Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

آخرها في الصومال.. القواعد العسكرية التركية تتمدد في الدول العربية

أحمد عمارة*

افتتحت تركيا السبت الماضي أكبر قاعدة عسكرية خارجية لها، واتخذت من الصومال مقرًا لها، وهي قاعدة عسكرية تركية خارجية لم تكن الأولى من نوعها في العالم العربي، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة في ظل حكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي عكف خلال السنوات الماضية على إنشاء قواعد عسكرية وإرسال قوات عسكرية له في بلاد عربية، وهي قوات تركية خالصة بعيدًا عن «الحلف الأطلسي» أو «التحالف الدولي».

القاعدة الأكبر في مقديشيو

«أكبر قاعدة عسكرية تركية في العالم» هكذا وصف الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو القاعدة العسكرية التركية في العاصمة الصومالية مقديشيو، التي افتتحتها السلطات التركية يوم السبت الماضي في خطوةٍ من أنقرة لتوطيد علاقتها مع الصومال، وتقوية وجودها في دولٍ عربية، هذه المرة في الشرق الإفريقي.

حضر مراسم افتتاح القاعدة، التي شُيدت خلال العامين الماضيين، رئيس الأركان التركي خلوصي آكار، الذي أكد أن بلاده « ستواصل دعم الصومال لتجاوز مشكلاته الأمنية وليستعيد الجيش الصومالي مكانته».

وبدا رئيس وزراء الصومال حسن علي خيري ممتنًا من تلك الخطوة، وأعرب عن شكره لتركيا، شعبًا وحكومة، على إنشاء تلك القاعدة «في وقت نحن في أمسّ الحاجة إلى المساعدة لتعزيز جهودنا في مكافحة الإرهاب» على حد تعبير خيري الذي أضاف: «ستسهم القاعدة في إعادة بناء قوة وطنية لا تقوم على أساس قبلي، ولا تنتمي لمكانٍ محدد، بل قوات مدربة تمثل الشعب الصومالي».

وتحمل كلمات خيري دلالاتٍ وانعكاساتٍ تبدو منطقية للوضع الأمني في البلاد؛ إذ يأتي بناء تلك القاعدة في الوقت الذي تزايد فيه نشاط حركة الشباب الصومالية التي أعلنت الحكومة الصومالية محاربتها في أبريل (نيسان) الماضي، وبالتزامن مع افتتاح القاعدة، تمكنّت الحركة بالفعل من السيطرة على بلدة بريرة من محافظة شبيلي السفلى التي تبتعد 50 كيلومتر فقط عن العاصمة مقديشيو، بعد هجومٍ عنيف نفّذه مقاتلوها على ثكنة عسكرية.

وبلغةٍ رقميَّة أكثر تحديدًا عن طبيعة القاعدة ومهامها، تبلغ تكلفة القاعدة العسكرية التركية نحو 50 مليون دولار، وتقع على ساحل المحيط الهندي، وتطل على خليج عدن، وتبلغ مساحتها 4 كيلومتر مربع، ويمكن أن يتدرب فيها نحو 1500 عسكري، وتضم القاعدة ثلاث مدراس تعليمية، وثلاثة مجمَّعات سكنية ووحدات تعليمية، وتضم القاعدة 200 عسكري تركي يمكن أن يزيدوا ويصلوا إلى ألف، يستهدفون تدريب أكثر من 10 آلاف عسكري صومالي على دفاعات، بحسب ما أفاد به مسؤول تركي رفيع المستوى لوكالة رويترز.

«قاعدة الريان» الأولى في الشرق الأوسط

لم تكن قاعدة تركيا في مقديشيو هي الأولى من نوعها في البلاد العربية؛ إذ سبقتها قاعدة الريان العسكرية التركية في قطر التي كانت الأولى في الشرق الأوسط، وكان لها دعم معنوي وسياسي من تركيا لقطر في مواجهة الدول المحاصرة لها، في إطار الأزمة الخليجية.

وبدأ التعاون العسكري المباشر التركي القطري، في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2014، عندما عقدت الدولتان اتفاقية عسكرية لتعزيز التعاون المشترك بين البلدين في مجالات «التدريب العسكري، والصناعة الدفاعية، والمناورات العسكرية المشتركة» بالإضافة إلى تمركز القوات المتبادل بين الجانبين، فيمكن بموجب الاتفاقية نشر قوات تركية في قطر أو نشر قوات قطرية في تركيا.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، أنشأت تركيا بالفعل قاعدة عسكرية لها في قطر تحمل اسم «الريان» بموجب الاتفاقية سالفة الذكر، تلك الاتفاقية التي حدثها الجانبان لمواجهة ما أسموه «التهديدات المشتركة» وحفظ الاستقرار، في أبريل (نيسان) 2016، لتتضمّن بعد التحديث «تحديث المؤسسات العسكرية القطرية، وتطوير إمكانات وقدرات القوات المسلحة القطرية، وبما يتضمن زيادة عدد القوات التركية التي يمكن نشرها على الأراضي القطرية».

الرئيس التركي أردوغان ونظيره القطري تميم بن حمد آل ثاني في زيارة للأخير بأنقرة

وقد ربط جورجيو كافيرو، مدير معهد دراسات دول الخليج، بين التواجد العسكري التركي في قطر، و«مكانة تركيا»، وقال «إن عودة القوات التركية إلى قطر بعد قرن، من مغادرة القوات العثمانية شبه الجزيرة العربية، هو أمر يرتبط بشكل كبير بمكانة تركيا»، لافتًا أيضًا إلى وجهات النظر المتقاربة تجاه صراعات الشرق الأوسط وبالأخص في سوريا.

وظهرت جدوى تلك الاتفاقية بشكلٍ أكبر مع الأزمة الخليجية الأخرى ومقاطعة قطر من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، لتجد تركيا تساندها بقوة، فبعد أقل من يومين من قرار المقاطعة، وفي السابع من يونيو (حزيران) 2017، وافق البرلمان التركي ، على نشر المزيد من القوات التركية على الأراضي القطرية وتطوير الاتفاقية العسكرية المشتركة وتأهيل قوات الدرك القطرية.

وهو قرار كان رادعًا بنسبة على خيارات المواجهة العسكرية التي كانت تلوح في الأفق بين الحين والآخر مع بداية الأزمة بالأخص من وسائل إعلام مصرية، وداعمًامعنويًا وسياسيًا لقطر، ومخففًا من خطر «العزلة» المحتمل، ويرى كافيرو أن التواجد العسكري التركي يحمي قطر من «غزوٍ محتمل» في إطار حديثه عن الأزمة الخليجية وصراعات المنطقة، وتجدر الإشارة إلى أن قاعدة الريان يمكنها أن تستوعب 3 آلاف جندي، ويمكن رفع ذلك العدد إلى 5 آلاف عند الحاجة وبعد اتفاق الطرفين، وهو ما وافق عليه البرلمان التركي، مع بداية الأزمة الخليجية.

انتهاء أزمة وعودة محتملة

في منتصف عام 2016 ، توافد مئات الجنود الأتراك (ألفين) إلى قاعدة عسكرية شمال العراق، بموجب اتفاق بين تركيا وحكومة إقليم كردستان العراق، برئاسة مسعود بارزاني، لمهام« تدريبية» غير قتالية بحسب تركيا، تستهدف بشكل أساسي تدريب قوات محلية لمواجهة «تنظيم الدولة الإسلامية -داعش».

وظهرت بوادر الأزمة، في نهاية 2015، تحديدًا في الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، عندما وصل نحو 150 مجندًا تركيًّا تحت حماية 25 دبابة تركية إلى معسكر بعشيقة شمال العراق، في محافظة نينوى بالقرب من مدينة الموصل التي كان يسيطر عليها «تنظيم الدولة» آنذاك منذ يونيو (حزيران) 2014.

وتجدد الخلاف مرة أخرى مع إعلان حكومة حيدر العبادي العراقية بدء معركة استعادة الموصل، ورغبة تركيا في المشاركة فيها، في الوقت الذي أشارت تقديرات حينها بوجود ألفي مجند تركي ، في العراق بحسب وكالة رويترز للأنباء، فيما أفادت وكالة الأناضول التركية الرسمية بأن «عدد المقاتلين الذين تدربهم تركيا في معسكر بعشيقة شمال العراق يبلغ ثلاثة آلاف مقاتل».

وأدى الخلاف بين البلدين إلى حرب كلامية شديدة اللهجة، رفض فيها العبادي تواجد قوات تركية دون إذن من الحكومة العراقية، ووصف البرلمان العراقي قوات تركيا ، بـ«قوات الاحتلال»، وهو ما نفته أنقرة، ووصل الخلاف إلى تبادل البلدين استدعاء سفيريهما، وقد وصل البلدان لحل في يناير (كانون الثاني) 2017، باتفاقٍ تسحب بموجبه تركيا قواتها في منطقة بعشيقة شمالي العراق.

ولكن مؤخرًا أجرى إقليم كردستان استفتاء الانفصال، في نهاية سبتمبر (أيلول) المنصرم، وجاء لصالح الانفصال، وهو ما أزعج بشدة أنقرة وبغداد، وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت الماضي إن كردستان ستدفع ثمن الاستفتاء وسنستهدف من قرروا إجراء الاستفتاء، وليس المدنيين، مع توعدات باتخاذ عقوبات سياسية واقتصادية وأمنية ضد الإقليم، في ظل مناورات عسكرية مشتركة بين الجيشين التركي والعراقي، على الحدود التركية مع الإقليم، وهو ما ينذر بأن التواجد التركي في شمالي العراق قد يعود مرة أخرى قريبًا هذه المرة بدعم من الحكومة العراقية الرافضة لانفصال إقليم كردستان.

تركيا تسعى لإنشاء قاعدة عسكرية في سوريا وأخرى في السعودية!

في منتصف مايو (أيار) 2017، أعلنت تركيا بشكل واضح ورسمي أنها تخطط لإنشاء قاعدة عسكرية لها في سوريا على تلّة استراتيجية فوق مدينة الباب، وقال ويسي قايناق، نائب رئيس الوزراء التركي، في تصريحاتٍ صحافية: إنّ القاعدة العسكرية التركية في الباب ستقع غربي المدينة على تلة معروفة باسم «جبل الشيخ عقيل» وارتفاعها 534 مترًا، لافتًا إلى أن عدد القوات التركية في تلك المدينة يبلغ 1500 جندي، معتبرًا أن نشر قوات تركية هناك «يساعد في حماية أمن الحدود التركية».

ولا يبدو الأمر مستبعدًا، مع تأكيد تركيا استمرار جهودها لإنشاء مواقع للجيش التركي داخل الأراضي السورية، وهي الجهود التي بدأتها تركيا بقوة مع تدشينها عملية «درع الفرات»، على الحدود التركية السورية شمالي سوريا، في أغسطس (آب) 2016، يشارك فيها الجيش التركي بالتعاون مع فصائل محلية، لمواجهة «تنظيم الدولة»، و«وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تعتبرها تركيا إرهابية وتدعم التمرد الكردي في جنوبي تركي، وفي ذروة تلك العملية وصل عدد القوات التركية في مدينة الباب التركية إلى 8 آلاف جندي!
ولا يبدو أن الطموحات التركية في التواجد العسكري ببلاد عربية تتوقف على الصومال وقطر والعراق وسوريا، إنما امتدت أيضًا للسعودية، إذ أفادت وكالة الأناضول الرسمية التركية، بأنّ أردوغان، طلب عام 2015، من نظيره السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إنشاء قاعدة عسكرية تركية في السعودية.

  • “ساسة بوست”

Share

التصنيفات: أخبار وتقارير,خارج الحدود

Share