Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

مصطفى عامر: الحافيّ يهزم الابرامز !

أتذكّر ٢٦ مارس جيّدًا، وأتذكّر الأيّام التي تليه، كلّ المواقف التي شكّلت فارقًا أتذكّرها تمامًا، وإذا نسيتُ فإنّ في ذاكرة الهاتف ما يُعينني على إنعاش الذّاكرة.
فالتّوثيق- بالطّبع- ضرورة، وقراءة البدايات والنّهايات متعة، وغدًا سوف نرحل جميعنا إلى التّاريخ، ولا أريد لأحفادي أن يقرؤوا تاريخًا مزوّرًا، أو تنقصه الأدلة.
وهذه الحرب منذ يومها الأوّل كانت حربًا شاملةً بين النقائض كلّها: العرب والأعراب، اليمن والسّعودية، حضارة مُنتهاها أرم بن سام بن نوح، وحضارة مُبتداها سروال المؤسّس.
وقبل عامين بدا أنّ سلمان قد اشترى كلّ شيء، السّلاح والجنود والجامعة العربيّة والمؤتمر الإسلاميّ والأمم المُتّحدة، والدّعاةُ والتّقاةُ والقوميّين العرب والاشتراكيين العرب، وكَتَبَة الأعمدة وقُرّاء الصّحف وأئمة المساجد وحفّاريّ القبور وولاة الأمور، والإنس والجانّ ومصر وباكستان والمغرب والسّودان وعبد الملك المخلافيّ وياسين سعيد نُعمان.

وكُنّا وحدنا، نحنُ وهذه الأرضُ وكرامةٌ منذ آدم، يرافقنا صوتُ الأسلاف التّبابعة العظام: لا تبتئسوا، وإيمانٌ بأنّ الله معنا.
والنّاس صفحاتٌ في خاتمة المطاف، وقد مررنا منذ بداية الحرب بصفحاتٍ كثيرةٍ تقول بأنّ العين لن تكسر المخرز، وقوّة الحقّ تغلبها وفرة المال، والكرامة على أيّة حالٍ لا يمكنها إسقاط الإف١٦، وحضارة آلاف السنين تسحقها دبابة ابرامز، أو عَرَبَة برادلي.
لقد كانت بالتّأكيد معركةً هائلةً بين مصفوفتين متعارضتين من القِيم، وأعترف: في بداية الحرب لم أكن واثقًا من النّصر، لكنّني كنتُ مؤمنًا بضرورة الانحياز لما نؤمن به حتى لو ذهبنا جميعنا إلى القيامة.
وها نحن قد ذهبنا إلى ٢٠١٧م، وخلال عامين مررنا بدروس مائة عام، وبدا التّاريخ مستمتعًا بأداء دور الحكواتي، أمّا أنا فلم أكن أتوقّع على الإطلاق بأن يتفوّق الجنديّ اليمنيّ الحافيّ على أسلافه إلى هذا الحدّ، وبولّاعة سجائرِهِ الصّفراء يُشعل دولة سروال المؤسّس برمّتها.
بمالها وسلاحها ونفطها وعبيدها ونعاجها التي لم تفهم بعد، ولن تفهم قط، كما أنّها وفق أغلب المؤرخين تقاوم الفهم منذ بدء الخليقة.

Share

التصنيفات: أقــلام

Share