Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

لماذا لجأت السعودية للتصعيد مع كندا في ملف الحريات؟

نيران حرائق انتهاكات حقوق الإنسان المتصاعدة في السعودية ضد نشطاء الرأي والنساء مؤخرا وصل دخانها الى عدة عواصم عالمية؛ فانطلقت التحذيرات والانتقادات للرياض من منظمات حقوق الانسان وكثير من تلك العواصم وطوال الشهور الماضية تعاملت الرياض مع تلك الرؤى والانتقادات اما بتعليقات هادئة او بالتجاهل والصمت، غير ان الساعات الماضية تفاعلت ازمة الاعتقالات السعودية لتفجر أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين السعودية وكندا، حيث استدعت الرياض سفيرها من كندا التي امهلت سفيرها ايضا ساعات لمغادرة المملكة، وذلك على خلفية انتقاد كندا كبقية دول العالم أوضاع حقوق الانسان في الممكلة، وقالت في بيان لها الجمعة الماضي إنها “تشعر بقلق عميق” بشأن احتجاز نشطاء في مجال المجتمع المدني وحقوق المرأة في السعودية. هذا التصعيد السعودي تجاه كندا لافت للنظر، حيث لم تجرؤ الرياض على اتخاذ نفس الخطوات الدبلوماسية التصعيدية مع دول أخرى سبق وانتقدت المملكة على نفس الملف وبذات القوة. وهكذا نجد انفسنا امام السؤال الكبير: لماذا كندا؟ اما الامر الثاني فهو ان الازمة مع كندا مرشحة للتمدد لتشمل اطرافا اقليمية اخرى، بعد ان دخلت على خطها البحرين والامارات واصطفتا خلف الرياض.

توتر العلاقات بين كندا والسعودية يعود لبضع سنوات والخلافات بين البلدين تغذيها قضايا حقوق الإنسان. وأحدث أطوار هذا الخلاف الذي تسبب بطلب السعودية امس من السفير الكندي مغادرة البلاد واستدعاء سفيرها في كندا وتجميد التعاملات التجارية معها، ردا من الرياض على انتقادات وجهتها أوتاوا للمملكة بشأن حقوق الإنسان، في إشارة لقضية التضييق على ناشطات في السعودية وخصوصا اعتقال الناشطة سمر بدوي . وعلى خلفية هذه القضية اعتبرت الرياض السفير الكندي “شخصا غير مرغوب فيه” وأمهلته 24 ساعة لمغادرة البلاد، فيما استدعت سفيرها بكندا “للتشاور”، احتجاجا على ما اعتبرته “تدخلا” في شؤونها الداخلية.

مطالبة بالإفراج عن معتقلي الرأي
وكانت السفارة الكندية في الرياض أعربت عن “قلقها الشديد” حيال موجة جديدة من الاعتقالات طالت ناشطين في مجال حقوق الإنسان في المملكة، وبينهم الناشطة سمر بدوي. وقالت في تغريدة الجمعة على “تويتر” “نحث السلطات السعودية على الإفراج عنهم وعن جميع ناشطي حقوق الإنسان المسالمين فورا”. واعتقلت بدوي مع الناشطة نسيمة السادة الأسبوع الماضي، وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنهما “آخر ضحايا حملة قمع حكومية غير مسبوقة على حركة حقوق المرأة”.

وسمر بدوي حائزة على “الجائزة الدولية للمرأة الشجاعة” التي تمنحها الخارجية الأميركية للعام 2012، كما حصلت بدوي، على جائزة “اولف بالمة” التي يمنحها البرلمان السويدي ، وتحمل الجنسية الأمريكية و تعمل في مجال حقوق المراة وطالبت بإنها وصاية الرجل على المرأة ، وتدرس الآن المرحلة الثانوية التي حرمت منها سابقا. كما أنها زوجة المعارض والسجين وليد ابو الخير. وتقوم بحملة من أجل الإفراج عن شقيقها المدون رائف بدوي، المؤسس المشارك للشبكة الليبرالية السعودية والذي اعتقل في 2012 بتهمة “الإساءة للإسلام”، وحكم عليه في مايو 2014 بالسجن عشرة أعوام وألف جلدة على 20 أسبوعا.وتقيم إنصاف حيدرزوجة رائف بدوي في كيبيك بكندا منذ خريف 2013 مع أولادها الثلاثة.

انتقادات كندا للسعودية ليست جديدة فقد أعرب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو للرياض في أبريل الماضي عن “قلقه الكبير والمتواصل” بشأن المدون المعتقل. أما نسيمة السادة فهي ناشطة من مدينة القطيف الساحلية وعملت لفترة طويلة من أجل إلغاء نظام “ولاية الرجل” ورفع حظر قيادة المرأة للسيارة.

كندا تتمسك برايها
وفي اول تعليق للحكومة الكندية على قرار السعودية أعربت كندا عن “قلقها الشديد” إزاء تجميد السعودية للتعاملات التجارية الثنائية الجديدة بين البلدين.لكنها قالت إنها متمسكة بموقفها تجاه دفاعها عن حقوق الإنسان في المملكة وبتعليقاتها، والتي أثارت الخلاف الدبلوماسي بين البلدين. وقالت، ماري بيرل، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الكندية “كندا ستدافع دائما عن حماية حقوق الإنسان ، بما في ذلك حقوق المرأة ، وحرية التعبير في جميع أنحاء العالم”، مضيفة أن بلادها “تريد مزيدا من التوضيح من قبل الحكومة السعودية”. وتابعت: “إن حكومتنا لن تتردد أبدا في نشر هذه القيم كما تعتبر أن الحوار يحظى بأهمية حيوية بالنسبة للدبلوماسية الدولية”. وتعرض “الدولار الكندي” للهبوط عقب قرار السعودية تجميد العلاقات الاقتصادية والاستثمارية مع كندا، وذلك وفقا لما ذكرته وكالة “بلومبرغ” الأمريكية.

وشكرت الناشطة السعودية، منال الشريف، كندا على موقفها وانتقاداتها لموجة الاعتقالات الأخيرة، داعية الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى الانضمام إلى كندا في الدعوة للإفراج عن زميلاتها الناشطات المحتجزات.

مصير صفقة التسليح الكندية
واللافت ان هذا التصعيد يأتي في الوقت الذي تدافع فيه كندا عن تسليحها للسعودية بوجه مظاهرات وانتقادات شعبية كندية بسبب جرائم الحرب التي ترتكبها السعودية في اليمن. حيث اعتبر رئيس الوزراء الكندي أن بيع بلاده عربات نقل جنود مدرعة إلى الرياض يتوافق مع “المصالح الوطنية الكندية ولا ينتهك حقوق الإنسان”.

وقال للبرلمان الكندي: “قرار تصدير الأسلحة في كندا يتخذ فقط في حال كان هذا يتوافق وسياستنا الدفاعية الخارجية، وبما يكفل عدم انتهاك حقوق الإنسان.
وسبق ان وضعت السعودية الحكومة الكندية في ورطة بسبب صفقة مماثلة. وقالت صحيفة “الجارديان” البريطانية إن الحكومة الكندية تحقق في تقارير تفيد بأن السعودية تستخدم مركبات مدرعة مصنوعة في كندا ضد مدنيين في المملكة.

البحرين والإمارات على خط الأزمة
وقالت البحرين امس إنها تقف مع الرياض في الخلاف السياسي مع كندا، ورفضت ما وصفته بتدخل أوتاوا في الشؤون الداخلية السعودية. وقالت وزارة الخارجية البحرينية على تويتر “تؤكد مملكة البحرين على تضامنها التام مع المملكة العربية السعودية الشقيقة في مواجهة أي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية، وضد كل من يحاول المساس بسيادته”.

كما غرد انور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الاماراتي قائلا (لا يمكن الا ان نقف مع السعودية في دفاعها عن سيادتها وقوانينها واتخاذها للاجراءات اللازمة في هذا الصدد، ولا يمكن ان نقبل بأن تكون قوانيننا وسياداتنا محل ضغط او مساومة”.

انتقادات أطراف أخرى للمملكة الانتقادات الدولية للمملكة في الملف الحقوقي أخذت أشكالا متعددة ولم يصمت أمامها حتى أقرب حلفاء الرياض، وهكذا فعلت واشنطن خاصة مع تصاعد حملات الاعتقال، حيث انتقدت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي الاخير، حالة حقوق الإنسان في السعودية، مؤكدة أن اعتقالات الأمراء والدعاة في المملكة “جرت خارج القانون”. ويأتي ذِكر التقرير للسعودية بشكل سلبي هنا مؤشراً على تطوّر في الموقف الأمريكي ضد السلطات السعودية.
وسبق ان انتقدت الخارجية الأمريكية اوضاع الحريات في السعودية ضمن التقرير السنوي لعام 2016 عن وضع الحريات في نحو 200 دولة. كما أصدر خمسة من مسؤولي حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية، بيانات مشتركة تطالب السعودية بإخلاء سبيل عشرات المواطنين الموقوفين.

وفي توضيح لأسباب ردة فعل السعودية على التصريح الكندي، أكد المحلل السياسي الروسي، سيرغي ديميدينكو، أن تصرفات السعودية تحمل طابعا سياسيا بحتا. ولفت إلى أن أيا من البلدين لن يتكبد خسائر اقتصادية ملموسة بسبب هذه التطورات، خاصة أن حجم التبادل التجاري بينهما يصل مليار دولار فقط، وأن كندا هي منافس أكثر منها حليف للمملكة بسبب دورها في سوق النفط.وأوضح أن السلطات السعودية تسعى لعرض مواقفها الحاسمة والحازمة في جميع الاتجاهات لا سيما في فترة الإصلاحات الجارية في البلاد حاليا.

وكالات

Share

التصنيفات: أخبار وتقارير,خارج الحدود

Share