الوسوم:

Share