Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

مثــــقفون للبيــــــع

ما بين النص والمتلقي تظل الرسالة الهادفة والرابطة الشعورية الراسخة الدوامة التي تتصل بأمر واقعهما وإذا تجرد منظوم النص الملقى من مقومات نجاحه المقرونة باستلهام وجذب ومحاكاة الحالة الآنية والشعورية لواقع كل طرف خلا من التأثير والتغيير وغدا في لغة التعبير مجرد أضغاث أقوال..
وفي ساحاتنا الثقافية قل ما شئت عن المثقفين الذين اكتظت بهم الساحات وامتلات بزخمهم المدن كل في ميدانه الرحيب يخطب ويندب ويستعطف ويشجب لهم أغراضهم وغاياتهم منهم من خدمته مكانته الاجتماعية قبل الثقافية وأشهرته نفوذه ورجاله قبل كلماته ومداده لينال مجلسه في دار الأدباء والمفكرين وعله لا يعلم عن مقومات منزلهم شيئا ولا يدري فعلاٍ لماذا هو هناك!!
بل لعله يدرك إنه إذا قال شيئا من كتاب (خزعبلاته) وأبحر في سماء كلماته التي يرى ويوقن بأنها ستخلد مجدا عظيما وتبلغ غايتها من التأليف والتوظيف والبلاغة والجزالة والشهرة والمكانة ودليل تميزه وتألقه كما يرى هو شهادة تصفيق الجمهور الذين مذ نطق اسمه انهالوا له مصفقين مستبشرين ومهللين فهو فلان وينتمي لعائلة لها مكانتها وواقعها لذا فهو يستحق هذا التقدير من دون أي تقديم ولعلهم فقط فهموا هذا الشيء من (تهرجاته).
وبالمقابل نكون بذلك قد أعلنا موت الأقلام الواعدة والصاعدة والكلمات الخالدة التي تنبثق من صدق معاناة وتولد من رحم الإبداع لتعلن على نفسها الحداد الأبدي في ظل سطو الهتافات المكانية والمقامات النفوذية والبحور المستمدة التي لا تؤمن إلا بمبدئها ولا ترى الأحقية إلا لها في مختلف الاتجاهات وشتى المجالات.
فكم هم أولئك المثقفون والمبدعون الذين خانتهم الظروف وعزت في أنفسهم شعور الإحباط والدونية لترك هذا الطريق الذي وجدوا فيه محطة إبداعاتهم ورؤية مستقبلهم إذا أنه في أشد الحاجة لطاقاتهم المكنونة وعطاءاتهم الأصيلة لتزهر بهم اللغة وتحيا بهم الثقافة وتدر جزالة الكلمات من أصالة وجدانيتهم فتشرق السماء بروح القصائد التي خلقوها وعذوبة المشاعر التي حملوها ورونق الخطب التي أودعوها تسكن في قلوب الناس وتستحوذ على ألبابهم فلعلهم أن يصنعوا بذلك لأمتنا ما عجز الاخرون عن صناعته وتحقيقه بمختلف الطرق واعتى الوسائل..
بعيدا عن هذا الذي يقول ما يشاء ولا يدري ما الذي قاله وماذا يريد
لتراهم بين الفينة والأخرى وهم في كل واد يخطبون وإنهم ليقولون ما لا يفعلون  فقد وصلوا إلى مكانة  لا يستحقونها ولا يعرف مأتاها تتجهم لمن هم أولى منها مكانة وأبلغ منها منزلة ولو وجدوا من يبيعهم كتاباتهم وتأليفاتهم وخطبهم لدفعوا في سبيلها كل ما يملكون للحصول على الشهرة الزائفة ومع ذلك فأمرهم حائن وزيفهم بائن.. بل قد يرثى لهم الحال فلا تراثا خلدوه لأمتهم ولا مال..

 

أسماء حيدر البزاز

Share

التصنيفات: ثقافــة

Share