Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

انت البدايــــــة في حـــــب الوطــــــن علي السـøمة.. وحوارية الحب

تب/حاتم علي :

 

 

لم يكن الحب الذي اختزله المرحوم علي عبدالله السمة إلا اكتمالا لأفياء كامنة في أحشاء فنان مزج  بين القيم والمواقف الوطنية الثابتة.

 

فلم يكن فناناٍ محترفاٍ للمهنة – بل كان هاوياٍ لإبداء آهات صادقة استرسل بها ليملك بتلك الكلمات الحب من مستمعيه ومحبيه على حدُ سواء ولم يكن ابن القاضي والعالم السمة إلا قاضياٍ حقيقياٍ يحكم بقلبه المحب لوطنه أولاٍ ولعشقه الجميل ثانياٍ وفق خيال رحب لا يقبل التوجس إطلاقاٍ في محيط حياته لكن لا بد أن يكون للحب ثنائي يكتمل به فمثلما كان هناك النعمان وأيوب كان هناك في الضفة الأخرى ثنائي آخر يصنع آفاقا من الجمال والحب.. هو: السمة والإرياني.

 

وأضحى الشاعر الكبير مطهر الإرياني الشق الآخر للسمة فارداٍ مشوار الحب وكانت البداية من حب الوطن الغالي على الأفئدة.

 

ولد علي عبدالله السمة في صنعاء التاريخ والحضارة في صنعاء القديمة وفي المنزل المجاور لباب اليمن ذلك شكل إيذاناٍ بأن يكون باب اليمن عنوانا ساميا لعشق لا ينضب فمن منا يدخل باب اليمن دون أن ينظر إلى أعلى ليشاهد مباني تطل على الناظر تحاكيه بود واختزال لزمن جميل.

 

عاش علي السمة حياته قبل الثورة متنقلاٍ بين صنعاء وتعز وجاءت ثورة سبتمبر المجيدة وعلي السمة يشكل أوتارا من أحلام التحرر وكانت البداية مع شقه الآخر مطهر الإرياني

 

 »فوق الجبل حيث وكر النسر فوق الجبل«

 

واقف بطل محتزم للنصر

 

واقف بطل

 

يزرع قبل

 

في صميم الصخر يزرع قْبل

 

يحرس أمل شعبي فوق القمة العالية

 

وكانت القبل تزرع فعلا في ضحى الأرض اليمنية في وديانها وجبالها وكانت الكلمات المغناه للفنان علي السمة تساهم بانطلاق مرحلة جديدة في قاموس التحرر الوطني.. من تلك الآهات المحبة كانت البداية لفتح آفاق التحاور الخلاق في صياغة أفكار مغناة تجعل المستمع يشغف بالنهوض من أجل البقاء حراٍ في أرضه المباركة.

 

البالة

 

وهكذا كانت مناجاة علي السمة متصلة بما يكتبه من جماليات ولعل أبرز تلك الجماليات رائعته المشهورة (البالة).

 

البالة والليلة البال…

 

الليلة البال يا ذي النسمة السارية

 

هبت من الشرق فيها نفحة الكاذية

 

فيها شذى البن فيها الهمسة الحانية

 

استرسال يؤكد إحساسا غاية في الود وغاية أيضاٍ في البعد التاريخي لمنحى من مناحي التراث الجميل.. وهكذا أستمرت المناجاة ولم تكن جهة الشرق التي اختارها الشاعر جزافا بل كان لها إيحاء خاص يؤكد الأماكن التي يتواجد فيها المواطن اليمني بخاصة شرق أفريقيا (اثيوبيا تنزانيا) وغيرها وذلك ما رسمته الكلمات الآتية:

 

ذكرت أخي كان تاجر أينما جا فرش

 

جو عسكر الجن شلو ما معه من بقش

 

بكر غبش اين رايح قال أرض الحبش

 

وسارú واليوم قالوا حالته ناهية

 

بكرت مثله مسافر والظفر في البكر

 

وكان زادي مع اللقمة ريالين حجر

 

وابحرت في ساعيه تحمل جلود البقر

 

والبن للتاجر المحظوظ والطاغية

 

إن مثل هذا التصنيف والتخصيص لمسميات الأشياء بطريقة غاية في الحزن يؤكد قدرة الشاعر على ابتعاث الأمل من أشلاء ذلك الحزن الذي رسمت وكونت أبجدياته تلك الكلمات التي تميز بغنائها المرحوم السمة دون غيره من الفنانين اليمنيين.. وعندما تستمع لتلك الكلمات الدافئة والوجدانية تشــعر وكأنك تعيـــش ذلك الزمن ببؤسه وحبه..ولم تكن النهاية في السفر فقط بل استمرت المعاناة تخط انغاما سمعناها وأعجبنا كثيرا بها.

 

وعشت في البحر عامل خمست عشر سنة

 

في مركب (أجريكي) أعور حازق الكبتنه

 

وسود البحر جسمي مثلما المدخنة

 

وشفت كم يا أرضها قاسية

 

حقا إن القسوة لم تكن مقرونة بالمكان فحسب بل كانت أرتالا من الهموم.

 

تولد كل يوم لتشكل معاناة الانسان اليمني في أرضه ومكان غربته.

 

الليلة العيد

 

وعلينا أن نتصور ذلك الحال ومما يزيد من لهفي أكثر هو هل يا ترى الشاعر مطهر الإرياني  كان مهاجرا بجسده إلى تلك البلاد التي استوحاها في كلماته الجميلة¿ أم هو القلب الذي سافر والضمير المحب لأبناء وطنه¿ هو الذي ذهب إلى المكان (أبحث عن الإجابة) ثم يدلف الشاعر إلى شرايين القلب ليضيف جمالا حسيا لما سبق القول.

 

الليلة العيد وانا من بلادي بعيد

 

قلبي بوادي بنا وأبين ووادي زبيد

 

هايم وجسمي هنا في الغربة القاسية

 

هنا نتوقف عند موقع أبين أفلم تكن أبين حينذاك تحت الاحتلال البريطاني وهكذا ندرك أن الشاعر لم يغب عنه في الوقت الذي كان فيه التفكير في الوحدة اليمنية محرما ومغيبا.

 

طبعا الجيل الجديد يجهل أن يفكر بهكذا أغان وحتى إذا سمعها فلن يدرك حقيقة أن الشاعر ولد من رحم الأرض اليمنية من وادي بنا شمالاٍ.. ورضع الحب في دلتا أبين ليكون ابنا حقيقيا ليمن معتق بالزهور والحب معا.

 

ويبقى الحلم والأمـــــل رديف الشـــــاعر إذ يقول:

 

غنيت في غربتي بالله لا هنتنا

 

ومزق الشوق جسمي من لهيب الضنا

 

راجع أنا يا بلادي يا ديار الهنا

 

يا جنتي يا ملاذي يا أمي الغالية

 

وكانت الأم فعلا في انتظار عودة ابنائها كي يصنعوا الغد الممزوج بالثقة بالبقاء في ظل حرية انتزعت من أفواه اعداء الحياة.. أولئك الأعداء الذين لم يسلم فناننا من غدرهم وتأتي نهاية علي السمة بطعنات غادرة من أحد الأشخاص المعتوهين غدراٍ.

 

وكانت الطعنة غادرة لم تمهل فناننا للاستمرار في الحياة إلا مقارعا الموت بعد طعنه ثلاثة أيام في المستشفى الجمهوري بصنعاء.

 

بعدها توقف السمة عن الحديث واستمرت كلماته المغناة تجعلنا نحنو للحياة بأمل هايم يبدد الصمت ويكسر افق الجفاء والغدر.

 

وبتنا نردد يا صبايا صبر

 

بينكن لي حبيب

 

هو مغير القمر

 

غاني أهيف حلا

 

أقدر أطلع إليه

 

لا أعالي الجبل

 

بس خوفي عليه

 

قول قالت وقال

 

وكانت بالفعل تلك الكلمات الحانية يصدرها الجبال لتتلقاها الجبال أيضا.

 

وهنا لا أنسى رفيق درب المرحوم السمة الشاعر عباس الديلمي فلقد كانت له وقفات مع الفنان وربما ساهم المكان في إثراء ذلك الجو العاطفي بين الشاعر والفنان وهنا المكان أقصد به مدينة تعز.. باعتبار أن تلك المدينة أثرت وأثرت في مدلول الكلمات يا قلب لا تبكي على من أبكاك دم.

 

وهذا الشق الشعري يجعلنا نقول إن السمة أبكى جمهوره بدلاٍ من الدموع دما ذلك ما ردده جمهوره المشغوف بسماع أغانيه الجميلة والحانية.. تلك الأغاني التي ما نزال نستمتع بسماعها ونحن غاية في الشدو المعقود بتذكر ماض امتاز بالجديد في كل الأشياء المحيطة بالحياة من حولنا..

Share

التصنيفات: ثقافــة

Share