Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

القـــــــــــــطاع المصــــــــــرفي بين خـــــيارات النـــــجاح والفـــــــشل!

أكد عدد من الاقتصاديين الأكاديميين أن القطاع المصرفي يعاني من تدنُ وضعف قاعدة المتعاملين مع القطاع المصرفي في اليمن وسوء استخدام المصارف والبنوك للمدخرات في ما يخدم التنمية والاستثمار واقتصارها على شراء أذون الخزانة باعتباره الاستثمار الأسهل والأضمن أو توجيهها نحو الاستثمار في شراء العقارات والمضاربة في العملة.

 

وحذر الاقتصاديون من الاستمرار في السياسات الخاطئة وآثارها على الاقتصاد الوطني مبدين الكثير من الآراء والملاحظات على أداء القطاع المصرفي والأسباب التي أدت إلى فقدان ثقة الجمهور في هذا القطاع الحيوي وكيفية النهوض به.. المزيد من التفاصيل في سياق التحقيق التالي:

 

 

تحقيق/ محمد مطير

 

 

يقول الدكتور فيصل سيف المخلافي – أستاذ الاقتصاد المشارك بجامعة ذمار – أن سبب تدني نسبة المتعاملين مع البنوك يرجع إلى عاملين.. العامل الأول أن ما يتراوح بين ٥٦ – 70 ٪ من سكان اليمن يقطنون الريف ويعتمدون في رزقهم على الزراعة والأنشطة المرافقة لها كالنقل الريفي وتجارة التجزئة والعمل بأجر يومي وهي أنشطة منخفضة الدخل أو الأجر ولذا فإن معظم سكان الريف اليمني يعيشون على حد الكفاف وينتشر الفقر المدقع على نطاق واسع في الريف ولذلك تنعدم الحاجة للتعامل مع البنوك بالإضافة إلى أن أجهزة الدولة المدنية والعسكرية والغالبية منهم محدودي الأجر ويعملون كذلك في الشركات والمنشآت الصغيرة والبناء والتشييد وأجورهم متواضعة حتى لا تكاد تغطي النفقات الشهرية للأسرة.. أما العامل الثاني فيتمثل في قصور الجهاز المصرفي والبنوك في قيامه بدوره في عملية التنمية ولا سيما البنوك التجارية التقليدية حيث لا تتجاوز الاستثمارات المقدمة من جميع البنوك ٥٣٪ من الودائع ما يعني أن هناك قصوراٍ شديداٍ في الاستغلال الأمثل للودائع نظراٍ لارتفاع مخاطر الاقراض ولا سيما طويلة الأجل.

 

وأوضح الدكتور المخلافي أن نسبة مشتريات البنوك من أذون الخزانة بلغت نحو ٤٤٪ تقريباٍ من إجمالي الائتمان المقدم من البنوك و ٦٦٪ للقطاعات الأخرى وهذا يعني أن البنوك أصبحت ممولاٍ أساسياٍ للخزانة العامة للدولة من خلال الدين الداخلي حيث بلغ الائتمان المقدم من البنوك لتمويل الواردات والتجارة الداخلية والقروض الاستهلاكية نحو 72٪ من إجمالي الائتمان مستبعداٍ منه استثمار البنوك الإسلامية وبذلك لا تتجاوز القروض متوسطة وطويلة الأجل التي قدمتها البنوك التقليدية بالأنشطة الزراعية والصناعية والأسماك والبناء والتشييد نحو 5  .  3٪ وإذا أضيف إليها استثمارات البنوك الإسلامية فإن النسبة لا تتجاوز 14٪ من إجمالي الائتمان.

 

وأكد المخلافي أن تلك المؤشرات وغيرها تشير إلى أن دور البنوك لا سيما التقليدية منها في اليمن تقوم بتمويل خزانة الدولة من خلال شراء أذون الخزانة وتمويل الواردات والتجارة الداخلية وتمويل القروض الاستهلاكية في جانب حشد الموارد والمدخرات وتلقي الودائع المختلفة وطالما أن البنوك لا تتمكن من الاستغلال الأمثل لهذه الودائع ويبقى معظمها عاطلاٍ في البنوك وفي هذه الحال تصبح البنوك هي مجرد خزائن لنقود الشركات والأفراد وفي ما يتعلق بالقروض التي تعطيها البنوك للقطاع الخاص فإنها تتجه أساساٍ إلى الشركات الكبيرة التي تحوز على ثقة البنوك أما المنشآت الصغيرة فلا تتمكن من الحصول على  قروض لأسباب تتمثل في عدم ثقة البنوك في هذه المنشآت ولما كانت هذه المنشآت تمثل 98٪ من إجمالي عدد المنشآت والشركات فإن إمكانية حصولها على قروض من البنوك سيرفع من نسبة المتعاملين مع البنوك وستتمكن هذه المنشآت من توفير فرص عمل كثيرة.

 

وخلص المخلافي إلى أن أسباب تدني نسبة المتعاملين مع البنوك ترجع في مجملها إلى عدم قدرة الجهاز المصرفي على حيازة ثقة معظم أفراد المجتمع الذين لديهم أنشطة تجارية وخدمية صغيرة فهؤلاء لا يجدون أو لا يعتقدون أن تعاملهم مع البنوك سيحقق لهم منافع مناسبة وطالما أنهم لا يتمكنون من الحصول على قروض من البنوك فكيف سيعتقدون بالإيداع فيها¿

 

إخفاق

 

من جهته عزى الدكتور علي سيف كليب أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء تدني تعامل المواطنين مع المصارف والبنوك الوطنية أو التجارية إلى الاعتقاد السائد لدى قطاع واسع من المواطنين اليمنيين بوجود شبهة ربا في البنوك التقليدية والتجارية ولذلك يهربون إلى المصارف الإسلامية التي أنشئت مؤخراٍ لهذا الغرض وكان من المؤمل أن تستقطب جزءاٍ كبيراٍ من تعاملات المواطنين لكن اتضح أن المصارف لا تتعامل وفقاٍ لأصول الدين الإسلامي ولم تنجح في استقطاب الجمهور.

 

عزوف المتعاملين

 

ويرى كليب ان هناك الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى عزوف اليمنيين عن التعامل مع المصارف ومنها انعدام الثقافة المصرفية بأهمية المدخرات المحلية وبالتالي رفع كفاءة الاقتصاد ومع ذلك فإن الجهاز المصرفي عجز عن توظيف هذه المدخرات حيث هناك الكثير من المدخرات التي لا يتم توجيهها التوجيه السليم في خدمة الاقتصاد  الوطني وكذا عدم وجود خطط للمصارف ولا خطط ما بين المصارف والجمهور اليمني.

 

وقال: إن انعدام الثقة ما بين المصارف والجمهور أوجدت أزمة بين الطرفين فالمصارف أول ما تذهب إليه هو عملية تقسيط المبالغ التي لديها وهذا يعني أنها لا تقوم بصرف المبالغ بالشكل المطلوب للمودعين وخير مثال على ذلك ما حصل بعد حرب صيف 1994م.. حيث أن الكثير من المصارف لم تقم بصرف المبالغ للمودعين إلا تحت سقف معين وهذا ولد شعوراٍ لدى المواطنين بأن المبالغ التي تودع لدى البنوك غير آمنة وفي حال وجود مشكلة طارئة وأن المواطن قد لا يستطيع أن يحصل على ودائعه دفعة واحدة.. وأضاف كليب قائلاٍ: إن الوضع الاقتصادي في البلد يؤدي إلى تآكل العملة فعندما يتم الإدخار في الجهاز المصرفي بنسبة معينة من الفائدة تقل عن معدل التضخم فإن ذلك يؤدي إلى تآكل قيمة العملة نفسها وبذلك فإن الأفراد يفضلون عند إيداع المبالغ الإدخار بأصول أجنبية أو يلجأون إلى شراء العقارات والذهب وما شابه ذلك.

 

وحمل كليب الجهاز المصرفي مسؤولية عجزه في إقناع المواطن اليمني بأهمية الجهاز المصرفي في خدمة الاقتصاد الوطني والخدمات المصرفية التي يمكن أن يوفرها الجهاز المصرفي للمواطن فكثير من المواطنين يفكرون في الوقت والجهد الذي سيبذل عند الذهاب إلى الجهاز المصرفي لأخذ مبلغ معين حيث لا توجد خدمات بشكل ميسر وسهل وهناك قصور في الخدمات بشكل عام وإن كان هناك بعض الخدمات البسيطة.

 

وأضاف أن البنوك في اليمن لديها مبالغ كبيرة لكنها تعتبر مجمدة لأن البنوك تستثمرها في شراء أذون الخزانة لأنها تعتبرها وسيلة آمنة للاستثمار أو تقوم بتجميدها ولا يتم توجيهها للتنمية ولذلك طالب كليب بإعادة النظر في السياسات المصرفية الخاطئة وتوجيه القروض والمدخرات لخدمات التنمية والاستثمار للمبالغ.

 

وقال لو أنه تم إعادة استثمار المبالغ المدخرة في المصارف اليمنية في مشاريع منتجة فإنها سوف تعود بنفع كبير على الاقتصاد الوطني وتخلق فرص عمل جديدة للشباب وتوسع قاعدة الإنتاج.. وبالتالي زيادة النمو الاقتصادي.

 

الخدمة الشاملة

 

أما الدكتور خالد حسن الحريري أستاذ التسويق بجامعة تعز فيقول أن التنافس القائم في السوق المالية والمصرفية عنوانه »الخدمة الشاملة والأسرع بتكلفة أقل«ولذلك اتجهت البنوك والمؤسسات المالية إلى استخدام وسائل حديثة ومبتكرة في أداء وتقديم خدماتها المالية والمصرفية والتي تعتمد على معطيات التقدم الهائل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والذي يتيح للبنوك والمؤسسات المالية تحقيق العديد من العوائد وتقديم مزيج متنوع من الخدمات لعملائها من المؤسسات والأفراد في نمط تفاعلي الكتروني بين مقدم الخدمة »البنك أو المؤسسة المالية« ومتلقيها »العميل« والذي يتسم بالسرعة والسهولة في تلبية احتياجات العميل من الخدمات المالية والمصرفية المتاحة على مدار الساعة.

 

ولفت إلى أن هناك قصوراٍ واضحاٍ في استخدام هذه التقنية في العمل المصرفي في اليمن سواء من قبل البنوك أو عملائها من الأفراد والمؤسسات وإذا كان هناك بعض مواقع للبنوك اليمنية في الانترنت فهي مواقع تعريفية بالبنوك وأنشطتها فقط.

 

كما أن هناك بعض الصعوبات التي تحد من فاعلية ونجاح تبني البنوك في اليمن للانترنت المصرفي من أبرزها الاعتبارات الخاصة بالأمان والحماية والسرية للتعاملات وتخوف عملاء البنوك من ضعف إجراءات حماية وأمن بياناتهم وتعاملاتهم على شبكة الانترنت وكذا ضعف البنية التحتية التكنولوجية اللازمة لتطبيق الانترنت المصرفي بشقيها الاعتيادي والبرامجي سواء على مستوى الدولة أو على مستوى البنوك العاملة في اليمن بالإضافة إلى عدم توافر الكوادر البشرية المؤهلة في مجال الانترنت في معظم البنوك وانخفاض مستخدمي شبكة الانترنت من الأفراد والمؤسسات في اليمن مقارنة بالعديد من الدول العربية والعالمية بالنسبة إلى عدد السكان إلى جانب غياب العديد من النظم والقوانين والتشريعات المنظمة للأعمال الإلكترونية مثل قانون التجارة الإلكترونية والتوقيع الالكتروني ويوضح أنه بالرغم من صدور قانون أنظمة الدفع والعمليات المصرفية الإلكترونية إلا أن هذا القانون بحاجة إلى تطوير وتعديل وإضافة بعض المواد خاصة ما يتعلق منها بالتعامل من خلال الانترنت المصرفي وحماية وتأمين هذه التعاملات..

Share

التصنيفات: تنميـــة

Share