Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

رسوم متحررة

لا يزال السواد الأعظم من الناس ينتظر المزيد من القرارات والمراسيم التي من شأنها أن تحدث تغييراٍ جذرياٍ عميقاٍ في بنية الدولة السياسية والاقتصادية وأن يلمسوا ويشهدوا «رسوماٍ متحررة» لا «متحركة» هي التي تقود البلد إلى التطوير والتحديث بعيداٍ عن أؤلئك الذين أحبطوا الناس عبر الحديث عن تعقيدات الوضع الراهن وما يتطلبه من مداهنة ومراعاة لحساسيات المشهد السياسي.. لأن الايغال في هكذا أحاديث ونظريات لن يغير من المعادلة القائمة اليوم شيئا وسيشعر الجميع أن ما يحدث هو ذات النظام ولكن بأدوات جديدة وحينها فقط سنكتشف أن ما حدث من ربيع ثوري لم يكن سوى خريف تقاسم الجميع أوراقه في إشارة إلى ما يحدث من تقاسم اليوم للوظيفة السياسية والعامة والادارة وتكريس لواقع حزبي طغى على مصلحة الوطن العليا.

 

وللأسف إن ما يبدو اليوم ماثلاٍ في المشهد السياسي أن مبدأ التقاسم قد حل محل الاستحواذ الذي كان قائماٍ قبل 21 فبراير وكلاهما سيئ وخطير وله تداعيات كارثية على مسار الآليات والقرارات المتعلقة بمستقبل البلد السياسي ولأننا قد جربنا هذا التقاسم في 1993م و1997م ولم ينتج إلا مزيداٍ من المكايدات والمناكفات والمزايدات استحضاراٍ لفساد سياسي طغى على مجمل المشهد في تلك الفترة من أوائل وأواسط التسعينات وللأسف فإن استجرار واستلهام تلك المرحلة اليوم سيعيد البلد إلى نفس المربع الأول لكن التداعيات ستكون اخطر في ظل ما هو قائم اليوم من اختلالات إن كان على المستوى العسكري وانقسام افقي في هيكلية الجيش سيما وأنه بانتظار قرارات حاسمة وجوهرية تعيد الاعتبار لواحديته وعقيدته العسكرية.. أو إن كان على المستوى الأمني الذي يعاني اختلالاٍ رهيباٍ في ظل تمدد وتوسع القاعدة وحضورها وأنصار الشريعة في أكثر من مكان.. أو إن كان على المستوى الاقتصادي الذي بات محشوراٍ في زاوية ضيقة حادة لا تقوم أو تنفرج إلا بمؤتمرات للمانحين من الهبات والمنح والقروض والتي باتت تتأجل من شهر إلى آخر.

 

المهم في كل ذلك أن هناك من يريد السعي إلى تكريس نفس السياسات والآليات التي أرهقت البلد في السابق ويعزز عوضاٍ عن سياسة «الاستحواذ» سياسة «التقاسم» وكأن حركة المجتمع وثورته التي احتضنتها «32» ساحة في طول الوطن وعرضه لم تكن إلا من أجل تكريس ذلك.. الأمر الذي سيقود حتماٍ إلى مزيد من التدهور والانقسام والتشرذم.. والذي بدأت تذره في شمال الشمال «صعدة» وفي الجنوب «الحراك» لذلك ستظل الحاجة إلى قرارات قوية وذات أثر عميق وجذري تطال مختلف المرافق والمؤسسات والكيانات وتلك هي ما يتوق اليه الناس خصوصاٍ إذا ما رافقها المجيء بشخوص ذات قدرة وكفاءة ومسؤولية نزيهة الكف.. قادرة على اجتراح المعجزات.. بعيداٍ عن أؤلئك الذين أدمنوا التهريج واعتاشوا على الأزمات وعاشوا حياتهم «رسوماٍ متحركة» تحركهم المصالح والغرائز. لذا آن الأوان اليوم لكي تكون هناك «رسوم متحررة» قادرة على مجابهة التحديات والمشكلات وذات قدر كبير من المسؤولية والمهنية والبلد والحمد لله لا يفتقر اليها بقدر ما كان مفتقراٍ لها.. بهذا نكون قد قطعنا شوطاٍ كبيراٍ في التهيئة للحوار الوطني القادم والذي سينجح حتما إذا ما ابتعدنا عن منطق المحاصصة والتقاسـم وحتى لا يقال أن هـناك اطرافاٍ رئيــسية في البلد تقاتلت وقـتل من قتل في تعز وصنـعاء وعدن وإب وذمار والحـديدة ثم تصـالحا وتقاسـما كل شيء.. وأنه لو صـح ذلك فذلك لعمري فسـاد هائل يهتك كل ما لهذا الوطن من اسـتار..
 

سمير الفقيه

 

Alfakeh79@hotmail.com

Share

التصنيفات: مكافحة الفساد

Share