Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

خلاصة القول.. المطلوب ثورة أخلاقية

خلاصة القول.. المطلوب ثورة أخلاقية
عادل خاتم
<  لا يساورنا الشك في مصداقية نوايا الأبطال الصادقين من المناضلين الأحرار الذين فجروا الثورة اليمنية وصنعوا من هذا اليوم 26 سبتمبر 1962م يوماٍ فاصلاٍ في حياة اليمنيين جسد التحول التاريخي العظيم للإنسان والوطن اليمني بشكل عام..
وباستقراء الوقائع والحقائق التاريخية نجد أنها تؤكد أن الثورة اليمنية «سبتمبر – أكتوبر» مثلت محطة الخلاص الوطني من الاستعمار والاستبداد والتخلف وانتصرت للحياة الإنسانية العصرية وطوت صفحات الاستبداد والرجعية وفتحت الباب للخلاص من تركة الماضي البغيض بكل مساوئه فهي ثورة وطنية وشعبية وإصلاحية شاملة بمفهومها ومضمونها الوطني الذي عبرت عنه أهدافها المجيدة المجسدة للطموحات الوطنية..
واليوم ونحن نحتفل باليوبيل الذهبي للثورة اليمنية يفرض علينا الواقع أن نكون موضوعيين جداٍ في نظرتنا خلال محطة التقييم الحالية لما حققه العهد الثوري خلال الخمسة العقود الماضية بكل تجلياتها وإخفاقاتها والاعتراف بالأخطاء وتشخيص المفاسد بشفافية والإحباطات والمثبطات التي أعاقت التنمية وأثنتنا عن مواصلة الفعل الثوري في الاتجاه الصحيح وأجهضت اكتمال مشروع النهوض المؤسسي للدولة اليمنية الحديثة المرتكزة على أسس الديمقراطية والقانون والثقافة المدنية العادلة المحققة لمبدأ المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية والرفاهية والاستقرار المعيشي وتحقيق قدر من الآمال والتطلعات المشروعة.
إن المسؤولية الوطنية والواقع والمنطق يؤكد أننا في أمس الحاجة إلى ثورة أخلاقية بكل معنى الكلمة وبكل المعاني الدينية والوطنية السوية تنتشلنا من مستنقع الركود والمماحكات واستجرار الثقافة الماضوية العقيمة وتفتح صفحة جديدة تكسب كل فئات الشعب قيم الثقة والإخلاص والتوحد والتعايش السلمي من منطلق أن الوطن يتسع للجميع وتصحيح مسار الثورة في الاتجاه الصائب نحو بناء دولة مدنية حديثة واستكمال تنفيذ أهداف الثورة كبرنامج عمل وطني عام نتخلص من خلاله من كل الشوائب المناطقية والتطرف الديني والسياسي بكل أشكاله ونغلق من خلالها الباب في وجه المتعطشين للدماء وإثارة النوازع الطائفية والتحريض والترويج للخطاب الإعلامي المؤدلج المكرس لثقافة الشمولية..
وإذا كانت الثورة – أي ثورة – بمفهومها الوطني قيماٍ وأخلاقيات ومبادئ تسعى إلى تحقيق رفاه الشعوب على مختلف ألوانهم وأطيافهم وتوجهاتهم الفكرية وانتماءاتهم السياسية فإن الثورة اليمنية جسدت بأهدافها ونبل مقاصدها هذه الأبعاد والغايات السامية ولا مجال أمامنا في هذا الوطن كأفراد وأحزاب وقوى وطنية إلا أن نراجع حساباتنا حول مدى تمْثلنا لهذه القيم والتزامنا بتلك المبادئ. وبعيداٍ عن رمي الأخطاء وتبادل اتهامات التقصير يجب أن نعترف بما كشفه الواقع الراهن – حتى لا نذهب بعيداٍ – من ممارسات سلبية وأخطاء في حق الثورة توضح عمق الاختلال والانحدار الخطير في القيم والانسياق خلف الأهواء وشعارات الفوضى والتضليل والإثارة وصولاٍ إلى الاندفاع والموت المجاني..
أليس من العقل والحكمة أن نبحث في زحمة هذه الأخطاء عن مصير الثقة التي غادرت فجأة ساحة المبادئ الأخلاقية الكريمة والتي يعول عليها شفاء النفوس العليلة التي صارت تضمر الشك والريبة وتغليب النزاعات المحرضة للكراهية والحقد والغدر على مشاعر التعاون والتكامل والتكافل¿! والأخطر من غياب الثقة هو ما نرى ونسمع من ادعاءات باطلة شتى تخفي أشكالاٍ مخالفة لكثير من المفاهيم ودوافع فكرية مزيفة تتجاهل مكنونات ونواميس الحياة والواقع وما يجب أن تكون عليه الحياة والإنسان ومصيره في هذا الوطن وبالمقابل هناك من لا يتورع عن الإقدام على تمكيننا من المجهول وانجرافنا نحوه من كافة النواحي ويمنهج التشاؤم والإفرازات السلبية ويقوده عناده ورغباته العدوانية إلى الابتعاد عن كل الآليات الوطنية المناسبة لإخراج الوطن من عنق الزجاجة بجهود مخلصة وعقلية ناضجة ومسؤولة تقدر المعاني والقيم الإيمانية لرحمة الاختلاف أو استحضار مثالية الثورة وروحها في إدارة وحل المشاكل والقضايا التي يثخن بها الوطن وتفويت الفرصة على من يستثمرون أجواء الخلافات ولا يتورعون عن تغذيتها لتحقيق أطماع ومكاسب سياسية أو شخصية أو انتقامية دون أدنى مسؤولية وطنية أو وازع ديني وأخلاقي..
لسنا في حاجة إلى ثورات مضادة تؤسس لمراحل جديدة من الصراع وتعيق تصحيح مسار الحياة بل إلى ثورة أخلاقية تزيل ما تبقى من ترسبات الماضي وأمراض التخلف وحزازات التشطير آن الأوان أن ننتقل من مرحلة الثورية والتثوير إلى مرحلة البناء والتنوير فالتثوير بشواهد المراحل السابقة لم يخلف سوى التدمير والإنهاك للشعب ويعزز ثقافة الانقلاب على منجزات الثورة اليمنية وأهدافها وأبرز ما يمكن أن يحصده هو إعاقة عملية التنمية والبناء. علينا الابتعاد عن لغة التخوين والمناكفات والمصالح والتخبط والفوضى وكل ما يحقق أجندة القوى التي تحاول إخضاع الشعوب واسترجاعها إلى حقبات الجهل والتخلف والعمل على زرع ثقافة التنوير للأجيال وبنائها على أسس وطنية جديدة وعقلية متنورة ومتحررة من أمراض التشدد وثقافة التعصب الفكري وتقدم ولاءها وحبها الصادق للوطن على الولاء السياسي والمذهبي.
إننا في أمس الحاجة إلى ثورة أخلاقية تنتصر لمفهوم التغيير والتطور وتقضي على الفساد بكل أشكاله الذي نال من نوازع وقيم  الإخلاص للوطن وأفرز العلل والإنهاك للجسم اليمني وأفسد قيم النزاهة والعمل بكفاءة لا ينقصها الشعور بالمسؤولية والواجب تجاه المجتمع والوطن بأكمله..>

Share

التصنيفات: الصفحة الأخيرة

Share