أنور نعمان راجح
تداخلت الأوراق واختلطت وكذلك هي الكثير من المواقف والآراء والثقافات والسياسات فقد أصابها ما أصابها من العلل فاستعصت على الفهم ولم نعد ندرك إن كان أصحابها يفعلون مايفعلون عن قناعة وإدراك أم أن المسألة برمتها تأدية أدوار موكلة خارج نطاق المنطق والمبادئ السوية وقد حضرت الأثمان المادية الدنيئة وغابت القيم النبيلة التي طالما أتحفنا بها الأدعياء لعقود وأعوام كثيرة لنكتشف أن ماكان منها لم يكن سوى كلام تبخر في محطات الأحداث واختبار المواقف وصدق القيم..لم يعد أكثر الناس يدركون الكثير مما يحدث ومما يسمعون ومما يشاهدون على مسرح الحياة اليومية المكتظ بالمتناقضات التي نسفت كل المفاهيم المرتبطة بحقبة التنظير وتسويق الآيديولوجيات والفكر .. لم يعد أكثرهم يفهم شيئاٍ مما يجري لا لأنهم لا يفهمون ولكن لأن مايحدث لايْصدِق ولا يعقل بأي حال من الأحوال وهو أمر يبعث على الغرابة والدهشة.. فثمة مواقف وتصرفات تصدر عن أفراد وعن أحزاب وهي كثيرة ولا تراعي مصلحة عامة أو خاصة ولا يهم أصحابها مايفعلون وإن كانوا على علم بأن الكارثة سوف تطال الجميع لكنهم يصرون على أفعالهم وتصرفاتهم وكل سياساتهم المؤدية الى الهاوية.. كيف سيفهم الناس هذا الأمر إذا استبعدوا حْسن النية عند المتصرفين وعند الفاعلين.. وحْسن النية ليس حاضراٍ عند أولئك إنما الحاضر الأقوى هو شر النية وسوءها وليس هناك من منزلة بين المنزلتين وفي كل الأحوال أصبح الغموض سيد كل التصرفات والمواقف والسياسات وهو يحمل في طياته الكثير من الأخطار والشواهد كافية لأن النتائج ليست غامضة ولا يمكن تجاهلها.. أجزم بأن الحيرة تطغى على معظم الناس في هذا البلد .. حيرة مفادها لماذا يحدث مايحدث في الساحة ولماذا هي المواقف السياسية تحديداٍ عند بعض الأحزاب والشخصيات السياسية على مانراها من الضعف تارة ومن الانتهازية تارة أخرى ومن التعنت والإصرار على الدفع بالأوضاع نحو المصير المجهول¿..
وكأن هذا البلد ليس بلدهم وكأنهم لايدركون عواقب مايصنعون من مواقف وسياسات ومن تصرفات يقترفها البعض مع سبق الإصرار والترصد لإيصال أوضاع البلاد إلى مرحلة المعضلة وبالتالي إيصال البلاد إلى مرحلة الخطر الداهم.. قد يفلح عشاق الخراب في تحقيق جزء من طموحاتهم في خلق الأوضاع وتهديد أمن البلاد واستقرارها لكن من المهم أن يعلم الجميع أن أصحاب ذلك العشق لايضرون أحداٍ بعينه ولا يعادون أحداٍ لكنهم يمارسون عداءٍ على البلاد بأسرها أرضاٍ وإنساناٍ وتاريخاٍ وهم بما يفعلون إنما يمارسون حرباٍ على الجميع لأن الجميع سوف يجدون أنفسهم وقوداٍٍ لأوضاع مشتعلة بصورة من الصور والحرائق أنواع .. مالم يفهمه الكثير من الناس أن المواقف العدائية أو السلبية لا مبرر لها ولا يمكن فهمها في نطاق العمل المشروع والمعقول وأن السكوت عن تلك التصرفات والأفعال هو أيضاٍ غير مفهوم وأن السكوت هو من يشجع على التمادي في أعمال الخراب وبين من يفعل ومن يؤيد ومن يشارك ومن يقف متفرجاٍ أو صامتاٍ تطل الحيرة عن حقيقة مايحدث وما يمكن أن يحدث مستقبلاٍ¿!