Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

حسن الوريث : المواطن والشرطة .. معادلة الأمن و الخوف

كنت مع ابني وصديقي الصغير عبد الله نقف امام المنزل حين سمعنا أصوات مزعجة لسيارات تسير بسرعة جنونية وتكاد تدهس المارة من فرط سرعتها غير المنطقية ولم أكد امسك ابني وصديقي للهروب والنجاة بأنفسنا ونهدا قليلا حتى كانت قافلة اخرى تمر بجوارنا وبنفس السرعة وتحمل مساجين وتكرر الأمر أربع مرات وهذه السيارات تزعج الناس وتقلق راحتهم وسكينتهم فكل الشوارع التي تمر منها تعمل حالة طوارئ خوفا منها ولأنهم الشرطة فلا أحد يجرؤ على الانتقاد لهذه التصرفات ولاتصل هذه السيارات إلى المحاكم الا بعد فواصل من الفوضى وإقلاق الأمن  .

وبعد أن تاكدت انا وصديقي العزيز بأنه لم يعد هناك سيارات ستاتي بادرني بسؤال سريع لماذا تسير هذه السيارات هكذا ؟.. قلت له ياصديقي هذه سيارة السجن ومعها سيارات الشرطة لحمايتها خوفا على السجناء وربما ايضا انهم وهم في عجلة من أمرهم لإيصال السجناء إلى المحكمة ولم أكد أكمل إجابتي حتى كان هناك سؤال جديد وبريء يطرحه بصديقي الصغير ممن يخاف رجال الشرطة حتى نشاهدهم يسيرون بهذه السرعة ومع كل هذا الأسطول من سيارات الشرطة ؟ فأجبته أنهم يخافون على السجناء من المواطنين فكان هناك سؤال أكثر براءة لكنه يحمل ذكاء ابني وصديقي الصغير المعتاد حيث قال .. اذا كانت الشرطة تخاف من المواطن فكيف يمكنها أن تحميه وهي تخاف منها فلايمكن لشخص خائف ان يحمي الآخرين؟ .

بصراحة لقد افحمني صديقي بسؤاله الذكي وحاولت فعلا ان  ابحث عن إجابة لسؤاله كيف للأمن الذي يخاف من المواطن ان يحمي ذلك المواطن إذ لايمكن ان تجد الحماية عند شخص لايستطيع توفيرها لنفسه ؟ ولايمكن ان تثق في أجهزة الشرطة التي تفر من المواطنين بهذا الشكل خوفا منك في أنها يمكن ان تحميك وتحمي ممتلكاتك وامنك واستقرارك .

لكن مازال البحث عن إجابة لذلك السؤال جاريا ومهما حاولنا أن نجتهد في الإجابات الا أن حل تلك المعادلة التي طرحها ابني وصديقي العزيز مازال غير متوفرا وسنحاول هنا انا وصديقي ان نقدم بعض المقترحات للحلول بقدر الإمكان ولكن يستلزم العودة إلى تاريخ ذلك الجهاز الأمني والشرطوي حتى يتسنى لنا الوصول إلى إجابة مقنعة ولو بنسبة بسيطة لأن الموضوع كبير ويحتاج إلى دراسات وأبحاث ورسائل ماجستير واطروحات دكتوراة تساعدنا في إيجاد حل لمعادلة الأمن والخوف بين الشرطة والمواطن .

قلت له ياصديقي الصغير والذكي منذ تأسيس جهاز الأمن والشرطة وهو قائم على فرض معادلة الخوف في أوساط المجتمع وتصوير الجهاز على أنه بعبع وليس صديقا المواطن وفي خدمته بحسب الشعار الذي كنا نجده في كل مراكز الأمن والشرطة والداخلية ”  الشرطة في خدمة الشعب ” فقد تحول الشعار إلى المواطن في خدمة الشرطة فكل معاملات الناس في هذا الجهاز لايمكن ان تمر دون أن يدفع المواطن مقابل تلك الخدمات حتى عندما يذهب المواطن إلى القسم ليبلغ عن سرقة منزله أو محله أو حتى تلفونه لابد أن يدفع دم قلبه حتى يتمنى لو انه لم يذهب إلى القسم  ويرفع يديه إلى السماء ليشكو السارق الذي سرقه والامن الذي لم ينصفه بل وزاد من تعبه وارهقه .. حينها قاطعني صديقي العزيز بقوله .. كيف يعني مسروق ومتضرر ويزيد يدفع فلوس ؟ قلت له ياصغيري الحبيب هذا هو الذي من أجله انعكس الشعار من خدمة الشعب إلى خدمة الشرطة .. فهذا هو الحاصل وهذا هو الذي نزع الثقة من أجهزة الأمن والشرطة تماما وجعل كل طرف من الأطراف يقف في زاوية بعيدة عن الأخر وكأنهم أعداء وليسوا أصدقاء وكان الشرطة من كوكب آخر وليست من الشعب كما جعل الشعب يتهرب من التعاون مع الشرطة ما تسبب في وجود الفجوة الكبيرة وأصبح كل واحد يخاف من الاخر .

سألني صديقي الصغير مرة أخرى   .. طيب هو اسمه الأمن يعني انه يحقق الأمن فلماذا يخاف ؟.. بالتأكيد ياصديقي وكما اتفقت انا وانت دوما .. ان فاقد الشيء لايعطيه فعندما يفقد جهاز الشرطة الأمن فلايمكن ان يعطيه للاخرين ومن هنا يمكن ان نوجه دعوة انا وانت إلى الجهات المسئولة بضرورة إعادة ترتيب أوضاع جهاز الأمن والشرطة وإيجاد الثقة للمواطنين بهذا الجهاز والعمل على تحقيق معادلة الأمن للجميع وليس كما هو الان.. الخوف للجميع .. حينها ستجد أن السيارات الخاصة بالشرطة تسير بشكل طبيعي وسيستقبلها الناس بالود وستجد ان المواطن يبذل كل جهده ويتعاون مع الأمن وتكون الشرطة في خدمة الشعب والمواطن في خدمة الشرطة وستتحول أقسام الشرطة وإدارات البحث الجنائي والنجدة وكل قطاعات الأمن إلى أماكن لخدمة الناس ويرتاحون لها ولزيارتها .. وهذا لن يأتي الا برؤية حقيقية وصادقة من قبل الدولة لمعالجة اوضاع جهاز الأمن والشرطة على أسس علمية تنطلق من دوره في خدمة الشعب وتحقيق الامن والاستقرار والسكينة العامة للمواطن والوطن ..  وإلى ذلك الحين ياصديقي نسأل الله السلامة للجميع.

Share

التصنيفات: أقــلام

Share