Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

المعضلة الاقتصادية.. وتحديات تحقيق الاستقرار التنموي العاجل

أحمد المالكي

 

أكد عدد من الأكاديميين وخبراء الاقتصاد أن التحدي الأبرز الذي تمر به اليمن في الوقت الراهن هو البطالة والفقر كأحد القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تفاقمت بسبب الأحداث التي مرت بها اليمن في 2011م وكذلك نتيجة للاختلالات الاقتصادية والسياسية التي تراكمت منذ عقود وأن تحقيق الاستقرار الاقتصادي العاجل يتمثل في تحقيق استقرار الأسعار والعملة الوطنية وإيجاد مناخ ملائم حتى يستعيد الاستثمار المحلي والأجنبي حيويته عن طريق إعادة الخدمات الأساسية وفي مقدمتها الكهرباء وإعادة النظر في أسعار المشتقات النفطية وبرامج التنمية الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية.. مشيرين إلى أن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أكدت على أن المشكلة الاقتصادية هي إحدى القضايا التي سيشملها الحوار الوطني الشامل الذي يجرى التحضير له وأن هناك عدداٍ من الملفات الاقتصادية التي ستطرح على طاولة الحوار أهمها استراتيجية التنمية الاقتصادية في اليمن والتوزيع العادل للثروة وكيفية رفع كفاءة تحصيل الموارد وإعادة النظر في الإنفاق العام للدولة ومجابهة مشكلة الفقر والبطالة وقضايا الإغاثة وإعادة الإعمار للمناطق المتضررة بسبب التوترات السياسية والأمنية التي مرت بها البلاد وأن تحقيق الاستقرار الاقتصادي لن يتأت في ظل غياب الإدارة الكفؤة والنزيهة القادرة على توزيع موارد البلاد بشفافية بعيداٍ عن ممارسات الفساد التي أنهكت الاقتصاد..

 

 الدكتور طه الفسيل خبير الاقتصاد ومستشار وزارة الصناعة والتجارة قال: هناك ثلاثة أنواع من التحديات التي تواجه الحكومة الانتقالية حالياٍ الأول يتمثل في مواجهة الآثار الناتجة عن الأزمة التي حدثت في العام الماضي2011م والثاني هو مواجهة المطالب الشعبية وتوفير المرتبات والخدمات ومعالجة أزمة المشتقات النفطية واستقرار الأسعار والعملة الوطنية والتحدي الثالث يتمثل في مواجهة الاختلالات الاقتصادية والسياسية التي تراكمت خلال السنوات الماضية.. ويضيف أعتقد أن هناك تحديين رئيسيين في الوقت الراهن هما: الأول يتمثل في تحقيق الأمن والاستقرار لارتباطهما بالتنمية الاقتصادية والأمر الثاني لا بد من تحديد طبيعة الرؤية الاقتصادية وتحديد دور الدولة بشكل دقيق وخلق شراكة في الجانب الاقتصادي والتنموي وعلى اعتبار أن هذه القضايا مهمة فلا بد من الاتفاق عليها ومعالجتها بالإضافة إلى معالجة قضايا الفقر والبطالة بتعزيز دور القطاع الخاص والاستثمارات المحلية والأجنبية وتهيئة مناخات الاستثمارات وإيجاد السياسات الكفيلة بامتصاص البطالة وتشغيل الشباب في مختلف المجالات وتنويع مصادر الدخل الاقتصادي العام وعدم الاعتماد على موارد معينة أو مورد واحد والمتمثل في مورد النفط والغاز وكذلك إيجاد فرص عمل في مختلف القطاعات مثل الزراعة والأسماك والصناعة والحرف اليدوية.

 

استئناف الخدمات الأساسية

 

من جانبه الدكتور محمد الأفندي أستاذ الاقتصاد ورئيس المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية سلط الضوء على أهم التحديات الاقتصادية التي تمر بها اليمن في الوقت الراهن قائلاٍ: لا شك أن التحدي الاقتصادي هو من أبرز التحديات لكنه ليس الأول فالتحدي الاقتصادي مرتبط بالتحدي السياسي وحدوث تغيير شامل في النظم والمؤسسات والإنسان والمجتمع فمثلاٍ لدينا تحديات في الأجل القصير وتحديات اقتصادية في الأجل المتوسط وتحديات في الأجل الطويل فالتحدي الاقتصادي في الأجل القصير يكمن في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وهو نتيجة تراكمات واختلالات اقتصادية موجودة منذ عقود ولم يتمكن النظام السابق من حلحلتها أو إحداث تغيير حقيقي فيها ثم جاءت ثورة التغيير السلمية ولا شك أنه كان لها أثر على الاستقرار الاقتصادي بحكم أن الناس اتجهوا نحو تغيير العمود الأساسي الذي إذا تم اصلاحه تمت معالجة جْل التحديات الاقتصادية.

 

استقرار الأسعار والعملة

 

ومن أبرز التحديات التي تواجه حكومة الوفاق استقرار الأسعار التي ارتفعت في الفترة الماضية واستقرار قيمة العملة الوطنية وإيجاد مناخ ملائم ليستعيد الاستثمار حيويته وتدفقه سواء المحلي أو الأجنبي وهذا يتطلب استئناف الخدمات الأساسية وفي مقدمتها الكهرباء التي ما تزال حتى الآن غير مستقرة رغم الجهود التي تبذلها حكومة الوفاق إلاِ أن المخربين ما يزالون يعيثون فيها خراباٍ! على اعتبار أن الكهرباء أهم عنصر من عناصر الانتاج سواء للفرد أو المصنع أو للمؤسسات الانتاجية بشكل عام أو للحياة العامة فعودة التيار الكهربائي معناه العودة للكثير من الأنشطة الاقتصادية والحرفية وأيضاٍ إصلاح الطرق وتأمين المياه هذه كلها من أهم التحديات الاقتصادية العاجلة في الفترة القصيرة.. بالإضافة إلى العمل على تحسين مستوى المعيشة للناس سواءٍ من خلال تحقيق استقرار الأسعار أو من خلال مراجعة الحد الأردنى للأجور أو من خلال التوظيف حيث أوكل للحكومة حوالي 60 ألف وظيفة لا شك أنها تمثل عبئاٍ عليها وكذلك تحسين أداء الحكومة و نسبياٍ في ما يتعلق بتحصيل إيرادات الدولة وتأمين امدادات النفط بحيث يستفاد من عائدات النفط ثم بعد ذلك لا بد من النظر في مواجهة تحدي الفساد الذي يلتهم جزءاٍ كبيراٍ من موارد الدولة سواء في جانب الإيرادات أو في جانب النفقات.

 

مجابهة الفقر والبطالة

 

ويضيف الدكتور الأفندي: ومن التحديات الاقتصادية أيضاٍ خلال هذه الفترة مواجهة مشكلة الفقر والبطالة وأعتقد أنها من أهم التحديات التي تواجه الحكومة.. وإذا تم خلال السنتين القادمتين تحقيق الاستقرار في الأسعار وتثبيت قيمة العملة وانضبطت مرتبات الموظفين واستأنف الناس أعمالهم وصرفت الخدمات لا شك أنه سيكون لها تأثير على تحسين مستوى الوضع المعيشي للسكان وكذلك إذا نشطت مؤسسات الضمان الاجتماعي وأعيد النظر في صندوق الرعاية لا شك أنه سيكون لها أثر ملموس في مجابهة مشكلة الفقر والبطالة هذا بالإضافة إلى أن هناك جملة من التحديات الاقتصادية خلال الفترة الحالية والقادمة كإعادة النظر في برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية بحيث توجه لمزيد من النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل القومي على أساس أنه لا يعتمد فقط على إيرادات النفط والغاز وإنما استغلال استثمار القطاعات الواعدة في الاقتصاد الوطني.

 

الاستقرار والتدوير

 

الدكتور محمد علي جبران أستاذ المحاسبة والمراجعة – جامعة صنعاء – بدوره تحدث في هذا الصدد بأن أهم التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومة والبلاد بشكل عام في الوقت الحاضر الأمن والخدمات وعند توفر هذين العنصرين سوف يأتي ما يسمى بالاستقرار السياسي وأنا لست مع من يقولون أن الاستقرار السياسي هو الوسيلة الوحيدة لتنمية اليمن بالعكس الاستقرار الاقتصادي هو الأهم والأكثر حاجة من السياسي فعندما يستقر الاقتصاد ينشغل الناس بتلبية احتياجاتهم ومن هنا سيأتي الاستقرار وسوف تنخفض نسبة البطالة والفقر وهما العاملان الأساسيان اللذان يجعلان الناس يذهبون للتقطع في الطرق والمطالبة بحقوقهم ومما يؤدي إلى ما يسمى بالإضرابات الفئوية كل هذه معوقات أمام الحكومة بالإضافة إلى عدم سيادة القانون ومع احترامي الشديد لم أجد في أي بلد في العالم أناساٍ يرفضون التدوير الوظيفي إلا في اليمن!! ولا بد أن يعلم الموظف الكبير والصغير الوظيفة العامة سلوك وعندما يكون هناك سلوك أخلاقي ويعرف الشخص أن الوظيفة مغرم وليست مغنماٍ عندها سوف تعاد لليمن قوتها واقتصادها واستقرارها.<

 

تفعيل القانون وتحقيق العدالة ضرروة للحفاظ على الوحدة الوطنية> يقول الدكتور الأفندي أن الظلم الاجتماعي والفقر والبطالة وسوء توزيع الثروة في الفترة الماضية ونهب الأراضي ومصادرة الحقوق كل هذه القضايا الاقتصادية كان لها دور في تهديد الوحدة وجعل إخواننا في الجنوب يشعرون بالظلم حتى وصل الأمر إلى المنادة بفك الارتباط بسبب الأوضاع والإدارة الاقتصادية السيئة والفساد والظلم الاجتماعي وتثبيت الوحدة واستقرارها يتم بالعدل وإعطاء أصحاب الحقوق  حقوقهم ورد المظالم وبالحوار الوطني الذي يحدد شكل الدولة الجديد اللامركزية ومع تحقيق الاستقرار الاقتصادي والعدالة الاجتماعية ستستقر اليمن من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها.

 

الفدرالية المالية

 

ويوافقه الرأي الدكتور جبران قائلاٍ: إذا وجدنا وفعلنا القانون وحققنا استقراراٍ اقتصادياٍ عبر توزيع عادل للثروة فلن يكون هنالك أي تهديد للوحدة والوطن برمته وهو يرى الحل في أن اليمن بحاجة إلى ما يسمى بالفدرالية المالية بحيث كل محافظة تأخذ مواردها ماعدا الموارد السيادية ويكون لكل محافظة حقها في التوظيف الاساسي لأبنائها وكذلك في الأراضي أضف لذلك تنمية الموارد المحلية حيث يمكن لكل محافظة أن تحقق إيرادات بالمليارات لو أحسنت توظيفها وإدارتها طبقاٍ للإدارة الحديثة للموارد.

 

العدلة الاجتماعية

 

يعود الدكتور الأفندي إلى القول أن الحل أيضاٍ يكمن في ضرورة تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية للحفاظ على منجز الوحدة وذلك من خلال تحقيق بنية متوازنة من خلال الأهتمام بالتنمية الريفية وبتمويل المشروعات الصغيرة والأصغر التي ستْحدث نقلة نوعية في الريف فهنالك 80 % من الفقراء موجودون في الأرياف ولايمكن تشغيل هؤلاء إلا من خلال القطاع الزراعي وفتح المشاريع الصغيرة والأصغر بحيث لاتقتصر فقط على عواصم المحافظات ولذلك يجب الانتقال إلى مبدأ التمويل المتنقل فهناك بنوك مثل الأمل ومؤسسات التمويل والاصغر وصندوق التنمية الاجتماعية وغيرها من المؤسسات التي يمكن أن تشجعها الدولة من أجل البحث عن تمويل في الريف.

 

كون تمويل هذه المشاريع يعتبر نوعاٍ من تحقيق اللامركزية الاقتصادية وتوزيع جهود التنمية بين الريف والحضر على السواء كما أن سعي الدولة إلى توفير الخدمات التنموية الأساسية في الريف سيشكل دوراٍ كبيراٍ في إحداث نقلة نوعية اقتصادية مستدامة وعادلة بين الريف والحضر..<

 

الاستفادة المثلى من مؤتمر أصدقاء اليمن

 

> الدكتور الفسيل يعقد الأمل على مؤتمر أصدقاء اليمن قائلاٍ: بالرغم من أنه مؤتمر سياسي وأمني ثم اقتصادي إلاِ أن الملف الاقتصادي لليمن سيتصدر أولويات المؤتمر وهو يعتقد أن هناك قضايا عاجلة ستطرح في المؤتمر كون اليمن يعاني العديد من الأزمات الانسانية كالحال في أبين ولودر مثلاٍ بالاضافة إلى قضايا الفقر والبطالة والتي من المؤكد أنها ستطرح في المؤتمر كملفات مهمة وعاجلة لإيجاد الحلول لها.

 

أولويات الفترة الانتقالية

 

ويذهب الدكتور الأفندي إلى التركيز على الكيفية المثلى للاستفادة من برامج دعم المانحين وهو يؤكد أن وزارة التخطيط والتعاون الدولي تقوم الآن بإعداد الأولويات المهمة التي سينصب عليها تركيز المانحين.

 

وهناك مخصصات سابقة حددتها الدول المانحة لمشاريع محددة ومن الأولى أن تبدأ الحكومة أولاٍ بحسب هذه المخصصات ثم تحديد حجم الفجوة المتبقية للأولويات الطارئة خلال ثلاث سنوات ويستدرك الأفندي قائلاٍ: لاشك أن التركيز الآن هو البحث في أولويات الفترة الانتقالية وكيفية تمويلها واستيعاب الموارد التي خصصت لها سابقاٍ والتي يمكن أن تخصص للفترة المقبلة بالإضافة إلى قضية الحوار الاقتصادي والذي سيكون أحد قضايا الحوار الوطني الشامل وفيه ربما سيتم تحديد أولويات الفترة الانتقالية والتفاوض على عملية تسريع تنفيذ الوعود والالتزام بالمشاريع المحددة..<

 

 

الإرادة السياسية ثم الإصلاح الإداري لمواجهة التحديات الاقتصادية

 

>يخلص الدكتور الفسيل إلى أن المواطن ينتظر اليوم من الحكومة تغيير الأوضاع للأفضل وهذا في ظل امكانيات محددة بالإضافة إلى أن هناك اختلالات اقتصادية متراكمة من السنوات الماضية وتحتاج إلى معالجة من خلال إيجاد رؤية سليمة لطبيعة النظام الاقتصادي وتحديد دور الدولة والقطاع الخاص وبناء علاقة متينة وشراكة بين القطاع الخاص والحكومة بهدف توجيه الامكانات الاقتصادية المحلية لتقوم بدورها في انعاش التنمية الاقتصادية وسيتدرك قائلاٍ: لاشك أن تحسين الأوضاع السياسية ومراجعة القضايا المطلبية في الجنوب وحل المشاكل العالقة في صعدة وبعض محافظات الجمهورية يرتبط ارتباطاٍ وثيقاٍ مع تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والشاملة.

 

مواجهة التحدي السياسي أولاٍ

 

بالمقابل يخلص الدكتور الأفندي إلى أن مواجهة هذه التحديات الاقتصادية تحتاج إلى عنصرين أولاٍ الإرادة السياسية وهو يعتقد أن هذا النوع من الإرادة متوفر في عهد التغيير – بالإضافة وهذا ثانياٍ – إلى إحداث إصلاح إداري ومؤسسي يدير الموارد بكفاءة ويدمجها في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهو يؤكد أن إصلاح الإدارة الاقتصادية لن يتم إلا من خلال مواجهة التحديد السياسي وهو بناء اليمن الجديد وبناء المؤسسات السياسية والدولة المدنية الحديثة التي سوف تواجه التحدي الاقتصادي بكفاءة وجدارة إذا ماتحقق التغيير السياسي الصحيح والجاد فلا بد أن يتحقق الاستقرار الاقتصادي الشامل..<

 

 

الفقر والبطالة والتوزيع العادل للثروة على طاولة الحوار الوطني

 

> وعن الملفات الاقتصادية التي يجب طرحها على طاولة الحوار الوطني أوضح الدكتور الافندي أنه إذا تم الرجوع إلى المبادرة وآليتها سنجد أن القضية الاقتصادية هي من القضايا التي يشملها الحوار الوطني وقد حددت الآلية قضية التنمية الاقتصادية في اليمن وأكدت على العدالة الاجتماعية.. وأضاف: أعتقد أن القضية الاقتصادية هي إحدى قضايا الحوار ومن المحاور الاقتصادية التي ستطرح وستكون في مقدمتها استراتيجية التنمية الاقتصادية في اليمن والتوزيع العادل للثروة وكيفية رفع كفاءة الدولة في تحصيل الموارد وإعادة النظر في الإنفاق العام للدولة بحيث لا يصبح مجرد موازنة مرتبات وأجور إنما يجب على مالية الدولة أن تحقق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والتنموية للبلاد بحيث تكون الموازنة العامة والإنفاق العام أداة من أدوات النمو الاقتصادي من خلال التركيز على الاستثمارات في البنى التحتية والخدمات الأساسية ومن قضايا الحوار الاقتصادي أيضاٍ مجابهة مشكلة الفقر والبطالة والإغاثة وإعادة الإعمار للمناطق التي تضررت بالأحداث في هذه الفترة والفترات السابقة بشكل عام.

 

وهو الأمر الذي يؤكده الدكتور جبران بقوله أن المحور الاقتصادي سيكون الأبرز على طاولة الحوار والسبب كما يراه جبران أن مشاكلنا بدأت من الجانب الاقتصادي والتي تتمثل في زيادة البطالة بين الشباب وهو ما جعلهم يشعلون الثورة..

Share

التصنيفات: منوعــات

Share