Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

حسن الوريث : من يقتل لا يساعد .. ومن يساعد لايقتل

لم اكد ادخل البيت حتى وجدت ابني وصديقي الصغير يمسك بي بيد وبيده الأخرى كان يمسك بجهاز الراديو حيث كان صوت المذيع يقرأ تقريرا عن مؤتمر المانحين حول اليمن وعبدالله يسألني بلهفة .. ايش يعني مؤتمر المانحين لليمن ؟وما فائدته؟.
جلست قليلا معه احاول الاستماع إلى بقية التقرير والأرقام التي وردت فيه وكذا تصريحات المشاركين فيه خاصة امين عام الأمم المتحدة وبعض مسئولي المنظمات الدولية الإنسانية المشاركة في المؤتمر حتى استطيع تكوين فكرة ورؤية عن الموضوع للإجابة على أسئلة واستفسارات صديقي العزيز .. وبعد أن انتهى التقرير استأذنت من صديقي بأن احاول البحث في المواقع عن المؤتمر لتكون المعلومات أكثر وادق .. وبعد موافقته لانه يريد أن يعرف كل شيء عن هذا المؤتمر بدأت البحث الذي تكلل بمعلومات ربما تكون مفيدة لنا جميعا .
قال لي صديقي العزيز هل انتهيت من البحث ؟ قلت له تقريبا ولو ان الموضوع يحتاج إلى المزيد من البحث والإطلاع وسأحاول فيما بعد خاصة ان الانترنت الان كعادته دوما سيء ولا يشجع على الاستمرار في البحث لأنه يسهم في رفع الضغط لكل من يستخدمه وعموما سأعود إلى موضوعنا اليوم عن مؤتمر المانحين الذي هو عبارة عن اجتماع أعلنت الأمم المتحدة عنه ودعت إليه كل الدول من اجل جمع الأموال للشعب اليمني من قبل المشاركين فيه وكانت المنظمة الدولية قبل الاجتماع وضعت خطة بالاحتياجات الإنسانية لليمن خلال العام الحالي وهذا الاجتماع الهدف منه جمع التبرعات من هذه الدول لتمويل هذه الخطة فقاطعني صديقي الصغير بحدة هل يعني جمع التبرعات مثل التبرعات التي تجمعها للفقراء والمساكين في المسجد والشارع ؟ بالتأكيد ياصغيري نفس الشيء جمع تبرعات لليمنيين الذين أصبحوا كلهم فقراء ومساكين ويحتاجون للمساعدات وتقارير الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى تؤكد ذلك بل أنها صنفت الوضع في اليمن بأنه اسوأ مجاعة في التاريخ الحديث وان الحالة الإنسانية وصلت إلى مستويات كارثية .. حينها قال لي صديقي العزيز يعني ان المؤتمر لصالح مساعدة الشعب اليمني في تجاوز الوضع الذي تحدثت عنه وهذه المنظمات تعمل لهذا الغرض .
قلت له ياصديقي العزيز هل تصدق ان هذه الدول والمنظمات تعمل من اجل مساعدة الشعب اليمني؟ فأجابني بقوله هذا ما يظهر في هدف المؤتمر الذي هو جمع المال لمساعدة اليمنيين .. حاولت ان أشرح الموضوع لصغيري العزيز حتى يعرف أن هذا المؤتمر الذي عقد لمساعدة اليمن على الأقل ظاهريا لن يكون له أثر ملموس على حياة الناس وتحسين الأوضاع الإنسانية لأن نتائج التبرعات للمؤتمرات السابقة لم تؤثر إيجابيا على الأوضاع بل ان الوضع يزداد سوء والحالة الإنسانية تتدهور فقلت له ياصديقي .. الأمم المتحدة كما قلت لك جمعت خلال المؤتمرات السابقة مليارات الدولارات من التبرعات ووزعتها على نفسها .. فقاطعني قائلا.. كيف وزعتها على نفسها ؟ لكني قلت له تمهل ياصديقي وساقول لك كيف وزعت الامم المتحدة الأموال على نفسها .. فانت تعرف ان عدد من المنظمات تتبع الأمم المتحدة مثل منظمة الصحة العالمية ومفوضية اللاجئين واليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي وغيرها وبالتالي فهذه المساعدات تصرف إلى هذه المنظمات التابعة للأمم المتحدة وهي تقوم بصرفها وفق ما وضعته من الخطط والبرامج والتي قدمتها إلى مؤتمرات المانحين لتمويلها حتى تقوم بتنفيذ تلك الخطط لكنه قاطعني مرة جديدة وقال لي .. وماذا في هذا الأمر اذا كانت هذه المنظمات هي من يتولى صرف المساعدات وفقا للخطط التي وضعتها؟ قلت له ياصديقي لنلقي انا وانت نظرة على كيفية صرف المساعدات عبر هذه المنظمات وستعرف أين تذهب ؟ ولماذا انا أعترض على ذلك ؟ هذه المساعدات يتم توزيعها وفقا للاولويات التالية.. المبلغ الاكبر يذهب الى بند مرتبات وأجور العاملين في هذه المنظمات والتي يوجد لديها جيوش من العاملين في كل أنحاء العالم وهي فرصة لتمويل أجور هؤلاء اما البند الذي يليه فهو بند التنقلات والسفريات لأولئك الموظفين الذين يتسلمون مبالغ خيالية بدل مواصلات وسفر وزيارات لليمن وهو بند اساسي لايمكن الاستغناء عنه حيث يتم جلب ما يسمون خبراء وفنيين ومدراء اقليميين من كل أنحاء العالم إلى اليمن للاطلاع على الأوضاع وكيفية صرف المساعدات لرفع التقارير إلى الامم المتحدة حول مستوى الصرف والتوزيع فيما البند الثالث هو بند الحملات الإعلامية لتلميع هذه المنظمات وبملايين الدولارات وأما البند الأخير فهو الأقل حظا وربما لايصل إلى 10 بالمائة من الموازنات وهو مايتعلق بالمساعدات والتي هي في معظمها مساعدات اما منتهية الصلاحية أو تنتهي من التخزين والنقل أو يتم بيعها قبل ان تصل للمستهدفين وكذا لقاحات وعلاجات ليست المطلوبة والتي يحتاجها الناس فهل عرفت ياصديقي لماذا الأمم المتحدة توزعها على نفسها ؟ .
رد عليا صديقي الصغير ببراءته المعهودة .. يعني ان هذا المؤتمر بيجمع التبرعات للأمم المتحدة وليس للشعب اليمني .. فأجبته نعم ياصغيري العزيز فهم يجمعون التبرعات لأنفسهم فالوضع لدينا لم يتحسن بل يتدهور وهذه المنظمات مرتاحة للوضع وأي مسئول فيها يشعر بنقص في موازنة منظمته ماعليه سوى الظهور في وسائل الإعلام ليحذر العالم من الأوضاع المأساوية والكارثية في اليمن ويدعو الجميع الى إنقاذ الشعب اليمني وتوفير الدعم اللازم لتمويل خطط منظمته للتدخل في اليمن وهكذا فإن الوضع في اليمن أصبح هو الدجاجة التي تبيض ذهبا لتلك المنظمات فقاطعني صديقي قائلا.. لماذا لاتتدخل الدول في هذا الأمر وتراقب عمل المنظمات وتحاسبها على ما تقوم به ؟ .. اتعرف ياصديقي العزيز المثل الشعبي القائل .. السرق اخوة .. لانه ينطبق عليهم فالدول تسكت على الأمر لأنها مستفيدة فمثلا أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا تبيع الأسلحة لدول تحالف العدوان بمليارات الدولارات كما أنها تبيع مواقفها الإنسانية أيضا بمليارات أخرى وبالتالي فهذا الوضع يعجبها بل أنها تساعد على استمراره والنفخ فيه ولا يمكن ان تعمل على وقف الحرب لأنها مستفيدة منها .. فقال لي وبقية الدول .. قلت له بقية الدول اما انها تستفيد ببيع مواقفها أو انها تابعة للدول الكبرى ولا تستطيع مخالفتها وهكذا وكما يقال في المثل المصري .. شيلني واشيلك.. فكل منهم يسكت على الآخر من اجل المصالح وآخر ما يفكرون فيه هو الإنسان..

بعد أن سمع صديقي العزيز هذا الكلام أطلق تنهيدة قوية وقال .. الان عرفت لماذا لم يتم إيقاف العدوان والحرب علينا ؟ وعرفت أيضا ان هذه الدول والمنظمات تتمنى استمرار الحرب ويشجع دول التحالف على ارتكاب المزيد من الجرائم لابتزازها .. والآن عرفت اكثر أنهم لايساعدوننا ابدا لكنهم يساعدون أنفسهم.. فقلت له هل يعقل ياصديقي العزيز ان تكون مساعدتنا بقتلنا وتدمير بلدنا ؟ فالسعودية والإمارات تقولان أنهما تساعدان الشعب اليمني وهذا كذب وبهتان إذ كيف لدول ارسلت طائراتها وصواريخها لقتلنا ان تساعدنا ؟ وكيف لدول استأجرت جيوش مرتزقة من كل بلدان العالم لمحاربتنا وقتلنا كيف لها ان تساعدنا فالمساعدة لاتكون بالقتل والتدمير ؟ وكيف للمجتمع الدولي الذي يقول انه يساعدنا ان يصمت على كل مايجري من قتل وتدمير وجرائم حرب وضد الإنسانية؟ وكيف لهذه الدول والمنظمات التي تستفيد من الحرب ان تعمل على إيقافها ؟.
فقال لي صديقي الصغير .. صحيح ان من يقتلك لا يساعدك ومن يريد مساعدتك لا يمكن ان يقتلك أو يسكت على قتلك وإذا كانت هذه الدول والمنظمات قلبها على الشعب اليمني وتريد مساعدته ووقف تدهور الأوضاع الإنسانية الكارثية فعليها أن تزيل سبب كل ذلك وهي الحرب والعدوان والحصار وعليها ان تلزم دول تحالف العدوان على إنهاء تدخلها في اليمن لأن كل الأوضاع الكارثية هي بسبب الحرب والحصار وإذا توقفت فستنتهي المأساة اما استمرار الحرب فإنه سيزيد من معاناة الناس أكثر وأكثر ..
قلت له سلمك الله ياصديقي العزيز فهذا هو الكلام الصحيح من يريد مساعدة الشعب اليمني لايقتله ومن يقتله بالتأكيد أنه بعيد عن مساعدته ونحن لانريد مؤتمرات مانحين تستجدوا فيها التبرع لنا وانتم تقتلونا وتوزعوا أموال التبرعات فيما بينكم فيما الشعب اليمني بعيد عن كل ذلك .

 

Share

التصنيفات: أقــلام

Share