Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

عاصم السادة: “الربيع العربي”..ذكرى سادسة على بقايا أوطان.

يحتفل ثوار “الربيع العربي” بالذكرى السادسة لقيام ثوراتهم التي انطلقت شرارتها الاولى من تونس وامتدت الى مصر وليبيا وسوريا واليمن لتحدث “فوضى خلاقة” حد وصف وزير الخارجية الامريكية الأسبق كونداليزا رايس، وتدخل تلك البلدان مرحلة جديدة من التدمير الممنهج لمفهوم الدولة وقوانينها ودساتيرها وجيوشها ناهيك عن اهداف تمزق النسيج المجتمعي والجغرافي لهذه الدول المصابة بداء “الربيع” وتحوله الى ركام وهذا ما يظهر لنا اليوم بعد ست سنوات لهكذا ثورات.
الثورة، مقدسة في قواميس ونواميس الكرة الارضية لأنها نظرية حية مرتبطة بحيوية العقول، والاذهان المستنيرة التي تقودها وتصوب مسارها وتحقق اهدافها النبيلة التي يتطلع اليها الثائرون في قادم ايامهم، لكن عندما تنحرف الثورة عن خطوطها المرسومة لها وتتجه نحو فضاء يحوم فيه شيطان له نزواته ورغباته وشهواته فانها تصبح نكبة وتجر الجميع الى مربعات كارثية نادراً ما تنجو الشعوب منها.
الثورة، تنجح وتؤتي ثمارها حينما يًخلص ابناؤها لمبادئها، ويؤمنون انها حتما ستنقل بلدانهم من أسوأ الحالات الى افضلها وليس العكس، بيد ان ثورات ما يسمى “ربيعا” لم تزهر سوى اشواك ولم يفح منها سوى رائحة البارود وانهار من الدماء.!
والحقيقة ان ثورات “الربيع العربي” لم تكن نابعة من قناعات وطنية بحتة، لأن من تصدرها واستغل وهجها هم الرجعيون الذين كانوا يقفوا قبل اندلاع هذه الثورات في صفوف الانظمة الحاكمة المثار عليها، ويمثلون جزءاً كبيراً منها، لاسيما في اليمن.
لا شك أن “الربيع العربي” مخطط غربي شاركت في إعداده ومنتجته دول عربية بشكل محكم لتخلص من الانظمة السابقة واستبدالها بأنظمة وحكام مطيعين، ينصاعون للأوامر في تنفيذ الاجندات الخارجية دون تلكؤ، وممانعة، وهذا منطق جديد ابتكرته أجهزة الاستخبارات العالمية لاستعمار البلدان بتكلفة اقل من الاستعمار المباشر.
في بادئ أيام اشتعال هذه الثورات كان الشارع العربي وخاصة شريحة الشباب متحمساً ومندفعاً بقوة نحو احداث تغيير سياسي جذري في انظمتهم، مضمونها الإصلاح، والحرية، والديمقراطية، والمدنية، والعدالة، وتوسيع مشاركة الشباب والمرأة في الحياة السياسية والاجتماعية، والثقافية، بالإضافة الى استقلال القرار السياسي لبلدانهم دون التبعية الخارجية، وقد كان سقف احلامهم وطموحاتهم كبيرة، ، لكنها تلاشت وتبخرت منذ السنة الأولى من قيام ثوراتهم، ووجدوا انفسهم خارج اطار الحسابات أي في الهامش، وبالتالي ظهر المالك لهذه الثورات وهم جماعات (الإسلام السياسي).
ففي اليمن، كانت ثورة (11 فبراير)، والتي افرزت واقعاً تراجيدياً بائساً، لعلنا نعيش تفاصيله حتى اللحظة، فقد دخلت اليمن منعطف الحرب الكونية ضده، بطلب من قادة هذه الثورة، الذين شخصنوا قضايا الوطن برمته في شخص الرئيس، ورموا أصل القضية خلفهم، وقد كان أبرز ذرائع المحتجين آنذاك، أن الجيش اليمني صار “عائلياً”، ودعونا نقف عند هذا النقطة دون التعمق في التفاصيل الأخرى لانها تحتاج متسعاً كبيراً لذكرها .
فبعد مرور ست سنوات على تاريخ (11 فبراير) 2011م، سلم أصحاب هذا اليوم اليمن للجلادين، واعطوهم كافة الصلاحيات لانتهاك سيادة البلد، وقتل اليمنيين، وتدمير بنيته التحتية، بل انهم اتخذوا من هذا “الثورة الإقطاعية” فرصة الى توسيع نطاق العائلية في مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية والدبلوماسية من خلال توظيف اقاربهم وتعينهم في المناصب العليا والدنيا.
الأصوات والشعارات التي كانت تعلو وترفع في الساحات كل يوم جمعة، لاسقاط النظام، ومناهضة الوصاية الخارجية على اليمن ذهبت ادراج الرياح، واذا بـ”الثوار” أنفسهم يعبدون الطريق أمام الغزاة لإحتلال وطنهم وبكل صفاقة لا مثيل لها البته.
ألا يخجل هؤلاء أن يحتفلوا بـ(11 فبراير)، على انقاض وطن وشعب أنهكته الحرب ومزقته الخطوب، ونحلت اجساد الناس الى حد المجاعة، بسبب حربكم الشعواء وأخطاء سياساتكم الرعناء ورإتهانكم للعمالة على حساب وطنكم.؟!
فعن أي ثورة تتحدوثون وأنتم لا تؤمنون بحق الحياة للأخرين وتضيقون ذرعاً من الرأي وتنتقمون ممن يعارضكم، وتقمعون من ينتقد هفواتكم، وعثراتكم.!
Assem_alsadah@yahoo.com

Share

التصنيفات: أقــلام

Share