Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

ابراهيم محمد الاكوع: مجزرة الحجاج الكبرى

 كانت ولازالت كلمة (تنومة) كلمة يشمئز منها كل يمني وعربي ومسلم نظرا لبشاعة الجرم الذي حدث فيها ولمن لم يعرف وخصوصا من هذا الجيل والاجيال اللاحقة اقول إن تنمومة منطقة او قرية في اقليم عسير حدث فيها مجزرة مروعة لزهاء ثلاثة الف حاج وحاجة يمنيين  كلهم مهللين محرمين عزل من السلاح ،على يد عصابة عبد العزيز آل سعود حدث ذلك في العام 1342ه‍ وهو العام الذي يوافق 1922 م .
وبالرغم من انعدام التوثيق في تلك الفترة الا ان الشعراء والمؤرخين والكتاب اليمنيين والمسلمين وثقوا تلك الجريمة الكبرى ضد قافلة الحجاج اليمنيين  لهول ما سمعوا، وحفرت هذه المجزرة المروعة في ذاكرة اليمنيين وخصوصا ذلك الجيل الذي عاصر هذا الحدث المروع حيث كان الشهداء من اغلب مناطق اليمن .
وبختصار شديد وبدون الخوض في تفاصيل سياسية وحسب ما تحكي المصادر التاريخية ان الحجاج اليمنيين بينما كانوا يجتازون وادي تنومة كانت قد ترصّدتهم مجموعات تكفيرية من جيش عبدالعزيز آل سعود في رؤوس الجبال المطلة على الوادي، يقال لهم الغُطْغُط ، بقيادة الوهابي سلطان بن بجاد العتيبي وهو احد رجال عبدالعزيز آل سعود وقواده المشهورين فيما بعد ، كما ان مصادر تاريخية معتبرة كثيرة تقول ان تلك المجموعة التكفيرية الوهابية كانت بقيادة الامير خالد بن محمد بن سعود ابن اخ غير شقيق للهالك عبد الغزيز بن سعود وايا كان قايد المجرمين  او  زعيمهم  وأيان كان إعتذار عبد العزيز آل سعود للامام يحيى حميد الدين اعتذارا رسميا فان الجريمة  قد وقعت  ، ومؤداها ان اولئك الوهابيين  التكفيريين انقضُّوا على قافلة الحجاج  اليمنيين بوحشية منقطعة النظير، وهم عزل من السلاح، فتقرّبوا بحسب زعمهم  إلى الله بقتل هؤلاء الحجاج اليمنيين جميعا رجالا ونساء ( طبعا نجا عدد قليل لا يتعدى اصابع اليد ) لأنهم بحسب عقيدتهم كفار مباحو الدماء والأعراض، بلغ بأولئك أن هنَّأ بعضُهم البعضَ الآخر بكثرة من قُتِل من الحجيج فمن قتل حاجًّا واحدا بشّروه بقصرٍ في الجنة، ومن قتل اثنين بشَّروه بقصرين، وهكذا، وبعد ذلك سطوا على دوابهم وقافلتهم التي كانت تحمل الكثير من  الحبوب والدقيق والسمن والذهب والفضة والزبيب واللوز والهيل والبهارات و…الخ من احتياجاتهم التموينية في رحلة الحج وخصوصا ان احوال الحجاز ونجد وفي تلك الفترة بالذات في اشد حالات القحط في الوقت الذي  كان اليمن في تلك الفترة بلد خير ورخاء وبعيدا عن الحرب العالمية الاولى حيث  كانت الحجاز ونجد وغيرها تعيش في قحط شديد وقلة بل ندرة في الارزاق كما ان المجزرة حدثت في فترة هيام وتسكع وحرابة عبد العزيز آل سعود وعصاباته التكفيرية في صحراء نجد والحجاز حيث كان يسمي نفسه في تلك الفترة بالامام ثم تطور الى السلطان واخيرا بعد تحالفه الوثيق مع بريطانيا وتوقيعه على تسليم فلسطين لليهود اسمى نفسه الملك واعلن المهلكه التي نعرفها اليوم بقرن الشيطان ،وطبعا كانت الارزاق التي يحملها شهدائنا من الحجاج كافيه لحدوث تلك المجزرة فقط تغليفها بغلاف تكفيري كما ذكرت آنفا ،بمعنى ان  هيام تلك القطعان التكفيرية بقيادة عبد العزيز بن سعود في الصحراء في ذلك القحط والفقر الشديدين لدرجة انهم كانوا ياكلون السحالي والكلاب الضالة ( وهذا الكلام موثق) ،كانت تلك الارزاق كافيه ووافية لسد رمق اولئك الوهابيين التكفيريين ، وطبعا المبرر موجود في الفكر الوهابي الضلامي وهو انهم كفار وضالون وروافض اي الحجاج …..الخ من العناوين التي نسمعها حتى اليوم وما يحدث من مجازر وحشية ضد شعبنا اليمني الصامد خلال السنوات الماضية ليس الا امتداد لذلك الفكر الوهابي وحلقات متسلسلة بدائتها مملكة الدواعش الاولى منذ نشئتها الاولى بمجزرة تنمومة ضد حجاج بيت الله  الحرام.
وكان من ضمن شهداء تلك المجزرة  المروّعة، الحاج حسين القريطي، «والد الشيخ المقرئ محمد حسين القريطي رحمه الله» وكذلك القاضي احمد السياغي المدرس في الجامع الكبير والد القاضي العلامة الحسين بن أحمد بن محمد السياغي الذي ذكر تلك المجزرة المروعة بحق الحجاج اليمنيين في كتابه (قواعد المذهب الزيدي) – يلخِّص تعامل الملك عبدالعزيز مع هذه القضية بقوله: “استفتح الملك عبدالعزيز الحجاز بقتلهم، وباء بدمائهم وأموالهم، ولم يتخلّص منهم إلى أن توفي”.
وقد ذكر القاضي العلامة يحيى بن محمد الإرياني «والد الرئيس الأسبق القاضي عبدالرحمن الإرياني»، أن الجند السعوديين كانوا يتنادون فيما بينهم «اقتلوا المشركين»  وكان شعارهم «هبت هبوب الجنة وأين أنت يا باغيها»، وكان القاضي رحمه الله غزير الشعر، فجادت قريحته بقصيدة عصماء خلّد فيها الحادثة المروّعة وناقش فيها المتعصبين من الوهابيين بالحجة العلمية المقنعة، وبعثها إلى الإمام يحيى حميد الدين وإلى عبدالعزيز أل سعود وعلماء نجد، وقد اشتهرت القصيدة في ذلك الحين بين الناس وتناقلتها الألسن، كما أرخ تلك الجريمة  الدكتور محمد عوض الخطيب في كتابه «صفحات من تاريخ الجزيرة العربية الحديث» وذكر فيها تفاصيل كثيرة عن تلك الجريمة الوهابية الكبيرة
ومن الشعراء العاميين الذي ارخ لهذه الجريمة المروعة شاعر اسمه علي أحمد جبل وهو من الشعراء غير المشهورين وليس في هذه العجالة مجال لذكر القصيدة او شطر منها برغم اهميتها وطولها وقيمتها الفنية والادبية العالية ، الا ان من ارادها فيمكن ارسالها له عبر وسائل التواصل الاجتماعي ان كان من المهتمين ،  وكذلك قصيدة القاضي يحيى الارياني وغيرها من الادبيات التي تهم الباحثين والمؤرخين.
ولا يفوتني ان اذكر هنا احد الناحين من تلك المجزرة المروعة وهو القاضي العلامة الهبة العنسي الذماري الذي اختباء وسط كومة تبن كما حكى لنا كبار السن وقال ان الدم كان يقطر من جثث الشهداء عليه خلال التبن.
كما ارخ لهذه الجريمة احد العلماء العراقيين اسمه احمد محسن الحسيني في كتابه كشف الارتياب عن مذهب محمد بن عبد الوهاب.
وطبعا هذه  المقالة للتذكير فقط وعلى القارىء الكريم الرجوع الى ماذكر من مراجع وغيرها من كتب التراث اليمني والعربي  ان اراد معرفة المزيد.
واخيراً :
اقول انه ليس من المستغرب ولا المستهجن ما تقوم به مهلكة قرن الشيطان من مجازر وحشية بحق شعبنا اليمني من الاطفال والنساء والمستضعفين وتدمير مكتسباته الوطنية لانهم كانوا ولايزالوا على ذلك المنهج الاجرامي التكفيري منذ تشأتهم الاولى  فتنومة شاهد من التاريخ على حقد واجرام الوهابيين ضد شعبنا ولا اعتقد ان مثل هذا الفكر ينتصر مهما امتلك من امكانيات مادية وعسكرية ودعم مختلف الاشكال من قوى الشر في العالم كأمريكا واسرائيل ومهما حاول تحالف العدوان التضليل فلابد ان ينتضر شعبنا لان وعد الله حق {وكان حقا علينا نصر المؤمنين} وستبقى هذه الجرايم  والدمار والخراب الذي خلفه تحالف العدوان السعودي الامريكي وصمة عار في جببن التحالف السعودي للابد كما كانت تنومة وصمة عار في جبين ال سعود للابد.

باحث في شئون الجماعات التكفيرية

ibrahimq4e@gmail.com

Share

التصنيفات: أقــلام

Share