Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

«لغز دولة الدويلات»

 حمدي دوبلة

 

هي شبه جزيرة صغيرة في جزء بسيط على الجانب الشرقي من شبه جزيرة العرب ارتأت أو هكذا رأى نظامها أن تولد مجدداٍ من رحم »الجزيرة« ليتعزز نفوذها ويعلو شأنها بين الأمم ولو كان ذلك على حساب أمن البلدان ودماء الشعوب.

 

أصبحت في زماننا لغزاٍ حائراٍ وأحجية معقدة يعجز عن فك طلاسمها الفطاحلة فقد جعلت من نفسها دولة عظمى ونصبتها قائدة لما بات يعرف بثورات التغيير والتحول إلى الديمقراطية والمدنية الحديثة في المنطقة وكأنها قد أخذت بتلابيب الديمقراطية من كل طرف وباتت تنعم في بحبوحة المدنية أو كأن نظامها السياسي قد حاز كل مفردات المثالية وليس ذلك النظام المرتكز على الحاكم الأوحد وأفراد أسرته الكريمة وأبنائه النوابغ على الدوام بل أن سيناريو وصول هذا النظام إلى الحكم يعتبر الأسوأ في المنطقة أخلاقياٍ وإنسانياٍ ولم يتكرر مثل هذا السيناريو لبشاعته إلا مرات قلائل منذ حادثة الكسرى »يزدجرد« عظيم ما كان يسمى بدولة فارس العظمى قبل نحو 1500 عام.

 

صغر مساحة هذه الدويلة لا يعيبها ولا يقلل أبداٍ من شأن شعبها العربي الأصيل غير أن ما يؤخذ على نظامها أنه قد دأب منذ فترة ليست بالقصيرة على الإعداد والتحشيد لافتعال الأزمات في المنطقة وتأجيج عوامل العنف والصراعات والفتن وتمويل أطرافها هنا وهناك بحثاٍ ربما عن الدور الذي لم يكن أحد ينتظره من دولة صغيرة ووصول حاكمها إلى ما يعتقد بأنه السجل الخالد للزعماء العظماء الذين شهدتهم البشرية على مر العصور.

 

بالطبع لن يستطيع أحد إنكار بعض النجاحات التي حققتها هذه الدويلة على الأصعدة التنموية والسياسية بفضل الثروات الطبيعية الهائلة التي تمتلكها مقارنة مع عدد سكانها الضئيل غير أن ما غاب عن ذهن هذا النظام بأن ثروات الطبيعة ليست خالدة وأنها آيلة لامحالة إلى الانحسار والنضوب والزوال المحتوم لتعود حليمة إلى العادة القديمة وإلى الغطس في أعماق الخليج بحثاٍ عن أصداف اللؤلؤ وهي المهنة الأنظف والأشرف بكثير من المتاجرة بالمواقف واستخدام الأموال في سبيل الإضرار بالآخرين.

 

هذه الأموال الطائلة جعلت هذه الدويلة الصغيرة قبلة للمنظرين والمحللين والنشطاء الحقوقيين والمفكرين من مختلف الأديان والجنسيات لخدمة الأجندة المرسومة سلفاٍ دون أن ينسى هذا النظام الطامح استقطاب علماء الدين وأصحاب الفتاوى الشرعية المطلوبة عند الحاجة كتلك الفتوى الغريبة العجيبة التي أباحت لطيران الغزو الصليبي دماء أشقائنا المسلمين في القطر الليبي الشقيق ووجوب المساهمة في تمويل هذه الحرب من أموال المسلمين وهي الفتوى التي لا يجد الإنسان العربي المسلم إزاءها إلا التبتل إلى الله سبحانه وتعالى بسرعة »انقراض« هؤلاء العلماء وفتاواهم كما انقرضت الديناصورات قبل ملايين السنين والتي تعيد احدى النظريات انقراضها إلى تجبر هذه »القوارض« العملاقة في الأرض بغير الحق وإهلاك الحرث والنسل والتكبر على الضعفاء من مخلوقات الله الأخرى فكانت العقوبة الالهية بالانقراض وجعلها عبرة لكل خلق الله من البشر والحيوانات.

 

وتتواصل رحلة العقول الإبداعية إلى هذه الدولة التي باتت تمنح الجنسية والامتيازات الكبيرة لمن يناصب العداء لبلاده وأمته في الوقت الذي بدأت فيه أصوات تتعالى من أبناء هذه الدولة في الخارج استنكاراٍ لما يحدث واعتراضاٍ على المشاريع المشبوهة التي أصبحت محل اتهام صريح بالعمل على خدمة مصالح ومآرب أعداء الأمة ومكتسباتها.

 

إنها فعلاٍ دولة الدويلات وأعجوبة عصرنا فهي لا تحكم بمواثيق أو عهود ولا يمنعها شيء من تدمير كل شيء ومحاربة الأمة والوقوف ضد مصالحها وحقوقها التاريخية في السر والعلن وها هي اليوم تصل بسمومها الخبيثة إلى سوريا المجد آخر قلاع الصمود العربي والممانعة في وجه قوى الاستعمار والجبروت الصهيوني ولا أظنها ستقف أبداٍ عند هذا الحد لأنها ببساطة أسطورة الأساطير ودولة الدويلات فهل عرفتموها¿!!..

Share

التصنيفات: الصفحة الأخيرة

Share