Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

محمد ناجي أحمد: ملاحظات نقدية في (الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة )

 

ينبغي أن نؤكد في البداية على أن (الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة ) في محاورها العديدة تختلف عن (المباديء العامة ) التي يفترض أن تنطلق من أسسها هذه (الرؤية) فالمباديء العامة تؤسس لدولة دينية ،في حين أن محاور وتفاصيل (الرؤية ) تمت صياغتها باختراف مهني ،ووعي ينتمي إلى (اقتصاد السوق ) و(الاقتصاد المجتمعي) باستثناء أنه في محور العدالة الاجتماعية تم إقحام مسألة (تعزيز الاحسان ) وهذه ليست من وظائف الحكومة وانما وظيفة الوعاظ وخطباء المساجد ،والثقافة الريفية والبدوية ،لكن التفات (الرؤية) إلى موضوع توظيف واستثمار اموال وممتلكات الاوقاف في انشاء شركات استثمارية لتشغيل العاطلين من الفقراء ،وإعطاء الفقراء اسهما في هذه الشركات يعد خطوة متقدمة في سياق (الاقتصاد المجتمعي) فوظيفة الحكومة هو تشجيع الانتاج وخلق فرص عمل لا تشجيع وتعزيز (الاحسان والصدقات) الذي يغزز ويضخم البطالة والعطالة …
تركز الرؤية في مبادئها العامة وهي كعب أخيل الرؤية من وجهة نظري- على الاسلام كمباديء وتعاليم ومنطلقات وضوابط لبناء الدولة اليمنية الحديثة ،وعلى تحقيق العدالة والمواطنة واخترام الحقوق والحريات صمن الثوابت الدينية ،والاسرة عي مركز الاهتمام لا الفرد ،وبهذا تكون الوثيقة مغايرة لتقور أنصار الله بخصوص بناء الدولة ،والتي تفدمت بها إلى مؤتمر الحوار الوطني ،وقد نصت فيها على مدنية الدولة وعدم اتصافها بالاسلام أو الايمان أو التدين…الخ.

تتعامل الوثيقة (الرؤية) مع الدستور أيا كان الدستور الحالي أو الذي سيتم تعديله على أنه مرجعية يسترشد بها كغيرها من الوثائق مثل برامج الاحزام أو برنامج الحكومة أو الخطة العالمية للتنمية المستدامة والتحارب والمقترحات ورؤي المؤسسات الحكومية وغير الحكومية وتصورات الاحزاب والمكونات السياسية -وهنا يصبح الدستور ليس (قانون القوانين) وإنما مجرد وثيقة يسترشد بها…من ضمن عديد مرجعيات …

لو كانت المباديء العامة متسقة مع تصور أنصار الله لبناء الدولة التي قدموها في الحوار الوطني لكانوا موفقين لكنهم تركوا التميز ووضعوا مباديء عامة لا أراها عكست جوهر الرؤية …
رؤية فيها جهد مميز لبناء الدولة لكنهم أسسوها على مباديء الدولة الدينية ،وكأن داخل حركة انصار الله من لا يريد لهم ان يطورا نهجهم انطلاقا من ادبياتهم التي قدموها لمؤتمر الحوار الوطني …

تميزت الرؤية في مفهوم التماسك الاجتماعي بالتنبه لتعزيز أسس التماسك الاجتماعي وإزالة آثار الصراعات وتحصين المجتمع من عوامل الانقسام وربط ذلك بالمقررات والمناهج الدراسية والمؤسسات الدينية ،لكن (ترسيخ مبدأ الاحسان ) مجتمعيا باعتقادي ليست من النقاط الايجابية لأنها توسع من طبقية المجتمع ،على عكس الاشارة الى انشاء مجموعة شركات من موارد الاوقاف لتشغيل الفقراء ومنحهم اسهما كما جاء في الرؤية بشكل موفق وايجابي …

في موضوع العدالة الاجتماعية لم تنطلق من هدف الثورة اليمنية المتمثل بإزالة الفوارق بين الطبقات وانما كانت واقعية ،فتحدثت عن (تقليل الفروق بين المواطنين ) وتحقيق المساواة بين التوظيف وتكافوء الفرص ومنع التمييز والتهميش والاقصاء الاجتماعي والحرمان من الحقوق ،واصلاح هيكل الاجور باعتماد مفهوم الدخل أي الراتب والبدلات والمكافآت بدلا من مفهوم الأجر والراتب الاساسي،وتطبيق فلسفة النظام الضريبي متعدد الشرائح والتصاعدي ،ودعم السلع والخدمات العامة من رعاية صحية وتعليم وتوفير مصدر دخل ثابت للفئات الأشد فقرا والعاطلين عن العمل.

وفي مفهوم (الهوية والثقافة ) كان هناك تنبه لوحدة الهوية التاريخية الحضارية والعربية والاسلامية ،وترسيخ الهوية الوطنية الواحدة الشاملة والجامعة لكافة مكونات المجتمع اليمني كأساس لبناء الدولة اليمنية الحديثة …وتطوير مناهج اللغة العربية كمكون رئيسي في مفهوم الهوية …

لكن مشكلة الرؤية أنها ركزت على الاسرة وليس الفرد ،ولو وازنت في اهتمامها لكان الفرد هو اهم وحدة في بناء الدولة وليس الاسرة…مع العم أن الرؤية تميزت بوعيها في الربط بين التنمية المستدامة والتوازن بين النمو السكاني والموارد المتاحة ،وتوسيع سياسات التنمية وبرامجها الى الريف وتشجيع الاستقرار فيه للحد من الهجرة وتصخم المدن،بناء على استثمار موارد الارض وطاقات الانسان بكفاءة…

في المحور الاقتصاد ،من الواضح أن اهداف هذا المحور كانت تدور في اطار (اقتصاد السوق) وأن دلالة التنافس تفهم في هذا السياق ،مع تطعيمها بمفهوم (الاقتصاد الاجتماعي ) وهو مصطلح نشأ كنظرية ورؤية في الرأسماليات التابعة ك(الهند)

هناك رؤية منهجية في كل محاور هذه الوثيقة الوطنية ،في التناولات السابقة وفي الخدمة المدنية ،وفي البيئة والدفاع والامن والخارجية الخ. واذا كانت الوثيقة قد التزمت بموقف أنصار الله بإلغاء وزارة الاعلام ،لكن الرؤية يفترض بها أن تقدم تصورا عن الاعلام الذي يفترض مؤسسيا أن يكون ،إدارة ورسالة وغايات ،وهو ما أغفلته هذه (الرؤية الوطنية …) كذلك تناولت الوثيقة (الخدمة المدنية ) لكنها لم تحدد هل تكون الخدمة المدنية وزارة أم هيئة …

ما يلفت نظر الباحث أن أنصار الله في اطار سلطتهم قدموا تصورا لبناء الدولة اليمنية الحديثة بتفاصيلها ،رغم مآخذي للمباديء العامة التي افتتحوا به هذه الرؤية ،والتي لاتمت بصلة لجوهر الرؤية ،وكأن المباديء العامة مجرد رطانة شكلية ،لكنها رطانة سلبية من وجهة نظري…مع ذلك فإن سلطة هادي وحكومته عاجزة عن إدارة المناطق التي يسيطرون عليها ويديرونها بعقلية العصابات لا الدولة وهذه مفارقة واضحة لكل باحث يمتلك قدرا من الموضوعية والحياد الايجابي…

Share

التصنيفات: أقــلام

الوسوم:

Share