Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

الاعتدال سبيلنا الأمثل إلى التغيير

الدكتور/ عبد العزيز المقالح

ليس الغلو والتطرف في الدين هما ما تشكو منه البشرية في حاضرها الراهن، فهناك غلو وتطرف أشد يتجليان في المواقف السياسية، وهو ما دفع بكثير من المفكرين وقادة الرأي إلى اعتبار الغلو والتطرف الديني، المرفوضين شرعاً وعقلاً، انعكاساً للتطرف السياسي ولارتكاب القادة أخطاء فادحة كالاستئثار بالسلطة، واستخدام القسوة المفرطة في محاربة كل أشكال المعارضة وإقصائها عن المشاركة في الحكم. وهي وجهة نظر تزكي رؤية الاعتدال في شؤون الدين والدنيا على السواء والنظر إليه بوصفه السبيل الأمثل والأجدى في التغيير نحو الأفضل وبناء الشعوب، ولم يحدث ـ عبر التاريخ القديم والحديث ـ أن نجحت حركة متطرفة في تحقيق المطالب التي تريدها الشعوب قد تنجح في الاستيلاء على السلطة لكنها لم تنجح في شيء إيجابي مما تريد الشعوب الوصول إليه سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً.

وتشير بعض الكتابات الأخيرة “لعدد من اليساريين العرب” إلى أن الاعتدال في المواقف لدى بعض الأنظمة العربية هو الذي حقق بعض الإنجازات المهمة على كثير من الأصعدة، وهي وإن كانت شهادة متأخرة تشير إلى أهمية الأخذ بمبدأ الاعتدال وتجنب كل ما من شأنه أن يعوق المسار الممكن في التغيير والخروج بالأقطار العربية من مأزق الصراع بين متطرفي اليسار واليمين وتضييع الوقت في استخدام حلول لا تتناسب مع الواقع العربي ومعطياته.

لقد انهارت المحاولات التي تقوم على نقل تجارب الآخرين، كما فشلت المحاولات التي ترى أن القوة وحدها تصنع الشعوب وتحولها إلى قوى ذات أهمية على المستوى الإقليمي والعالمي. ولا أخفي أن التجربة اليابانية قد شغلت اهتمامي منذ وقت ليس بالقصير، وبدأت أقرأ تاريخ هذا الشعب وتحولاته الدراماتيكية إلى أن وصل إلى الاقتناع بأن المشاعر المتطرفة التي دفعته إلى محاولة الاستيلاء على أراض من جيرانه وإشغالهم بالحروب المتتابعة وطموحه إلى أن يكون في صف ضد المحور والولايات المتحدة خاصة قد جعلته يخسر كل شيء ويعود إلى نفسه ليبني قوة هي الأهم من قوة المدافع والطائرات.

وما ينبغي أن يشغلنا جميعاً ويفتح قلوبنا وعقولنا على مستجدات الحقائق هو الواقع العربي ومواجهة بعض أقطاره بين يمين ويسار، والأخذ نظرياً ببعض التجارب التي حققت لبعض الشعوب تقدماً ملحوظاً دون مراعاة لظروف تلك الشعوب وما وصل إليه أبناؤها من اقتناع بضرورة الاتفاق على منهج الاعتدال الذي لا يعتمد الشعارات، بل الحقائق والأفعال المجسدة في الحياة لا في الأوراق أو في وسائل الإعلام التي أخرجت بعض الأقطار العربية من العالم الثالث وقفزت بها من خلال الكلمات الطنانة إلى العالم الأول، ثم يكتشف أبناؤها بعد أن تبرد حماسة الكلام أنها ما تزال تهنهن تحت وطأة الاحتياج إلى رغيف الخبز وما في مستواه من ضروريات الحياة.

Share

التصنيفات: أقــلام

الوسوم:

Share