Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

هروب المثقف إلى المقابر !

هروب المثقف إلى المقابر !
كتب/ محمد أحمد الصــباحي:
alsabahe2004@hotmail.com
<   تعددت مفاهيم الثقافة عبر العديد من الحضارات الإنسانية السابقة وانبرى لتعريفها العديد من فلاسفة الفكر والأدب والاجتماع في الماضي والحاضر وستظل الثقافة تأخذ تعاريف ومفاهيم في كل جوانبها لكن بالرغم من الاختلالات في المفاهيم والتعاريف أجد أن الثقافة في أصل مفهومها ومنذ الأزل تبقى هي اللغة  الإنسانية الراقية والأداة الفاعلة  دوما في رفعة  ورقي وعظمة أي شعب.. ظلت الثقافة تشكل بعداٍ إنسانياٍ يعبر عن لحمة التواصل ما بين الروح والجسد والأوطان.
واقعنا الثقافي اليوم شهد حدوث جريمة مع سبق الإصرار والترصد جريمة لا تحتاج  إلى قاض يقضي بها أو محام يدافع  عنها فهي جريمة معلومة الأحداث ومعلومة  الضحية ومعلومة الجاني أو الجناة ولن نسجلها ضد مجهول كما يقول أحد مشيعي الثقافة إلى مثواها الأخير في مقبرة خزيمة.
لقد شيعت الثقافة بكافة مثقفيها من أدباء وكتاب وشعراء وفنانين إلى مثواها الأخير رغم أنه من المفترض أن لا تموت باعتبارها لغة إنسانية وتواصلاٍ أبدياٍ ما بين الروح والجسد والأوطان لكننا في هذه الفعالية التي بدأناها بوضع الريحان والشذاب على باب وزارة الثقافة برفقة الزملاء الأديب الشاعر محمد القعود صاحب البسمة الجميلة والكريزما المميزة والمجهود الخرافي والأديب المبدع عبدالرحمن مراد والشاعر الشاب عبدالرقيب  الوصابي فوجئنا بأن الثقافة في بلادنا كيان مجمد في حجارة وطين وهياكل بشرية لأشباه من المثقفين تنظر إلى  الثقافة أنها مجرد وظيفة ومنصب يفترض وجودها كتحصيل حاصل وجزء من مكونات الدولة ليس إلا.
لقد كانت فعالية المثقفين والأدباء والفنانين والشعراء في مقبرة خزيمة تشييعاٍ للثقافة وواقعها الأليم وهو دليل للأسف الشديد على أنها آخر مسمار يدق على نعش الثقافة لترقد بجوار عمالقة العلم والفكر والأدب ورواد القلم أمثال البردوني والزرقة ومحمد حسين عامر ورؤفة حسن وكوكبة من الأموات جسداٍ لكنهم أحياء روحاٍ وفكراٍ وإبداعاٍ العديد من المثقفين والمبدعين من التشكيليين والأدباء ورواد القلم حضروا مراسيم الدفن واستقبال التعازي وقد ارتسمت في وجههم علامات الحزن والألم وارتسمت في محياهم العديد من الأسئلة التي تنتظر الإجابات وقد عبروا بآرائهم عن هذا المشهد الذي يلف برائحة الأموات.
قتل بالتدريج!!
الدكتورة آمنة النصيري فنانة تشكيلية ساهمت بعدد من اللوحات الفنية المعبرة عن واقع المثقف علقت في أحد جدران مقبرة خزيمة وأوضحت أن هذه الفعالية «اعتراضية» بمعنى غاضبة وهي تعبر عن واقع المؤسسات الثقافية في جمودها وتكاسلها وأشارت إلى العديد من الأسباب التي ساهمت في موت المثقف أو كما تصف الوضع قتل المثقف تدريجياٍ حيث قالت : «للأسف الشديد لقد ساهمنا كمبدعين بهذا التواطؤ والإهمال وساهمت الأنظمة كذلك في قمعهم وقتلهم بالتدريج.. حال المثقف بين الأمس واليوم لا أدري كيف أصفه لكن المؤكد أن المنظومة السياسية أكثر قمعاٍ للمثقف مع وجود الثورة ويبدو أن مساحة الحرية موجودة ولكن المثقف إذا مرض لا يساوي مرض (شيخ) المثقف مطلوب منه الابداع فقط وعلى الدولة رعايته لكن المشكلة أنها وباقي الأنظمة تعمل على تفريق المثقف فأصبح المثقف يتبع الشيخ الفلاني أو القائد العسكري الفلاني.
ركود وانحدار
الشاعر الشاب زين العابدين الضبيبي أكد أن هذه الفعالية تأتي احتجاجاٍ على ما يحدث في المشهد الثقافي في بلادنا من ركود وترد وانحدار في حال الوضع الثقافي ليس على المشهد الثقافي بذاته فقط وإنما على القائمين الذين يسعون – حد وصفه – إلى أن يجعلوا من الثقافة هامشاٍ وعلى أنهاعالة على الوطن ويقول:« على القائمين السياسيين في هذا البلد أن يعوا أنهم لن يستطيعوا تكريس قيمهم السياسية التي يسعون لأجلها إلا بجهود المثقفين وكتاباتهم لأن المواطن العادي لن يفهم حوارهم واجتماعهم إلا بوجود المثقف الذي سيشرح كل المفاهيم والقضايا الهامة وطالب الضبيبي أن يتخذوا من عمال النظافة نموذجاٍ وأن لا يكتفوا بالتنظير وهم في أماكنهم ومقاهيهم وغرفهم المغلقة لينتصروا لحقوقهم المهضومة لأن القائمين على الوطن لا يفهمون إلا لغة القوة والشارع.
صيحة مدوية!!
فيما عبر عدنان السقاف رئيس منتدى المعرفة عن هذه الفعالية بأنها «صيحة» مدوية استحضرت الكبار من عمالقة الأدب والشعر ممن احتضنتهم مقبرة خزيمة كالبردوني والزرقة وغيرهم رغم حالة الكبت للحريات لكنه أبدى أسفه وحزنه العميق من المثقف نفسه حيث قال:«لا شك أن المثقف اليوم قد أضاع دوره على اعتبار أن لقمة العيش هي الشغل الشاغل له فلا يمكن أن يبدع المثقف إلا بوجود رعاية حقيقية تعمل على عدم ارتهانه لأية جهة معينة لقد غيب المثقف بسبب متطلبات الحياة».
مسؤولية الجميع
رئيس اللجنة الإعلامية بمجلس النواب عبده محمد الحذيفي كان من بين الحاضرين لهذه الفعالية بمقبرة خزيمة وحمل جميع الجهات الرسمية والقائمة على شؤون الثقافة في البلاد ما وصلت إليه الثقافة اليوم من تهميش وانحدار قائلاٍ: «الثقافة هي أساس التطور لأي مجتمع من المجتمعات فما لم يكن هناك ثقافة وإبداع فالمجتمع يعتبر ميتاٍ في أي بقعة في العالم نحن نعرف أهمية الثقافة والمبدعين وضرورة تواجدهم للأسف الشديد أن مجتمعنا اليمني ومنذ عامين من خروج الشباب من أجل ثقافة التغيير لم نجد أي تغيير وخاصة في مجال الابداع والفن واعتقد أن المؤسسات الرسمية بما فيها مجلس النواب ووزير الثقافة ورئيس الحكومة لهم دور كبير في قتل الثقافة في هذه الأيام».
خروج عن الصمت!!
عبدالمجيد التركي عبر عن المشهد الثقافي بأنه يشهد «حالة موات» بشكل عام لكل قطاعات وجوانب الثقافة وأفاد: «لقد أتت هذه الفعالية التي تحتضنها مقبرة خزيمة لتعبر عن خروجنا من هذا الصمت القاتل وطالما أن المشهد الثقافي في حالة موات فلا يهم أين ستقام هذه الفعالية خارج أو داخل المقبرة..» وأضاف التركي.. للأسف الشديد وزارة الثقافة مشغولة بالسفريات والشلل بينما المثقف لا يقدر على تسويق كتاب له أو إقامة فعالية!!.
رسالة هامة!!
كمال شرف رسام كاريكاتيري ساهم في عدد من اللوحات بهذه الفعالية وأكد أن هذه الفعالية هي رسالة للمختصين وأصحاب القرار عن وضع الثقافة والفن في هذا البلد حيث قال:«الفنانون والشعراء والأدباء يخاطبون الموتى في مقبرة خزيمة لأن الأحياء لا يقدرون ويهتمون بنا للأسف المعنيون في الثقافة ليس لديهم خطة لرفع وعي المواطن ثقافياٍ وتوجد فقط العبثية دون أهداف واضحة» ووجه تساؤلاٍ كيف سنواجه فكرة التطرف والقاعدة¿ إلا بالثقافة وبالتالي نبذ العنف في المجتمع وإخراجه من السياسة التي أدت إلى العنف والمشاحنات والتوتر والاختلافات.
رفض للتطرف
فؤاد الشرجبي موسيقي عبر بكلمات مختصرة ومعبرة عن هذه الفعالية قائلاٍ:« تعتبر هذه الفكرة في إقامة هذه الفعالية بجانب الموتى في مقبرة خزيمة فكرة مجنونة وأحلى رفض للتطرف الهمجي وغير المسؤول للثقافة والفنون في هذا البلد.. فرحمة الله على الثقافة»
خزيمة ولغة التوحد!!
الشاعر عبدالرقيب الوصابي أوضح أن هذه الفعالية هي أهم فعالية حقيقية يحضرها كما استحضر الكاتب الراحل محمد الجبلي المحرر الثقافي لصحيفة «الوحدة» حيث قال:« خزيمة وحدها هي التي استطاعت أن توحد الإنسان أدبياٍ حضر الفن التشكيلي وحضر المبدع بشتى اهتماماته وتخصصه هنا..» وأضاف الوصابي: «من هنا من خزيمة نرسل رسالة حقيقية وإن كان الآخر لا يفهم الرمز الحقيقي اليوم! الآخر لا يفهم الدلالة المبطنة لهذه الفعالية التي تقام خارج المؤسسات الثقافية منذ «ماتت»! منذ مات محمد الجبلي واقفاٍ في الساحات عارياٍ والسرطان يغزو جسده لم يحرك أحد ساكناٍ وها نحن اليوم نشيع المؤسسة الثقافية التي ماتت منذ زمن كنا نبحث عن الجاني فلم نجده فسجلت الجريمة ضد مجهول كما هو المعتاد..>
Share

التصنيفات: ثقافــة

Share