Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

ما تحتاج إليه أطراف النزاع الداخلي هو الإيمان بعدم جدوى الاحتراب .. أكـاديميون لـ”الوحدة”: لا يمكن تحقيق الاستقرار مادامت القوى السياسية رهينة للقوى الإقليمية والدولية

نجيب علي العصار
Najibalassar@hotmail.com
لا يزال  الأمل  والتفاؤل بإيجاد حلول عادلة للقضية الوطنية اليمنية، انطلاقا من أسس وثوابت مسلم بها من  قبل الجميع، رغم خذلان السياسيين والمتصدرين للمشهد.
ودعا عدد من الاكاديميين في هذا الاستطلاع الذي أجرته” الوحدة” كافة أطراف النزاع الداخلي، إلى الايمان بالتسامح النابع من روح الدين الإسلامي الحنيف، ونبذ ثقافة الكراهية التي تقود إلى الهلاك و الدمار وتتناقض مع فلسفة الحياة وإعمار الأرض.
وأكدوا على أن الذين لا يتقاتلون بالآلة العسكرية يتقاتلون بآلة أشد فتكا ، وهي الفتاوى والتحريض وإشاعة الكراهية وتكفير الآخر؛ ما أدى الى انقلاب التوافق الشكلي الجامع إلى عداء استئصالي عنيف وتعصب مذهبي ومناطقي مقيت.. وهاكم الحصيلة..
نعيش حالة من الانقسام والارتهان للقرار الخارجي .. و يؤكد الدكتور أبو بكر مرشد الزهيري- أستاذ القانون العام بجامعة صنعاء ، أن المأساة الأشد والأخطر الآن ، هي تدمير النسيج الاجتماعي ، وتكريس ثقافة  التعصب والكراهية في أوساط المجتمع اليمني ، تراشق تهم التخوين والتكفير ، التي من الصعب أن تزول بسهولة ،وستستمر لفترة طويلة ،لاسيما إذا رافقها إراقة الدماء وفقا لتلك المفاهيم.
ويرى  الزهيري أن المعاناة الإنسانية مهما كانت قاسية ، ألا أنها تتوقف بمجرد رفع الحصار وتوفير السلع الغذائية والخدمات الأساسية ، لكن الآثار والتداعيات ، ستظل لفترة لن تكون قصيرة من التمزق والشتات والتعصب والكراهية .
وقال :”الذين لا يتقاتلون بالآلة العسكرية يتقاتلون بآلة أشد فتكا ، وهي الفتاوى والتحريض وإشاعة الكراهية وتكفير الآخر” .
وتابع بالقول : إننا نعيش حالة من الانقسام والارتهان للقرار الخارجي ، و نعيش اقتتالا داخليا مليشياويا يتقاسم الأدوار والأدوات دون أن يتمكن أي طرف من حسم المعركة منذ بدأت، موضحا أن الطرف الأضعف داخليا مسنود بالقوة الخارجية ، إلا أن ذلك لم يؤثر في المعادلة والسيطرة على أرض الواقع ، بل كان من شأنه إتاحة الفرصة سانحة لتواجد وانتشار وسيطرة “داعش” على محافظات بأكملها ،لاسيما المحافظات الجنوبية.
وأضاف : الصورة سوداوية لكنها الواقع الذي يحتاج إلى توصيف دقيق وصولا لحلول جذرية، نابعة من الداخل اليمني ،وهو ما لم يعد ممكنا في ظل هذا التكالب والتدويل و الاستقواء في محاولة لفرض السيطرة وإلغاء الآخر.
وأشار الدكتور الزهيري وهو رئيس قسم القانون العام حاليا بجامعة البحرين، إلى أن الأمل ما يزال  قائما في إيجاد حلول عادلة ، منطلقة من أسس وثوابت مسلمة من الجميع، رغم خذلان السياسيين القائمين على الأمر والمتصدرين للمشهد.
ولفت إلى أن، الحلول تتطلب ضغطا شعبيا واسعا ، لضرورة التوجه بإرادة صادقة نحو وقف العمليات العسكرية من كل الأطراف، وإتاحة المجال للعمل الإنساني ،يرافق ذلك إيجاد آليات واضحة لبناء مؤسسي يحل مكان المليشيات المسلحة.
وشدد في ختام حديثه لـ “الوحدة” على أهمية الإحساس بخطورة الوضع القائم ، والبحث عن شخصيات مستقلة ومقبولة لتسيير الأمور ، واستلام الأسلحة من المليشيات ، وإيداعها في مخازن الدولة، وكذا إنشاء هيئة متوازنة تكون بمثابة حكومة انتقالية لإدارة هذه المرحلة، وفق برنامج وطني معد سلفا ، وتمارس أعمالها بشفافية ، وعلى مرأى ومسمع المواطن وصولا للتهيئة لانتخابات برلمانية ورئاسية، منبها إلى أهمية إرادة أطراف الصراع محليا وإقليميا ، وبمساندة المجتمع الدولي، للوصول نحو تحقيق معالجات ناجعة.
الضحية هو الشعب
ما تحتاج إليه أطراف النزاع الداخلي اليوم، هو تغليب مصلحة الوطن والإيمان  بعدم جدوى الاحتراب .. وتُجزم البروفسور آمنة يوسف محمد، أن ما يحدث في اليمن لا يبشر بالخير ، ورأت أن السبب داخلي أكثر مما هو خارجي ، لأن أطراف النزاع الداخلي ليسوا على وفاق، ولا يحتكمون إلى العقل والحكمة ، بل إن ما يقودهم في اتخاذ القرار ،هو منطق السلاح والتناحر والاختلاف الحاد.
وقالت : الضحية هو الشعب ،الذي أرهِق تماماً من وطأة العقاب الجماعي ،بدءاً من الآلة العسكرية المقيتة ،والتي تهدد أمن البلاد والعباد ،مرورا بانعدام الخدمات الأساسية ، كانقطاع الكهرباء تماماً ولأكثر من أشهر تقريباً ، وندرة مشتقات البترول وغلاء المعيشة.
وأوضحت، أن ما تحتاج إليه أطراف النزاع الداخلي اليوم ،هو تغليب مصلحة الوطن على مصالحها الضيقة ، والإيمان  بعدم جدوى الاحتراب والعودة إلى طاولة الحوار ، باعتباره المخرج الوحيد لكل الأزمات.
ودعت ، كافة أطراف النزاع الداخلي، إلى أن تؤمن بضرورة التسامح النابع من روح الدين الإسلامي الحنيف ، ونبذ ثقافة الكراهية التي تقود إلى الهلاك و الدمار ،الذي يتناقض مع فلسفة الحياة وإعمار الأرض ، وحتمية العيش الكريم الآمن ، الذي يكفله قانون المواطنة المتساوية العادلة بين كافة شرائح المجتمع الواحد.
وختمت حديثها لـ ” الوحدة ” قائلة: لابد أن يكون هناك وعي بأن الحياة حق للجميع ، وأن الفتنة أشد من القتل ، و دعت ، كافة القوى السياسية أن إلى التأمل في قصص الحروب التاريخية ،لأخذ العظة والعبرة من دروس التاريخ ، بل عليها أن تفكر في ما جنته من ويلات هذا الاحتراب المقيت ،ومن عواقبه الوخيمة لكي تتجاوز الأزمة الراهنة ، موضحة أن على تلك القوى الاتجاه إلى تصحيح مسارها باتجاه التسامح والعفو والغفران، حتى تقضي على مسلسل العنف والسيناريو الدموي والدولي المرسوم لبلادنا ولكافة أنحاء المنطقة العربية ، ونبهت إلى أن الهدف هو الزج باليمن في أتون اللعبة الدولية ، التي تهدف إلى تمزيقه وتقسيمه إلى طوائف متناحرة مذهبيا باسم الدين وعنصريا باسم السلالة ، ومناطقيا بالمفهوم الجغرافي ،الذي يجعل خريطتنا اليمنية والعربية مرقعة ومشوهة أبشع التشويه ، وتساءلت : متى نعي كل هذا للنجاة  باليمن من شرور أنفسنا قبل أي شر قادم استغل ضعفنا ،وسلط علينا من أنفسنا من يعبث بالبلاد وبالعباد ،جاهلاً بفداحة جرمه وببشاعة صنعه ؟
طغيان الكراهية
لا يمكن تحقيق الاستقرار والعدل، طالما كانت القوى السياسية رهينة القوى الإقليمية والدولية .. و يعتقد الدكتور خالد المطري- أستاذ التاريخ الحديث بجامعة صنعاء، أن الأمر يقتضي بداية التشخيص الدقيق والعميق للحالة التي نمر بها ،لاسيما ما يرتبط منها بطغيان الكراهية واللاتسامح بين أبناء الوطن الواحد .
وقال ، إن المذهبية والمناطقية والطائفية تبدو في الظاهر أنها وراء تنامي الكراهية والتعصب خلال هذه المرحلة ،والذي وصل إلى أعلى مستوياته وتطور إلى محاولة إلغاء الأخر ليس من الساحة، وحسب وإنما من الوجود، ويشير إلى أن ، العاملين السياسي والاقتصادي ،هما المتحكمان في نيران التعصب واللاتسامح ،ويرى أن المذهبية والطائفية والمناطقية ،ليست ألا أدوات يتم من خلالها رفع أو خفض درجة تلك النيران ،من قبل القوى السياسية المتصارعة على السلطة والثروة والنفوذ ،ومن قبل القوى الإقليمية الدولية الطامعة في السيطرة على البلد من خلال تلك القوى المتصارعة.
وتابع القول : لتوضيح وتأكيد صوابية الطرح السابق ،يكفي أن نشير إلى أن غالبية القوى والفئات المتناحرة خلال هذه المرحلة ( وتحديدا الإصلاح وأنصار الله والحراك ،وحتى أنصار الشريعة ،و القاعدة) جمدت خلافاتها أو اختلافاتها المذهبية والمناطقية ،خلال ماعرف بثورة الشباب في 2011 من أجل هدف جامع ،وهو إسقاط السلطة الحاكمة وتحقيق كل طرف للهدف الذي كان يرمي إليه عقب الإطاحة بتلك السلطة وقتئذ.
ويؤكد المطري ، أنه عندما فشلت تلك القوى والأطراف الإقليمية والدولية الراعية لها، بتحقيق توافق في ما بينها، وطمع الأطراف الأساسية- الداخلية والخارجية – في أن يكون لها نصيب الأسد في السلطة والنفوذ المستقبلي، انقلب التوافق الشكلي الجامع إلى عداء استئصالي عنيف وتعصب مذهبي ومناطقي مقيت ،باستثناء مكون أنصار الله من مسألة توظيف المذهبية والطائفية في هذا الصراع بخلاف الطرف المذهبي المقابل له( الإصلاح والقاعدة وحلفاؤهما ).
وخلص إلى القول : إن نبذ الكراهية والتعصب بكل أشكاله وسيادة ثقافة التسامح بين أبناء البلد ،لن يتحقق بتوافق مصالح القوى الداخلية والخارجية ،وإنما من خلال اتفاق القوى الداخلية على نهج سياسة الاحتواء والتكامل وليس الإقصاء والاستحواذ
ومن بعده الاتفاق على معالجة جذور التعصب و الكراهية، وردم منابعهما من خلال تهذيب التعليم الديني، وتوحيده والاهتمام بالتربية الوطنية ،وتعميق روح الانتماء.
وشدد المطري ، على أهمية توحيد جهود القوى السياسية ،في السعي إلى إقامة دولة القانون العادلة، التي يتساوى فيها جميع أبناء الوطن ،وينالون فيها النصيب، الذي يستحقونه من الرخاء والأمن بمفهومه الواسع،لافتا إلى أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار والعدل، طالما كانت القوى السياسية رهينة القوى الإقليمية والدولية ،والتي ترى أن دوام نفوذها وتحقيق مصالحها، مرهون ببقاء جذور الكراهية والتعصب المذهبي والمناطقي على حالها دون استئصال..

Share

التصنيفات: تحقيقات

Share