Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

تقاسيم

تقاسيم
بين‮ ‬غابة الحيوان وغابة الإنسان‮!!‬
أنور نعمان راجح
‮> ‬في‮ ‬إقليم‮ »‬السافانا‮« ‬في‮ ‬إفريقيا صِوِر أحد الهواة بكاميرته الخاصة فيلماٍ‮ ‬لمشهد من مشاهد حياة الغابة‮.. ‬زمن الفيلم لم‮ ‬يتعد الثمان دقائق لكنه انطوى على الكثير من الإثارة‮.. ‬البداية كانت عندما تقدمت عدد من أبقار الغابة في‮ ‬مشيها على بقية أفراد القطيع فوقعت في‮ ‬كمين نصبته مجموعة من الأسود الجائعة‮ ‬فلم‮ ‬يبق أمام الأبقار من خيار سوى الهرب بكل ما أوتيت من سرعة والأسود من خلفها ليفلح أحد الأسود في‮ ‬الإمساك بعجلُ‮ ‬لم تمكنه سرعته من الإفلات بحياته‮ ‬فاندفع الأسد ومعه العجل نتيجة السرعة ليقعا في‮ ‬نهر صغير‮ ‬يخترق الاقليم‮ ‬ثم تكاثرت الأسود لتسحب الطريدة إلى اليابسة لتبدأ وجبة الافتراس وظل العجل‮ ‬يصرخ ويستغيث بالقطيع وقبل أن‮ ‬يخرجوه من الماء حاول تمساح أن‮ ‬يسحب العجل من براثن الأسود لكنه لم‮ ‬يفلح فاستسلم وعاد ليغطس في‮ ‬الماء‮.. ‬في‮ ‬ضفة النهر اجتمع على العجل ستة أسود وهو لم‮ ‬يزل حياٍ‮ ‬ويصرخ والأمل‮ ‬يحذوه بأن‮ ‬يتدخل أفراد القطيع الكبير لإنقاذه‮ ‬وهو ما لم‮ ‬يكن متوقعاٍ‮ ‬من الأسود أنفسهم‮ ‬حيث فوجئوا بسيل من الأبقار تتقدمها الذكور ذوات القرون لتشكل دائرة حول الأسود الممسكين بالعجل وشيئاٍ‮ ‬فشيئاٍ‮ ‬اقترب القطيع وأحكم الطوق حول الأسود وتغيرت موازين القوى‮.. ‬فالذكور التي‮ ‬ولت هاربة في‮ ‬البداية عادت مهاجمة لتنتصر لفرد من أفراد القطيع وقع في‮ ‬قبضة اسود لا ترحم‮ ‬وفي‮ ‬تلك الاثناء تغيرت الأمور وبدأ الخوف‮ ‬يظهر على الأسود وهي‮ ‬تشاهد سيلاٍ‮ ‬من الأبقار‮ ‬يندفع نحوها دون تردد‮ ‬وهناك بدأت الأسود بالهروب واحداٍ‮ ‬تلو الآخر وذكور الأبقار الضخمة تلاحقها في‮ ‬مشهد قلِ‮ ‬أن‮ ‬يحدث في‮ ‬الغابة‮.. ‬
استطاعت الأبقار استعادة العجل من براثن الأسود‮ ‬والغريب في‮ ‬المشهد أن العجل بعد كل ما لحق به وبعد المحنة الصعبة التي‮ ‬مر بها قام ليلتحق بالقطيع ماشياٍ‮ ‬على قوائمه ولا أحد‮ ‬يعلم‮  ‬ما الذي‮ ‬أصابه من جروح وإصابات وما هو مصيره بعد ذلك¿ فالمهم أنه نجا من موت محقق وعاد ليعيش بين أقرانه ويموت بينهم وعند هذا انتهى الفيلم الذي‮ ‬شاهده الملايين على شبكة الانترنت وتناقلته بعض القنوات المتخصصة بالأفلام الوثائقية‮.. ‬مثل هذا المشهد‮ ‬يحدث‮ ‬يومياٍ‮ ‬في‮ ‬الغابة التي‮ ‬لها حكمها المعروف وقانونها الخاص وكثيراٍ‮ ‬ما تتقاعس القطعان عن نصرة أحد أفرادها في‮ ‬معركة من هذا النوع‮ ‬وقل‮ ‬أن‮ ‬يعود قطيع ليفعل ما فعله قطيع أبقار الغابة في‮ ‬مواجهة الأسود التي‮ ‬لم تْعد أسوداٍ‮ ‬بعد ذلك‮.. ‬
في‮ ‬حياة الإنسان وبيئته‮ ‬يحدث اسوأ مما‮ ‬يحدث في‮ ‬الغابة وإن أخذ طابعاٍ‮ ‬ظاهره العقل وغلافه الإنسانية في‮ ‬أقاليمنا العربية حدث مثل ذلك ويحدث وسوف‮ ‬يحدث‮ ‬غير أن بقية‮ »‬القطيع‮« ‬لا‮ ‬يعودون لنصرة أحد أفراده وكثيراٍ‮ ‬ما‮ ‬يْترك الواحد منهم ليواجه مصيره بمفرده‮  ‬ويكتفي‮ ‬الجميع بالتصوير والحديث‮ ‬وربما لا‮ ‬يتم التصوير وتجرى عملية الافتراس سراٍ‮ ‬والشواهد كثيرة في‮ ‬الغابة البشرية الأشد بشاعة من‮ ‬غابات الحيوان‮..<
Share

التصنيفات: منوعــات

Share