Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

بعوض

يحكى أن أحد سلاطين الدولة العثمانية بلغه أن أحد مستشاريه قد ارتكب جرم الاختلاس ونهب مال الدولة.. فما كان منه إلا أن قام بحبسه في غرفة تحوي مستنقعاٍ من المياه الآسنة والملوثة التي تجمع حولها الكثير من البعوض.. وقام بتعليق ذلك المستشار من رجليه فيما البعوض تتناثر على أطراف جسده وبالأخص في منطقة وجهه لتشرب ما قْدر لها أن تشرب من دمه.. وبعد ذلك بأيام فكر السلطان العثماني أن يزور ذلك الرجل في سجنه ليرى ما قد آل إليه مصيره.. وبينما هو في السجن والبعوض جاثم على وجه الرجل أراد السلطان أن يهش عنه البعوض فقال له الرجل راجياٍ مستعطفاٍ: لا..لا.. فإنك إن فعلت ذلك أتى بعوض غيره جائعاٍ عطشاناٍ فيشرب من دمي أكثر مما شرب غيره..

 

وهنا طرقت في عقل السلطان فكرة فما كان منه إلا أن أمر بفك وثاق الرجل وأمر بعودته إلى منصبه السابق ومزاولة مهامه وأعماله ذلك أن السلطان قد رأى أنه إذا أتى بشخص جديد لمنصب شاغر فإنه لا محالة سينهش وسيفحش في نهب وسلب المال العام أكثر ممن هو في السجن الذي استفحل تِخمْهْ فأصبح قانعا زاهداٍ مما تبقى.

 

ولا ندري إلى أي مدى هذه القصة قد تكون حلاٍ لإشكالية الفساد وتجفيف منابعه إذا كانت الإشكالية مرتبطة بمسألة أن النفس أو البطن قد شبعت وإسقاط ذلك على نهم وشراهة البعوض كما جاء في متن القصة.. وإلى أي حد يمكن اعتبار أن النفس الأمارة بالسوء يمكن أن تشبع أو تهجع أو تجزع من سلب  الأموال ونهب الممتلكات مع أنه ثبت أن التجريب بالمجرب خطأ والتصحيح بالملوثين خطأ مرتين..!!
 

سمير الفقيه

 

Alfakeh79@hotmail.com

Share

التصنيفات: مكافحة الفساد

Share