Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

أسلحة العدوان المحرمة فاقمت الكارثة وسبّبت تشوهات خلقية لأطفال اليمن

دراسة علمية: 20 حالة عيب ولادي لكل 1000 ولادة

لم تنته بعد معاناة اليمنيين جراء العدوان والحصار والموت والأوبئة ، بل بدأت تتكشف فصول مأساة جديدة متمثلة بالتشوهات الخلقية لدى الأجنة وحديثي الولادة، لا سيما في المناطق التي شهدت استخداما واسعا للأسلحة المحرمة دوليا من قبل تحالف العدوان على اليمن بقيادة السعودية، إذ تضاعفت خلال السنوات الأخيرة أعداد المواليد المشوهين خلقياً، في مستشفيات العاصمة صنعاء ومحافظات صعدة وعمران وحجة والحديدة، كما تباينت أيضاً، تلك التشوهات ما بين تشوهات بالأطراف، وتشوه في ساق واحدة، وتشوه أصابع اليدين والقدمين، وشق الشفة والحنك المشقوق، وتشوه في الأمعاء وشق في البطن.
ارتفاع حالات التشوّهات
مدير عام مكافحة الأمراض والترصد الوبائي وزارة الصحة، الدكتور محمود إسحاق ، أكّد ارتفاع عدد حالات التشوّهات الخلقية لدى الأطفال حديثي الولادة في عدد من المحافظات.
وقال إسحاق لـ”الثورة”، إن حالات العيوب الولادية تضاعفت ، لكن لا توجد إحصائيات دقيقة لمثل هذه الحالات الناتجة عن استخدام العدوان أسلحة إشعاعية”.
وأشار إلى أن إدارة مكافحة الأمراض والترصد الوبائي، تسعى لبناء القدرات في مجال الوبائيات من أجل الوصول إلى نظام الترصد للأمراض وبناء قاعدة بيانات لتلك الأمراض والأوبئة، ومنها التشوهات الخلقية للمواليد لتوفير المعلومات اللازمة عنها .

 

%91 تشوهات كبرى
لكن دراسة علمية حديثة قالت إن عدد حالات العيوب الولادية بلغ 95 حالة من إجمالي 4672 ولادة تمت بمعدل حدوث 20 حالة لكل 1000 ولادة، وهذا يعتبر معدلا عاليا خاصة أن الدراسة أجريت خلال فترة قصيرة (أكثر من شهرين) وشملت ستة مستشفيات (الثورة، السبعين، الجمهوري، الأم، 48، العلوم والتكنولوجيا) ، وهذا لا يظهر إلا جزءاً بسيطا من حجم المشكلة، وفقا للدراسة التي أعدها كل من جيهان عبدالمغني- باحث رئيسي ونجلاء السنبلي وعبدالوحد السروري- باحثين مساعدين.
واشارت الدراسة التي حصلت عليها “الثورة” والمعنونة بـ” العيوب الولادية حجم المشكلة وجدوى انشاء نظام ترصد لها في اليمن” الى أن التشوهات الكبرى خلال أكثر من شهرين (20 نوفمبر 2017 – 31 يناير 2018م) شكلت 91 % من إجمالي العيوب الولادية، و45 % كان لديهم عيوب متعددة، وتأثر الجهاز العصبي في 49 % من الحالات؛ ومعدل وفيات حديثي الولادة بين حالات العيوب الولادية الحية 59 % ، وحوالي ثلثي 63 % من الأمهات من سكان امانة العاصمة، و54 % في الفئة العمرية 19 – 29 سنة، منهن عديدات ولادة، الى جانب وجود صلة قرابة بين الوالدين في 49 % من الحالات.
ونوهت الدراسة بأن 84 % من الأمهات أجرين فحص الموجات فوق الصوتية أثناء الحمل، و39 % فقط قد تم تشخيصها في فترة ما قبل الولادة، و55 % من الأمهات أفدن انهن لم يتناولن مكملات حمض الفوليك خلال الحمل.
وأوصت الدراسة بإنشاء نظام ترصد للتشوهات الولادية لتوفير المعلومات اللازمة عنها وما يتطلب من تعزيز للتشخيص المبكر، والتوثيق الطبي واجراء دراسات لتحديد عوامل الخطر لإجراء التدخلات المطلوبة للوقاية والعلاج.

تفسيرات علمية
بدورها أرجعت الدكتورة جيهان عبدالمغني- أخصائية نساء وولادة والتي اسهمت في اعداد الدراسة – التشوهات أو العيوب الولادية الى أسباب متعددة قد تكون غير معروفة في غالبيتها كالأسباب الوراثية او البيئية: “مثل إصابة الام ببعض الامراض الإنتانية أو المزمنة كالحصبة الألمانية او السكري، بعض الادوية ، نمط الحياة كالتدخين والسمنة، وعوامل تغذوية”.
وأكدت أن التعرض للمواد الكيمائية او الإشعاعية من أهم الأسباب التي تؤدي إلى التشوهات أو العيوب الولادية.
وأشارت إلى أن التشخيص للتشوهات أو العيوب الولادية تكون قبل الولادة، أو عند الولادة ، أو لاحقا بعد الولادة ، وأوضحت أن التشخيص قبل الولادة يكون غالبا عن طريق الكشف بالأمواج فوق الصوتية خلال الحمل، ورأت أن ذلك يعتمد على خبرة وكفاءة الفاحص وقدرته على الكشف المبكر في بداية الحمل وحسب نوع التشوه.
ونوهت جيهان عبدالمغني ، بأن العديد من التشوهات لا يمكن الكشف عنها وقت الولادة لأنها تحتاج الى وقت لتشخيصها و يحتاج بعضها أيام او أشهر ، أما التشخيص وقت الولادة يكون خاصة للتشوهات الظاهرة، اما بالبحث عن الأسباب او الاستعداد للإصابة، تقول يحتاج الى فحوصات أخرى وهي ليست متوفرة ضمن إمكانيات وزارة الصحة .
وترجع السبب في عدم تشخيص أسباب إصابة المواليد بتلك الأعراض والتشوهات الخلقية التي تصيب المواليد وهم في بطون امهاتهم، إلى عدم وجود نظام ترصد لحالات العيوب الولادية في اليمن، وكذا عدم الاهتمام بالتسجيل والتوثيق في المشافي والمرافق الصحية، وعدم توفر قاعدة بيانات لمعرفة الحجم الأصلي للمشكلة ومعرفة اتجاهاتها خلال السنوات السابقة و لمقارنتها بالوضع الحالي ، ناهيك عن عدم توفر دراسات لعوامل خطورة الاصابة بالتشوهات الخلقية.
وباعتبار ان 30 % فقط من حالات الولادة في اليمن تتم في المرافق الصحية حسب نتائج المسح الديموغرافي الصحي للعام 2013م ، يمكن اعتبار نتائج دراسة التشوهات الولادية تمثل رأس قمة الجبل الجليدي لمشكلة التشوهات الخلقية وقد يكون العدد اكبر بكثير” بحسب جيهان عبدالمغني.
غياب الاحصائيات
أما الدكتور محمد الصوملي، رئيس هيئة المستشفى الجمهوري بمحافظة حجة، فيؤكد أن الحالات المصابة بالتشوهات الخلقية تضاعفت في العديد من المناطق بمحافظة حجة ، التي يستهدفها تحالف العدوان السعودي الأمريكي بغارات شديدة الانفجار وقنابل عنقودية محرمة دوليا.
وقال الصوملي ، إن المستشفى الجمهوري بحجة ليست لديه احصائية دقيقة، لكنه يستقبل العديد من الحالات المصابة بالتشوهات الخلقية للمواليد على مستوى المحافظة.
تشوهات صعبة التشخيص
فيما شكت الدكتورة فطوم المقطري ، أخصائية الأطفال في المشفى ذاته، من عدم توافر امكانيات التشخيص لأسباب إصابة المواليد بتلك الأعراض والتشوهات الخلقية ، كالأجهزة التي تساعد على تشخيص كثير من التشوهات الخلقية للأجنة ، وهم في بطون امهاتهم مثل الاشعة التلفزيونية ثلاثي الأبعاد (US 3D)،وكذلك جهاز فحص الجينات والكروموسومات و جهاز فحص أمراض الاستقلاب الوراثية بالمشفى، لافتة إلى أن هناك تشوهات من الصعب تشخيصها الا بعد الولادة.
في صعدة
أما هيئة المستشفى الجمهوري بمحافظة صعدة ، فرصدت 17 حالة من الأطفال المشوّهين خلقيا ، 8 حالات ذكور و9 حالات أناث ، خلال العام 2017م .
وقال رئيس هيئة المستشفى الجمهوري بمحافظة صعدة، الدكتور صالح عبدالله قربان، في حديث لـ”الثورة” إن جميع حالات المواليد المصابين بالتشوهات الخلقية سواءً كانت حال ولادة الجنين بقسم الطوارئ التوليدية بالهيئة أو الحالات التي تتردد على أقسام الهيئة ما بعد الولادة يتم رصدها.
وأوضح قربان ،أن عدد المواليد المصابين بالتشوهات في محافظة صعدة ،بعد مـــرور العام الأول على بدء العـــــدوان السعودي الامريكي الغاشم على اليمن تضاعف، ويرى أن السبب الحقيقي لتلك التشوهات هو القنابلَ والصواريخ المحرّمةً دولياً التي اطلقتها السعودية على مناطق مختلفة من صعدة.
وأشار إلى أن من أنواع التشوهات الخلقية التي تم رصدها وتوثيقها بالهيئة ، تشوهات خلقية في مناطق مختلفة من الجسم ( الرأس – الاطراف – الظهر )وكذا تسلخ في الجسم ونقص في الأعضاء.
ودعا قربان ،المنظمات الدولية ووزارة الصحة والسكان، إلى إجراء مسوح علمية لدراسة وتوثيق استخدام العدوان لأسلحة محرمة دولياً أثرت على صحة الأمهات، ما جعل عشرات الأَطْفَال يولدون مشوهين، لافتا إلى أن تلك المسوح لا يجب أن تقتصر على التشوهات الخلقية ، بل تشمل جميع الفئات العمرية من أبناء المناطق التي تم استهدافها من قبل طائرات تحالف العدوان .
من جانبه ، قال مدير مكتب الصحة بمحافظة صعدة الدكتورعبدالاله العزي، لـ”الثورة” إن حالات التشوهات الخلقية بين المواليد تركزت في المناطق الحدودية ، إذ ألقت طائرات تحالف العدوان بقيادة السعودية شتى أنواع القنابل العنقودية والمحرمة على القرى والمزارع والمناطق الآهلة بالسكان .
ومضى العزي قائلا: إن المواليد الذين لا يكادون يبصرون الحياة حتى يفارقونها هم بالفعل ضحايا القنابل العنقودية التي استخدمها العدوان في اليمن”.

اسلحة محرمة تفتك بالأجنة
بدوره يجزم عبدالله علاو ، رئيس مؤسسة الشرق الأوسط للتنمية وحقوق الإنسان ، أن الذخائر العنقودية اسلحة محرمة ومجرمة يحرم استخدامها وفقا للقانون الدولى الإنساني واستخدامها يعد من جرائم الحرب التى تستوجب المسائلة وعدم الافلات من العقاب.
وأكد علاو في حديثه لـ “الثورة ” أن تحالف العدوان بقيادة السعودية استخدم قنابل عنقودية محرمة دوليا في حربه على اليمن ، مشيرا إلى أن النتائج التى تظهر في الميدان بتشوهات الاجنة أو الآثار المستمرة بانفجارها في الاطفال والنساء الرعاة والمزارعين في الارياف يدل على ان امريكا والسعودية ودول التحالف لم تجد رادعا واطمأنت من المساءلة والعقاب .
من ناحيتها ،أوضحت وزارة حقوق الإنسان ، في ملخص تقريرها عن ألف يوم من العدوان أن التشوهات الخلقية ظهرت في أكثر من 3 % من الحالات بسبب استخدام طيران دول التحالف لمواد سامة كيماوية عبر الصواريخ العنقودية والفسفورية وغيرها من الأسلحة المحرمة دولياً .
وقالت إن تحالف العدوان بقيادة السعودية – منذ بداية هجومه على المدن اليمنية استخدم العديد من الأسلحة المحرمة دولياً ولم يراعِ مبادئ وأحكام المواثيق الدولية، حيث أشارت تقارير رسمية وتقارير عدد من المنظمات الدولية إلى استخدام تحالف دول العدوان أنواعاً مختلفة من الأسلحة والذخائر المحرمة في مناطق وأحياء سكنية مختلفة من محافظات الجمهورية ومن بين تلك الأسلحة والذخائر (قنابل عنقودية ،انشطارية ،فراغية ، نيترونية وفسفورية ) .
وتبين تقارير الرصد والتوثيق استخدام تحالف دول العدوان قنابل نترونية وفسفورية وعنقودية وفراغية تنبعث منها إشعاعات والتي لها تأثيرات مستقبلية على المواطنين، كما تشير تقارير مركز الأورام السرطانية إلى تزايد حالات الإصابة بالأورام وعلى وجه الخصوص في المدن التي تعرضت لمئات الغارات بالقنابل المحرمة كصعدة وحجة وأمانة العاصمة.
وقد وثقت وزارة حقوق الإنسان استخدام تحالف دول العدوان للأسلحة والذخائر المحرمة دولياً في عدد من مناطق محافظات الجمهورية وتسببت في سقوط الضحايا من المدنيين.
وبهذا الشأن أكدت تقارير عدد من المنظمات الدولية استخدام العدوان أنواعاً مختلفة من الأسلحة المحرمة دولياً في العديد من غاراته الجوية، حيث ذكرت منظمة العفو الدولية “إن تحالف دول العدوان استخدم أسلحة محرمة وأوضحت وبشكل علمي وجود بقايا نوعين من القنابل العنقودية المستخدمة في القصف الجوي على مدن الجمهورية اليمنية وهما الذخائر الثانوية من نوع (BLU-97) والقنبلة الناقلة لها من نوع (CBU-97 )، ونوع آخر أكثر تعقيداً يحمل اسم (CBU-105) وهو عبارة عن سلاح مزود بصاعق يعمل بجهاز الاستشعار.
حيث تنشر القنابل العنقودية عشرات الذخائر والقنابل على مساحة واسعة (مساحة ملعب كرة قدم) وقد لا تنفجر الكثير من هذه الذخائر الثانوية أو القنابل لحظة ارتطامها بالأرض، مما يجعلها تشكل تهديداً لكل من يلمسها أو يتعثر بها في المستقبل.

العفو الدولية تكشف

وأكدت منظمة العفو الدولية في هذا السياق أن” قوات التحالف الذي تقوده السعودية استخدمت تشكيلة برازيلية الصنع من الذخائر العنقودية المحظورة دولياً في إحدى هجماتها على حي سكني في منطقة أحمي في صعدة شمال اليمن، ما أوقع أربعة جرحى وخلف ذخائر عنقودية ثانوية خطرة ملقاة في الأراضي الزراعية المحيطة”.
وأشارت منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش إلى أن تحالف العدوان استخدم صواريخ جو أرض من نوع ((بي جي إم 500/ هاكيم) بريطانية الصنع، وكشفت في تحليل لها بأن هذا النوع من الصواريخ الذي تم العثور عليها في عدد كبير من المواقع وبقايا السلاح المستخدم في المواقع تتطابق ومواصفات صاروخ “هاكيم” بي جي إم 500 الذي يُطلق من الجو بحسب تقارير المنظمة.
وتشكل الذخائر العنقودية، التي يَحْظُر استخدامها أكثر من 100 بلد في العالم، أخطاراً جسيمة على المدنيين؛ إذ عندما تلقى من الجو أو تقذف من الأرض، تنشطر بحيث تطلق ذخائر فرعية تنتشر على مسافة كبيرة، ولا يمكن أن تميز بين أهداف مدنية وأخرى عسكرية، والكثير من القنابل العنقودية لا تنفجر عند إطلاقها.
وقد ظهرت مؤخراً الأجنة المشوهة في العديد من المحافظات التي تم استهدافها بالقنابل العنقودية، ووفق تقارير طبية ، فقد بدت آثار تلك القنابل تفتك بالأجنة والمواليد في تلك المناطق، وهي نفس التشوهات الخلقية التي ظهرت على المواليد في العراق إبان العدوان الأمريكي على العراق.
ويقول الأطباء إن حالات التشوهات في المواليد تتزايد في اليمن، خاصة في محافظتي صعدة والحديدة بالإضافة إلى تسجيل حالات في العاصمة صنعاء.


مستشفيات عاجزة
وبحسب وزارة حقوق الإنسان فقد حصلت على توثيق لحالات من التشوهات التي تعرض لها أطفال حديثي الولادة وتؤكد أن مثل هذه الحالات تحتاج إلى إجراء الفحوصات الطبية في مختبرات ذات إمكانية عالية لتحديد الأسباب الحقيقة وراء هذه التشوهات.
وعلى الرغم من أن أحكام وقواعد القانون الدولي وفرت الحماية للأعيان المدنية كونها منشآت يستخدمها المواطنون في تسيير حياتهم اليومية، ولا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال إلا أنها لم تسلم من قصف تحالف العدوان، إذ دمر العدوان نحو 500 مرفق صحي وتوقفت عن العمل تماماً، فيما يعمل ألف و300 مرفق صحي بشكل جزئي وقد يتوقف عن تقديم الخدمات الصحية بسبب استمرار الحصار، بالإضافة إلى انتشار الأوبئة والأمراض المختلفة بسبب انعدام الكهرباء والمستلزمات الطبية والأدوية .
وتقف مستشفيات الجمهورية عاجزة عن تشخيص أسباب إصابة المواليد بتلك الأعراض والتشوهات الخلقية التي تصاب المواليد وهم في بطون الأمهات، كما هي عاجزة عن علاجهم بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية والمحاليل والأجهزة الطبية جراء العدوان والحصار.

 المصدر: صحيفة الثورة
Share

التصنيفات: تحقيقات

Share