Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

رمضان في صنعاء القديمة

رمضان في صنعاء القديمة
طقوس وعادات.. لا تزال حضرة في الذكرة
استطلاع‮/‬محمــد أحمــــد
> ‬للناس في‮ ‬ما‮ ‬يعشقون مذاهب‮.. ‬كما لأهالي‮ ‬صنعاء القديمة في‮ ‬الماضي‮ ‬عشق ومحبة لشهر رمضان الكريم ولياليه‮!!‬
فقد كانت لديهم‮ »‬ثقافة‮« ‬يتميزون بها‮ ‬من حيث الطقوس والممارسات والأفعال التي‮ ‬لاتزال عالقة حتى الآن في‮ ‬ذاكرة من عاش تلك الحقبة من الزمن من الآباء والأمهات والأجداد‮..‬
الاستطلاع التالي‮: ‬يقلب صفحات الماضي‮ ‬مع عدد من الآباء والأمهات والأجداد لنتذكر معهم الاستعدادات التي‮ ‬كانت تسبق دخول رمصان وعاداتهم وتقالديهم أثناء صيامه‮ !!‬

استعدادات مبكرة
الشيخ مهدي‮ ‬الكوكباني‮ ‬من ساكني‮ ‬صنعاء القديمة في‮ »‬السبعينيات من عمره‮« ‬يقول‮: »‬إن الاستعدادات والتحضيرات لشهر رمضان كانت تسبقه بأشهر‮« ‬حيث نقوم بطلاء البيوت بالجص الأبيض من الخارج حواف الشبابيك والقمريات وحزام البيت وإطار الأبواب لتنزيين المنازل فرحاٍ‮ ‬برمضان‮«.‬
وأضاف الكوكباني‮: ‬كما كنا نقوم بطلاء الدرجان وقيعان الأماكن‮ »‬بالخضر‮« ‬وهو‮ »‬القضب‮« ‬ما‮ ‬يعرف بالبرسيم مع الماء وكذلك مع المادة السوداء الناتجة بعد احراق مادة‮ »‬مخلفات الحيوانات مع التبن‮« ‬بأسلوب منظم وكل ذلك بعد أن نقوم‮ »‬بدقها‮« ‬مع بعضها البعض‮..‬
لا‮ ‬يقل الاستعداد والفرح لدى النساء في‮ ‬صنعاء القديمة في‮ ‬الماضي‮ ‬عن الرجال في‮ ‬استقبال شهر رمضان‮..‬
تقول الوالدة‮ »‬أم عبدالله‮« ‬يعتبر رمضان شهر التراحم والألفة والمحبة فقد كنا نحن النسوة نقوم‮ »‬بتقشيع‮« ‬أي‮ ‬تنظيف المفارش من الأتربة ونقوم بغسلها‮ ‬حيث كنت أحمل فوق رأسي‮ ‬البطانيات والمفارش وأذهب برفقة صديقاتي‮ ‬مع جيراني‮ ‬لغسلهن في‮ »‬برك‮« ‬جامع الحميدي‮ ‬أو نذهب إلى‮ »‬الغيل الأسود‮« ‬في‮ ‬التحرير‮..‬
وتضيف الحاجة أم هاني‮ ‬القرماني‮: ‬كنا نحن‮ »‬النسوان‮« ‬ربات البيوت نقوم بإخراج حاجة البيت من الحبوب مثل‮ »‬البر البلدي‮« ‬حيث كنا نشتري‮ ‬الحبوب قبل رمضان بأشهر من الباعة الذين‮ ‬يأتون من ذمار‮ »‬عنس‮« ‬وتجتمع‮ »‬النسوان‮« ‬في‮ ‬الحارة ونقوم‮ »‬بنقاى‮« ‬الحبوب كما نقوم‮ »‬بطحن‮« ‬البر لعمل‮ »‬جشوش‮« ‬للشربة‮.‬
أكلات رمضانية
وعن عادات رمضان في‮ ‬ما‮ ‬يخص‮ »‬الطعام‮« ‬في‮ ‬صنعاء القديمة‮.. ‬أفادت‮ »‬أم هاني‮« ‬كانت لنا عدة وجبات في‮ ‬شهر رمضان نبدأها بوجبة‮ »‬الفطور‮« ‬التي‮ ‬كانت أثناء أذان المغرب بعد مدفع الإفطار وهي‮ ‬عبارة عن التمر‮ ‬قهوة قشر‮ ‬الحلبة الحامضة‮ ‬سحاوق والوجبة الثانية تأتي‮ ‬بعد تأدية صلاة المغرب مباشرة وتسمى‮ »‬العشاء‮« ‬وفيها تقدم‮ »‬العصير‮ ‬الشفوت‮ ‬الفتوتة‮ »‬المعصوبة‮« ‬‮ ‬الشعيرية‮ ‬‮ ‬وهكذا‮ ‬أما الوجبة الثالثة كما تقول‮ »‬أم هاني‮« ‬هي‮ ‬وجبة‮ »‬الغداء‮« ‬أو ما‮ ‬يعرف بـ»السحور‮« ‬فكان لنا عدة اختيارات إما حلبة بيضاء مع سمن وفاير أو فتوت مع سمن بلدي‮ ‬بالحيسي‮ ‬أو مطيط مع عصيد مع قهوة قشر بلدي‮ ‬في‮ ‬الجمنة وبالصياني‮ ‬القديمة‮.. ‬وتداخلت معها الوالدة أم عبدالله‮ – ‬مضيفة‮:»‬كنا نعمل شفوت بالمدر الشبامي‮ ‬مع لبن بقرة من دار سلم ونعمل‮ »‬محلــبية بيضاء‮« ‬ولم‮ ‬يكن لدينا‮ »‬ثلاجات وبرادات‮« ‬مثل اليوم‮ !! ‬وعندما استفسرت منها كيف تحفظ تلك‮ »‬المحلبية‮« ‬باردة¿‮!‬
أجابت‮: ‬كان في‮ ‬كل بيت ودار في‮ ‬صنعاء القديمة‮ »‬مكان‮« ‬يشبه الشباك في‮ ‬الأدوار العلوية وكان بارزاٍ‮ ‬عن البيت به فتحات صغيرة‮ ‬يدخل إليها الهواء البارد‮ ‬فكنا نضع المحلبية أو الماء في‮ ‬ذاك المكان حتى الافطار وعندها‮ ‬يون بارداٍ‮ ‬جداٍ‮.‬
سمر صنعاني
ويضيف العم الكوكباني‮ ‬في‮ ‬ما‮ ‬يخص وقت السمر لساكني‮ ‬صنعاء القديمة في‮ ‬الماضي‮ ‬كنات أغلب سمراتنا في‮ ‬شهر رمضان‮ ‬يغلب عليها الجانب الديني‮ ‬ومناقشة القضايا الاجتماعية التي‮ ‬تخصنا وكانت تلك السمرات على ضوء‮ »‬نوارة‮« ‬ليجتمع الجيران في‮ ‬الحارة ثلاثة أو أربعة ونتناول ورق القات في‮ ‬جو من الحميمية والروحانية والألفة بعيدين عن القيل والقال‮ !!‬
عادة رمضانية
وقد كانت في‮ ‬الماضي‮ ‬لمعظم رجال صنعاء القديمة عادة في‮ ‬أيام رمضان حيث كانوا‮ ‬يصلون الظهر في‮ ‬الجامع الكبير ومن ثم‮ ‬يتدارسون كتاب الله‮ »‬القرآن‮« ‬حتى صلاة العصر وبعدها‮ ‬يتوجهون إلى‮ »‬سوق القات‮« ‬لشراء وريقات القات ومن ثم تبدأ‮ »‬الدورة‮« ‬والمقصود بها‮ »‬التنزه‮« ‬خارج أسوار صنعاء‮ ‬حيث‮ ‬يتوجه‮ »‬البعض‮« ‬إلى‮ »‬جبل نقم‮« ‬وبالتحديد إلى‮ »‬غيل‮« ‬وهو ماء‮ ‬يخرج من‮ »‬عين‮« ‬تسمى‮ »‬غزل الباش‮« ‬كلَ‮ ‬يحمل‮ »‬زمزمية‮« ‬أو‮ »‬كعدة‮« ‬باللغة الصنعانية الدارجة فما أن‮ ‬يصلوا لتلك‮ »‬العين‮« ‬حتى‮ ‬يملأوها بالماء البارد أو من عين تسمى‮ »‬عين الفقيه‮« ‬ويعودون‮.‬
إفطار خاص
بعدها وقبل أذان المغرب‮ ‬يتوجه أكثر ساكني‮ ‬صنعاء القديمة إلى الجامع الكبير‮ ‬يحملون إفطاراٍ‮ ‬قليلاٍ‮ ‬عبارة عن‮ »‬تمر‮ – ‬شوية شفوت‮ – ‬حلبة حامضة‮ – ‬كدم‮« ‬والجميع‮ ‬ينتظر مدفع الإفطار كلَ‮ ‬يحمل مسبحته وقد انزوى في‮ ‬ركن الجامع‮ ‬يذكر الله ويسبحه فيتحلقون‮ »‬حلقات حلقات‮« ‬للإفطار في‮ ‬مشهد روحاني‮ ‬فيه من الفرحة الشيء الكثير على‮ »‬نعمة صيام‮« ‬ذاك اليوم‮.‬
حزاوي‮ ‬صنعانية
وكان للنساء في‮ ‬الماضي‮ ‬بصنعاء القديمة‮ »‬سهرات‮« ‬تجمعهن مع بعضهن البعض‮ ‬فقد كن‮ ‬يجتمعن في‮ ‬منزل احداهن وهي‮ ‬كبيرة السن أو لديها فن النكتة ويتسامرن وكانت احداهن تسمعهن‮ »‬الحزاوي‮« ‬جمع حزوية وهي‮ ‬قصة شعبية أو خيالية أغلبها ذات فائدة وحكمة‮.‬
التسبيحات الثلاث‮ !‬
وأردف الكوكباني‮ ‬أن أكثر ساكني‮ ‬صنعاء القديمة‮ ‬يتسامرون ويسهرون حتى التسبيحات الثلاثة وثم موعد وجبة‮ »‬الغداء‮« »‬السحور‮« !!‬
وعندما سألته عن أهمية التسبيحات الثلاثة لدى أهالى صنعاء القديمة في‮ ‬السابق والحاضر‮ !‬
أجاب الكوكباني‮ ‬بأن تلك‮ »‬التسبيحات الثلاثة‮« ‬كانت لها فوائد خاصة في‮ ‬السابق‮ ‬حيث لم تكن هناك‮ »‬ساعات‮« ‬توقيت وكهرباء لمعرفة الوقت‮.. »‬فالتسبيحة الأولى‮« ‬كانت أهميتها بأن تقوم المرأة‮ »‬لتعجن‮« ‬صغيرة من العجين وتتركها‮ »‬تتخمر‮« ‬التسبيحة الثانية‮ »‬تقوم المرأة بإشعال‮ »‬التنور‮« ‬النار وإعداد وجبة السحور‮ »‬الغداء‮« ‬أما‮ »‬التسبيحة الثالثة‮« ‬لا‮ ‬ينادي‮ ‬بها إلا ونحن داخل الجامع الكبير نؤدي‮ ‬صلاة الفجر
وقد كان في‮ ‬الماضي‮ ‬لصنعاء القديمة‮ »‬مسحراتي‮« ‬وكان‮ ‬يدعى راجح الحارس كما أفاد أكثر من وجدت من كبار السن في‮ ‬صنعاء كانت وظيفته إيقاظ أهل صنعاء للاستعداد لتناول‮ »‬الغداء‮« ‬السحور وكان لديه‮ »‬طبل أو طاسة‮« ‬يقرع بعصا على احداهما فتصدر صوتاٍ‮ ‬مرتفعاٍ‮ ‬يسمعه كل ساكني‮ ‬صنعاء فيقومون‮.‬
ألعاب رمضانية
وقد كانت لساكني‮ ‬صنعاء القديمة في‮ ‬الماضي‮ ‬خاصة‮ »‬الأطفال‮« ‬ألعاب شعبية وأهازيج واشعار لا تزال محفورة في‮ ‬ذاكرة الآباء والأمهات والأجداد والجدات في‮ ‬صنعاء القديمة‮.‬
وقد بين صاحب الصوت الشجي‮ ‬الوالد‮  ‬صالح ذلك حيث أسمعني‮ ‬بصوته‮ »‬تغريد‮« ‬وكيف كانوا‮ ‬يستقبلون رمضان حيث قال‮ »‬كنا ونحن أطفال ننتظر بفارغ‮ ‬الصبر قدوم ليالي‮ ‬رمضان حتى نلعب ونلهو بأزقة وحارات صنـــــعاء القديمــــة فكنا نقول ونردد الآتي‮:‬
حسين حسين‮ ‬يا حسين
يا نادش القعشتين‮ ‬
والقعشتين راوية
أروى من الساقية
والساقية جْلجْلان
وأطرافها الزعفران
وأضاف وكنا نقول أيضاٍ
يا قمر قميره قميره
يا سراج الليلة الليلة
سربنا سرب الحمام
سرب الحمام
والحمام طياره‮.. ‬طياره
أو نقـــول كذلك ابتـــــهاجاٍ‮ ‬برمضان وقدومه
يا رمضان‮ ‬يا بو الحماحم
إدي‮ ‬لنا قرعة دراهم
وثمة ألعاب شعـــــبية كانوا‮ ‬يمارســــونها خاصــة في‮ ‬ليالي‮ ‬رمضـــان في‮ ‬الماضي‮ ‬ومنها‮:‬
لعبة‮ »‬من قبة الطيار‮« ‬وهي‮ ‬لعبة على شكل دائرة تشكل من‮ »‬الأولاد‮« ‬وواحد‮ »‬منهم‮« ‬في‮ ‬المنتصف بين‮ »‬الدائرة‮« ‬ولعبة‮ »‬الأزرار‮« ‬وهي‮ ‬استخدام‮ »‬أزرار‮« ‬الملابس المعروفة ونقوم بتحريكها ودفعها باحدى أصابع اليد حتي‮ ‬تبلغ‮ »‬حفرة‮« ‬في‮ ‬الأرض‮ ‬بالإضافة إلى لعبة‮ »‬حبس أمان‮«.‬
أما في‮ ‬ما‮ ‬يخص البنات فكانت لديهن كما بينت الحاجة أم هاني‮ ‬القرماني‮ ‬لعبة مشهورة هي‮ »‬الدحبيبة‮« ‬حيث تتقابل فتاتان وتتماسكان بالأيدي‮ ‬وتقومان بالدوران بشكل مائل وتقولان‮ »‬دحبيبة‮ ‬يادحبيبة‮.. ‬نزلتي‮ ‬وادي‮ ‬الذيبة أدي‮ ‬لاخي‮ ‬خطيبة وهكذا‮«.‬
تمسية رمضان
وكانت لدى أطفال القديمة عادة هامة ومشهورة جداٍ‮ ‬بذكرها الأباء والأمهات‮ ‬حيث كانوا‮ ‬يمارسون هي‮ »‬التسمية‮« ‬وهي‮ ‬عبارة عن‮ »‬زيارات‮« ‬يقوم بها أطفال الحارة مجتمعين‮ »‬صبياناٍ‮ ‬وفتيات‮« ‬إلى احدى المنازل في‮ ‬الحارة وهم‮ ‬يرددون بصوت عال وموحد‮ »‬يا مساء جيت أمسي‮ ‬عندكم‮«.. ‬حيث‮ ‬ينتــظرون من صاحب‮ »‬المنزل‮« ‬أن‮ ‬يعطيهم‮ »‬بقشة‮« ‬أو نصف بقشة فبعضهم كان‮ ‬يعطيهم وقد كان‮ ‬ينزلها من أعلى المنزل‮ ‬يوضعها في‮ »‬خرقة‮« ‬واحراق بعض أطرافها حتى‮ ‬يراها الأطفال عند سقوطها‮.‬
كما كانت لدى أطفال صنعاء القديمة عادة بأن‮ ‬يحرقوا‮ »‬يشعلوا‮« ‬النيران فوق أسطح المنازل من‮ »‬الرماد‮ + ‬القاز‮« ‬احتفالاٍ‮ ‬وابتهاجاٍ‮ ‬برمضان ولياليه‮.‬
والكثير الكثير من العادات والتقاليد الشعبية التي‮ ‬تحتويها أزقة وبيوت صنعاء القديمة تســـــــتقبل رمضـــان ولياليه ابتهاجاٍ‮ ‬وفرحاٍ‮..<‬

Share

التصنيفات: ثقافــة

Share