Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

المسلسلات اليمنية تثبت أن الفن حرام!

منى صفوان

 

 

كل عام تبهرنا المسلسلات اليمنية .. وكلما زادت جرعة الابهار.. نقتنع بسهولة.. أن الفن حرااااام. فمثلا كيف سنعرف أن الممثل متاثر دون أن يعقد حاجبيه وتزيغ نظراته كمن يختنق ويزم  شفتيه وكلما أكثر من استخدام عضلات وجهه كلما عنى ذلك أنه متاثر أكثر. يعني إذا تغاضينا عن سذاجة النص وغياب الرؤية الإخراجية وعدم حرفية الصورة إذا تجاوزنا سطحية الحوار وغياب أي محاولة للإقناع وبعد النص عن الواقع المعاش واذا تناسينا الصور المعتمة والحوار الصارخ وتكرر الافكار والممثلين والجمل الحوارية فكل ما يتبقى لدينا ممثل هزيل الموهبة ممثل لا يمثل.. يردد حواراٍ دون إقناع وخارجا عن كل تعابير البساطة ومكرسا  لنظرية المسلسلات اليمنية أن التمثيل: ليس أكثر من مجردالقدرة على تحريك اكبر قدر ممكن من عضلات الوجه والتلويح باليدين واستخدام كل طبقات الصوت الصارخة و الزاعقة و الانفعالية. فهذا هو التحليل العام للدراما اليمينة إن جاز وصف ما يحدث أنه  ” دراما ” مع الاعتذار لاسخيليوس.

 

والدراما بوصفها منتجا اقتصاديا ومدراٍ لاعلانات رمضان إذا صنفت بحسب اسم المنتج فلدينا كم هائل من المسلسلات اليمنية يدل على ثراء إنتاجي وسخاء إبداعي يبدأ من همي همك وإلى العقل زينة واصحاب وعيني عينك و وقف اقلك.. وغيرها وإذا صنفناها بحسب المروج للمنتج فهناك مسلسلات السعيدة  ومسلسلات الفضائية وهنا يكون التصنيف قد اتخذ منحى أخر على أساس أن المسلسلات في السعيدة تطرح وجهة نظر اكثر حرية من المسلسلات في القناة الحكومية .  عموما الإبداع لا علاقة له بالإمكانيات الإبداع يبدأ من حرفيه النص وينتهي عند توجيه المخرج للمثل إمام الكاميرا أو قل ينتهي في لحظة تصديق المشاهد لما يراه ويسمعه.. الصدق يحدث اذا استطعت أن تضحك أو تبكي..  ولأننا لا نرى أمامنا ممثلاٍ يفعل ذلك  فهذا يعني أنه لا يوجد مخرج ولا يوجد كاتب . فما زال التعامل مع العروض المقدمة عند مستوى الهواة وليس المحترفين. الغريب أنه حتى صناع هذه الدراما لا يختلفون كثيراٍ مع ما يطرح من نقد وهم يزعمون انهم يحاولون العمل في أقسى الظروف الإنتاجية و بحسب الإمكانات المتاحة ولكن السؤال: لمِ يصر الممثل اليمني أن يقنعنا أنه يحاول أن يبذل جهده مع أننا نرى نفس الأداء كل عام¿

 

مدهش و شوتر

 

للعدالة صعب أن تحكم على موهبة أي ممثل في غياب نص قوي و إخراج حرفي صاحب الموهبة الحقيقية يضيع في بحر يغرق ويقتل أكثر مما فعل بأحد أبطال همي همك فصلاح الوافي الكوميدي الأكثر قدرة على اصطياد الضحكة باسلوبه البسيط الدال على خفة دم فطرية أكثر منها حرفية في الأداء فهو كغيره يسرد ذات النص ويعمل بنفس الظروف لكنه أكثر وصولا وأسرع من غيره ربما لبساطة أدائه و تلقائيته وعدم تفكيره في الأسلوب الأكثر ملاءمة بقدر محاولته تصديق ما يقوله و يبدو أنه لايقلد احدا ويبنقذه فقط خفة دمه. إن لدينا وجها على الشاشة يمكن أن نتابعه دون ملل على الأقل هو خفيف الدم والوزن لكن آخر بحجم يحيى ابراهيم ثقيل الطلة والظل كيف يمكن أن يكون ممثلا مبهراٍ وتصر الدراما المبهرة أن تقنعنا كل عام أنه ممثل كوميدي و تقدمه في أكثر من دور على أساس أنه ممثل متعدد المواهب فهم مصرون وهو مصر على ذلك ونحن مصرون أيضا. إن جئنا لتصنيف الممثلين الاكثر قدرة على جذب الجمهور سيكون عبد الكريم الأشموري في المقدمة في الغياب الملفت لنبيل حزام برغم أن حزام يبدو متكلفا في كثير من أدائه ولكن حزام يزيد غيابه كل عام وهذا يجعل فرصه في تطوير أدائه أقل لانه لا يقتل الموهبة إلا البقاء طويلا في البيت أو الاذاعة من خلال المسلسلات الإذاعية التي تتفوق على التلفزيونية والتي تدل أن أكثر ما يناسب الدراما هي الإذاعة ما يعني أن اليمنيين فشلوا في الصورة والتعبير البصري . وهناك صلاح الوافي الذي  يبدو نجما محتملا في الكوميديا اليمنية أن أحسن استغلال خفة دمه وتلقائية أدائه.

 

القرني .. والمخرج

 

أما فهد القرني يظهر ككاتب للعمل وكبطل العمل و أيضا كمساعد إخراج “مساعد وليس مخرج” مع أن المتعارف عليه أن يكون المخرج مؤلفا للعمل. ولكن تبدو هذه خطوة تمهيدية لانتقاله لخانة المخرج العام القادم إلى جانب كونه البطل و الكاتب للنص وهذا يعني أنه متعدد المواهب أو متعدد الاهتمام بالسيطرة على أداء من حوله أو قل مهووس بالسيطرة . فيبدو أنه يود هو أن يشرف على عمله من البداية وإلى أدق التفاصيل دون أن يتدخل به أحد ما يعني الاستحواذ الكامل على عمل من توقيعه. مستلهما بذلك مدرسة  العبقري “يوسف شاهين” التي لا تتكرر أو على الأقل من الصعب أن تتكرر بهذه السهولة ولكن يبدو أن القرني مهتم بتكرار المدرسة ومتاثر جدا بشاهين أكثر من تاثر خالد يوسف نفسه ” المخرج المصري تلميد شاهين ” وحتى أن القرني نفسه ذكر ذلك في وفاة شاهين و ذكر أيضا تفاصيل لقائه بشاهين في مصر في ورشة للممثلين ما يدلل على التأثر بهذه الشخصية . ولا مانع من ذلك بشرط أن يعدل من الأخطاء التي تحدث كل عام  وعادة نقول لا يتعلم أحد إلا من تجربته الشخصية و”همي همك” ليست أكثر من مجرد تجربة شخصية لفهد القرني همي همك لقى نسبة استحسان البعض ممن وجدوا فيه العنصر الغائب في الدراما اليمينة الخيالية بمعنى أنه اكثرها واقعية وملامسة بجرأة لما نود رؤيته لكن الجرأة يمكنها أن تكون مشهودة في الصحافة أو النشاط الحقوقي لكن في العمل الإبداعي ليست هي العنصر الوحيد خاصة في الدراما. فإلى جانب الجرأة يجب توفر عناصر أخرى يكمن فيها أهمية وجود عمل إبداعي متكامل من نص وإخراج وتمثيل ولقد تغاضى الناس عن تدني المستوى الفني في مقابل أن الفنان القرني صاحب التاريخ النضالي في مجال الدفاع عن حقوق الناس. أنه يريد صنع مسلسل يكمل مسيرته الإبداعية التي بدأها بأشرطة الكاسيت في فترة حروب الكاسيت الحزبية لكن وإن وجده الناس مناضلا وصاحب هم وقضية فإن هناك تحفظا على كونه مبدعا. ففي خانة الإبداع ننسى تاريخه النضالي بل لا يهمنا أن نعرف أن هذا المخرج إصلاحي دمه حر أو مؤتمري فاسد المهم أن نرى عملا يستحق الاهتمام ولكن يمكن أن نصنفه كمجتهد يحاول إخراج المسلسلات ليعبر عن وجهة نظره وليس ليتحكم بالنص والممثلين و طريقة أدائهم كما يريد هو  فهذا إن حدث فستزيد طامة الدراما أكثر على أساس أن لدينا دراما. الدراما اليمنية نائمة في  نفقها المظلم  أو رهانها الخاسر الذي قامرت به والقمار حرام و الفن الذي تقدمه حرام .. حرام لأنه يهدر الملايين التي لا تعود على المشاهد اليمني بأي نفع و لا ترفيه ولا تسلية ولا فكرة و ليست أكثر من تسطيح وفي أحسن الأحوال متاجرة بهموم الناس فمن يهتم للدراما ومن فعلا همه هو همها¿ الغريب الذي يعد فزورة رمضان أن درامانا النائمة في رهانها الخاسر بكل نجاح  تجني الإعلانات في القنوات الفضائية اليمنية و في الاذاعات المحلية لأن رمضان هو موسم الأعمال اليمنية التي لا تثبت أي تقدم من عام لعام. بالنسبة للمدهش صلاح الوافي فإن الحديث عنه يبدو مسليا للمشاهد في رمضان فهو ممثل  يمكنه أن يقوم بعمل لوحده من بطولته و يكون جديرا به دون مشاركة آخرين  فهو في بساطته يكون العنصر الذي نفتقده في الشاشة اليمنية طبعا نحن لا نقارن نجومنا مع خالد الصاوي ولا جمال سليمان وكندة علوش وهند صبري.. ولكن يبدو أن بساطة وتلقائية الوافي تؤهل لأنú يكون عادل إمام اليمن فشكله و أسلوبه و حتى سذاجته قريبة من عادل إمام في بداياته مع فؤاد المهندس وكما صار إمام  الزعيم في عالم الكوميديا العربية و ليس فقط المصرية ربما يكون للوافي المستقبل نفسه على الأقل يمنيا إن أحسن الشغل على نفسه و الحفاظ على بساطته ووجد النص و المخرج المناسب  حتى لو بدأ في مشاركات في مسلسلات مع غيره ومن بطولة غيره..
 

monasafwan@hotmail.com

 

Share

التصنيفات: ثقافــة

Share