Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

ذات جذور اجتماعية يتفاوت حدوثها عالمياٍ «البلطجة» تكتيك عاطفي أم سلوك مرتبط بالعنف¿!

سأل أحدهما الآخر: أنت بلطجي¿ فأجاب: من هو البلطجي¿ والله ما بلطجي إلا أنت.. ناهي أنت مع البلاطجة.. وغيرها من الألفاظ والمشادات الكلامية التي سمعناها وترددت كثيراٍ أثناء الأزمة السياسية الراهنة التي عصفت باليمن خلال أكثر من عشرة أشهر العام الماضي ـ ولا تزال – حيث كان معتصمو ساحة الجامعة يطلقونها على «أنصار الشرعية الدستورية» في التحرير والسبعين.. والعكس.. وكذلك في ساحات المحافظات والأماكن العامة والشوارع وأينما وليت وجهك.. وهذا من باب الاتهام والكيد السياسي لا غير.. فمن هو البلطجي حقاٍ.. وكيف ينظر المجتمع إلى البلطجي والبلطجة بموضوعية بعيداٍ عن التصنيف والانتقام والتراشق بالاتهامات.. وماذا عن البلطجة في اللغة والاصطلاح أيضاٍِ..

 

إذا كان المجتمع ـ أي مجتمع ـ ومن بينها مجتمعنا اليمني ينظر إلى البلطجة على أنها نوع من السلوك المستهجن والمرفوض فإنه من الطبيعي جداٍ أن تلقى نوعاٍ من الاهتمام بين علماء النفس وخبراء السلوك حتى أنهم يرون أن الظاهرة ليست جديدة بل أن لها جذوراٍ اجتماعية وتحدث بنسب متفاوتة في مختلف مجتمعات العالم.. وهي بالنسبة للطب النفسي أحد أنواع الانحرافات السلوكية التي تحدث نتيجة الاضطراب في تكوين الشخصية سواء الفردية أو القومية والتي تحتاج إلى التكوين السوي للصفات الانفعالية والسلوكية التي تشكل الشخصية في وقت مبكر وتتصف بالثبات والاستقرار.

 

ويرى علماء النفس والسلوك أن هذا الاضطراب قد يتحول إلى نوع من الانحراف والجنوح وهو ما يطلق عليه في علم النفس «الشخصية المضادة للمجتمع» والبلطجة لا ترتبط ـ بالضرورة ـ بالعنف فالبلطجي أحياناٍ لا يكون في حاجة  إلى إيذاء الآخرين للحصول على ما يريد أو فرضه بالقوة بل قد يكون مكمن قوته  في ظروف معينة مثل سوء استغلال أصحاب رأس المال للعمالة بسبب ظروف السوق والبطالة فهذا نوع من البلطجة وأحياناٍ ترتبط البلطجة بحالة من استدرار العطف مثل المتسول الذي يدعي المرض والحاجة حتى يبتز أموالك.. فهذا نوع من البلطجة المعنوية التي تستخدم تكتيكاٍ عاطفياٍ وفي نهاية المطاف توجد بالطبع البلطجة المرتبطة بالعنف وهي التي تعتمد على التلويح بالقوة بشكل أو بآخر لإلحاق الأذى بالآخرين وغالباٍ لا يحتاج البلطجي لاستعمالها بشكل سافر إذ يكفي التلويح بها أو استعمالها مرة واحدة ليصير المتضرر مثالاٍ يدفع الآخرين للخضوع «مثال على ذلك المفسدون الموجودون في بعض الأحياء العشوائية كنموذج لبلطجة الأفراد».

 

وقد حظيت البلطجة كلفظ دارج في العامية بنصيب وافر من اللبس والغموض لكن ليس لها أصل في العربية إنما يعود أصلها إلى اللغة التركية ويتكون من مقطعين «بلطة» «جي» أي حامل البلطة و«البلطة» كما هو معروف أداة للقطع والذبح وتعني البلطجة في الاستخدام الشائع فرض الرأي بالقوة والسيطرة على الآخرين وإرهابهم والتنكيل بهم كما تعني في الاصطلاح استعمال القوة لاستغلال موارد الآخرين بهدف تحقيق مصلحة خاصة وهي نابعة من احتياج صاحب القوة ـ فرداٍ أو مجتمعاٍ أو دولة ـ لموارد ومواهب وقدرات الآخرين لتوظيفها بطريقة نفعية..
 

عبده حسين الاكوع

Share

التصنيفات: الصفحة الأخيرة

Share