Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

د.علي الحاوري: لماذا يجب أن نناضل سياسياً.؟

الحديث في السياسة مقرفٌ لقلوبنا، لكنه بميزان عقولنا، وربما ديننا كذلك، ضروريٌ لحياتنا .

هي اذا اربعة اطراف تتجاذبنا وتحدد موقفنا من الخوض في السياسة : القلب،العقل،الدين،الواقع .

الحديث في السياسة مقرفٌ لقلوبنا لانه اما يكون حديثا في الواقع” السياسي” القائم في المجتمع، مجتمعنا نحن، وماهو واقع قائم في مجتمعنا، في زماننا، مثير للاحزان والمرارات وعلى نحو غير مسبوق .

واما يكون حديثا في سماء الفضيلة السياسية والاخلاق، في النموذج والمثال الذي يتطلع اليه المرء ويتمناه .
وهو حديث لربما يبعث في نفوسنا بعض السرور لبعض الوقت بوصفه ابحارٌ للنفس في العالم الذي تنتمي اليه .

بيد ان التفكير في سماء الفضيلة لابد ان يدفعنا دفعا حتميا ميكانيكيا الى الهبوط الى الارض للتفكير فيما هو كائن فعلا ومقايسته على النموذج القائم في سماء عقولنا .

وذلك الهبوط مصدر غزير كثيف من مصادر الكئابة والقلق من غير شك .

وكلما عظمت الفجوة بين المثال وبين الواقع عظمت الكئابة واتسع التوتر وزاد القلق .

* * *
قد لايكون القلب محبا للخوض في سياسة مقرفة . قد يامر صاحبه بتجاهلها او اعتزالها .

لكن العقل يامر اشد الامر بالانخراط فيها ، اقامة لاعوجاجها او تغييرا لها بالكلية. وكذلك هو موقف الدين، وكذلك هي موجبات الواقع ايضا .

مايعزز من اهمية هذا الاتجاه ان الحديث في السياسة، مجرد الحديث، او حتى الثرثرة، يصير – في مجتمع الخوف والنظام الشمولي وضدهما – نضالا، ويصير نضالا ضروريا ايضا .

السياسة هي الخير الاعظم في حال صلاحها، وهي الشر الاعظم في حال فسادها.

وانه لمؤسف حقا ان يسهم المرء او الجماعة او الحزب في ايذاء الخير الاعظم، ادنى الايذاء. اما تخريبه او الاسهام في تخريبه فتلك خطيئة الخطيئات.

تخريب السياسة ( الدولة او السلطة او العملية السياسية ) هو تخريب الميدان الذي يملكه المجتمع كله، ويؤثر في افراد المجتمع كله، وفي الميادين كلها .

بكلمة اخرى هو تخريب كل شيئ يتعلق او يؤثر بحياة كل فرد .

لاجل ذلك ذهب ارسطو ،اعظم الفلاسفة في كل العصور، الى ان علم السياسة هو “اشرف العلوم” .

* * *

والسياسة في الاصل ادارةٔ للشئون المشتركة على مقتضى الحكمة والعقل، وعلى مقتضى الشرع ايضا بحسب الرؤية الاسلامية .

وغياب الحكمة والعقل غياب للسياسة .

اما الحرب ووجود جماعات حاملة للسلاح ضد المجتمع او ضد السلطة الرسمية فهو النفي الكلي والشامل للسياسة .

فلا سياسة في المجتمع ما لم تكن القوة ملكا حصريا للدولة. لاسياسة مع تعدد الاطراف التي تستعمل القوة .

اما اذا شئنا الدقة فان استعمال جماعة ما القوة القسرية ضد طرف ما في المجتمع او ضد الدولة، لاينفي السياسة فحسب بل ينفي الدولة .

القوة هي اخص خصائص السيادة، والسيادة صفة للدولة حصرا، بموجبها يكون من حقها وحدها ،عبر اجهزتها الرسمية، استعمال القوة المنظمة والاكراه القانوني .
ولان السيادة لا تتجزا فانه لادولة مع وجود اطراف اخرى تستخدم القوة ، وضد اي طرف كان .

نتمنى على الذين الّفوا الجماعات واستسهلوا الاجتياحات وهتفوا للحرب والسلاح ان يفهموا .

Share

التصنيفات: أقــلام

Share