Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

أمطرت السماء.. والأرض والحلوق ماتزال جافة!! "خارطة طريق" تضع حلولاٍ علمية وعملية لحصد مياه الأمطار!!

 مايزال السباق نحو الأعماق على أشده حيث يتم شفط المخزون من المياه الجوفية بلا هوادة يجري ذلك في ظل وجود مخاوف من احتمال تعرض بلادنا لأزمة مائية كبيرة خلال السنوات المقبلة!!

 

وما يؤكد تلك المخاوف الشواهد الحية في عدد من الأحواض المائية في بعض محافظات الجمهورية التي تكاد أو نضبت مياهها فيما الكثير من التقارير والدراسات والبحوث الصادرة عن الجهات المهتمة والمعنية بقضية المياه في بلادنا تشير إلى هذه المخاوف وتدعو الحكومة في توصياتها إلى ضرورة إيجاد الحلول العملية والناجعة لهذه المشكلة الخطيرة المرتبطة بحياتنا ومستقبلنا.. التفاصيل في السياق التالي:

 

تحقيق/ أحمد المالكي

 

أخبرني صاحبي أن السد الذي تم استكمال العمل فيه خلال هذا العام 2009 في قريته راتخ مديرية بني حشيش قد ارتفع منسوب المياه فيه الأسبوع الماضي لأول مرة إلى حوالي 15 متراٍ ولله الحمد والمنة.. فغمرتني السعادة لسماع هذا الخبر لأنه أول سد يتم إنشاؤه في تلك المنطقة إضافة إلى أن وجود هذا السد يعني الكثير حيث سيقوم بتغذية أكثر من 300 بئر في المنطقة والقرى المجاورة ومنها قريتي وفي مساحة تزيد على أكثر من عشرة كيلو مترات مربعة وربما سيضع حداٍ لحفر مزيد من الآبار العشوائية واستنزاف مزيد من المياه الجوفية.

 

وأعلم جيداٍ وكذلك المعنيون والمهتمون بالمياه أن هناك استنزافاٍ جائراٍ للمياه في هذه المديرية الزراعية وبالذات في ري القات وكذلك في مديريات أخرى من محافظة صنعاء والمحافظات الأخرى والمشكلة أن المزارعين وربما المجتمع برمته لا يقدرون ولا يعون خطورة إهدار كميات هائلة من المياه بهذا الشكل المخيف لعدة أسباب: أهمها غياب الوعي بحجم وخطورة هذه المسألة وعدم إدراكهم أنهم بذلك يساهمون في خلق وتوسيع وتفاقم أزمة كبيرة تمس مستقبل زراعتهم ومستقبل أبنائهم ووطنهم ويؤكد ذلك اللامبالاة التي يسلكها المزارعون.

 

استنتاج

 

هناك فعلاٍ لا مبالاة وعدم وعي بخطورة المشكلة وهذا بالتأكيد نتيجة لغياب دور وزارة المياه ووزارة الزراعة والجمعيات التعاونية الزراعية ومنظمات المجتمع المدني التي تقع عليها مسؤولية التوعية والإرشاد المائي في أوساط المزارعين من خلال الندوات والفعاليات والنشرات والتواصل مع وسائل الإعلام وتفعيل دورها وحتى يمكن أن يوظف دور خطباء المساجد لتعريف المزارعين بخطورة هذه القضية المهمة.. كما يجب التركيز على الأرياف على  اعتبار أن الزراعة تستهلك 70٪ من مياه حوض صنعاء فقط ويجب أن يكون المكون الإعلامي في المرتبة الأولى من أولويات القضايا الموجهة في سبيل معالجة مشكلة المياه من قبل المؤسسات والمهتمين بمعالجة هذه القضية.. وهذا الدور إذا ما فعل بشكل جيد فسوف يأتي أكله وسيكون له نتائج طيبة في أوساط المزارعين على اعتبار أني لمست نوعاٍ من الاستيعاب لدى بعض المزارعين وذلك من خلال النقاشات التي أجريتها معهم في المزارع والمقايل الأمر الثاني الذي يزيد من تفاقم المشكلة هو غياب الدور الرقابي على أعمال الحفر العشوائي للآبار الجوفية التي تجري على قدم وساق فهل يعقل أن هناك ما يقارب عشرة آبار في مساحة تقل عن كيلو مترين مربعين في بعض المناطق منها ثلاث آبار تم حفرها خلال العام الحالي 2009م بل بعضها لا تبعد عن الأخرى أكثر من 20 متراٍ وربما أقل وكلها تستنزف المياه بينما المساحة الزراعية الموجودة في المنطقة يمكن أن تكفيها بئران فقط وكانت بالفعل تكفي.. إلا أن هناك سباقاٍ محموماٍ بين المزارعين نحو الحفر العشوائي بعيداٍ عن الرقابة وغياب دور المجالس المحلية والجهات المعنية في المحافظة والمديريات.

 

برامج غائبة

 

في هيئة مياه الريف هناك إدارة تسمى »إدارة مشروع مياه حوض صنعاء« المعنيون فيها يقولون أن الجانب الإعلامي يعتبر من أهم الأنشطة والبرامج الموجهة نحو المستفيدين من مياه الحوض وذلك من خلال توظيف الخبراء الإعلاميين وتأهيل الكادر الإعلامي وتزويده بالمعدات اللازمة واختيار العينات للمسح القبلي في جميع مديريات الريف والمدينة والقيام بالمسح القبلي أيضاٍ لجمع البيانات ومعرفة وعي الناس ومعارفهم وسلوكياتهم المتعلقة بالمياه من خلال تعبئة الاستمارة وتحليل البيانات ومن ثم نقل الرسائل التوعوية عبر الفلاشات التلفزيونية والإذاعية حول الحفر العشوائي للآبار وأضرار الري بالغمر ومظاهر العبث بالمياه ثم إصدار النشرات والنزول الميداني للجميعات النسوية والتوعية في المدارس وتفعيل دور التوعية المائية داخل جمعيات مستخدمي المياه والتعاون عبر برامج التوعية المشتركة لدعم الجهات العاملة في مجال المياه ويقولون أن المشروع يهدف إلى تحفيز مستخدمي المياه في منطقة الحوض ورفع درجة الوعي والمسؤولية لديهم بمشاركة الجانب الحكومي في إدارة وحماية المصادر المائية كمرحلة أولى ثم الانتقال إلى المرحلة الثانية وهي تمكين مستخدمي المياه من مهمة الإدارة الذاتية للمصادر المائية باقتدار ولذلك فالمشروع يعمل على تفعيل جهود المجتمع في أطر مؤسسية وقانونية من خلال مساعدة مستخدمي المياه لتشكيل »جمعيات مستخدمي المياه« في حوض صنعاء.

 

وقالوا: إن آلية عمل المشروع تعتمد على التنسيق والتعريف بأهداف وآليات عمل المشروع لدى المجالس المحلية في المديريات والوجهاء والمشائخ والعقال.

 

والحقيقة أن هذا الكلام جيد والعمل جيد ولكنه غائب.. سألت عدداٍ من المزارعين: هل لمستم شيئاٍ من هذه الجوانب¿ هل جاء إليكم خبراء اخصائيون من المياه لتوعيتكم¿.. وكانت الإجابات كلها بالنفي!!

 

الحلول

 

أجدادنا السبئيون والحميريون أصحاب الحضارات العظيمة فطنوا لقضية المياه فأنشأوا السدود والقنوات والأحواض والسواقي واستغلوا مصادر المياه فارتقوا بحضارتهم وأصبحت اليمن تعرف آنذاك بالأرض السعيدة.

 

إذنú الحلول موجودة وهي إرث حضاري مكتسب وما علينا إلا تطويرها من خلال إدخال واستغلال التقنيات الحديثة في هذا المجال ولعل أبرز النماذج التي ينبغي أن يستنبط المعنيون بالمياه في بلادنا الدروس والعبر منها على سبيل المثال سد مارب وصهاريج عدن فمن خلالهما يمكن التعرف على بعض من موروثات ومنجزات حضارة الأجداد وكيف كانوا يلجأون إلى الطبيعة ويستفيدون من مزاياها ويسخرونها في خدمتهم وتفيدنا أن الأجداد لم يكونوا يقفون أمام الظروف الصعبة مكتوفي الأيدي فقد استطاعوا قهر الظروف البيئية الصعبة حيث لا زرع ولا ماء بل حولوا المحنة إلى منحة لأنهم استطاعوا توفير المياه لأنفسهم ولزوارهم الذين كانوا يأتون من كل مكان من خلال إبداعهم منشأة هندسية طبيعية وهي الصهاريج.

 

دروس

 

ولعل أهم الدروس والعبر من هذين النموذجين أن نستفيد منها في توجهاتنا المستقبلية ونتعلم من الأجداد أن الإبداع والابتكار ليس حكراٍ على أحد حيث نرى الأجداد كيف كانوا خبراء في التخطيط وتسخير الطبيعة والبناء والهندسة ويجب علينا أن نعرف أن سياسة الاعتماد على الذات هي أنجح السياسات فقد كان الأجداد الذين استطاعوا أن يبنوا أعظم الحضارات يؤمنون بقدراتهم ويعتمدون على مهاراتهم وخبراتهم المتراكمة في حل المشاكل باستخدام مواردهم المحلية.

 

بلا فائدة

 

هذه الأيام في موسم الأمطار حرصت أن أتجول في شوارع أمانة العاصمة حيث تهطل الأمطار بغزارة وتتدفق السيول في مجرى السائلة.. والمتأمل في جريان تلك السيول فإنه يرى أنها تسير دون فائدة وفي أغلب الأحيان تتجمع في الحفر والمنخفضات الموجودة في الشوارع والحارات وتتسبب في إعاقة وعرقلة حركة السير وتتحول إلى مستنقعات تجلب الحشرات والبعوض إذا استمرت لمدة أطول وأغلبها تتبخر.. بينما هناك حلول مطروحة وعملية للاستفادة من مياه الأمطار في أمانة العاصمة ويمكن تعميمها على بقية المحافظات.

 

الدكتور حسين علوي الجنيد وكيل وزارة المياه لشؤون البيئة قدم مجموعة من الحلول العملية والعلمية في دراسته التي أعدها بعنوان »خارطة طريق لحصد مياه الأمطار« وهي معروضة الآن على  المسؤولين في أمانة العاصمة والحكومة تنتظر من يقرأها ويستفيد منها.. حيث يقول أن دراسته تضمنت مجموعة من المقترحات للاستفادة من مياه الأمطار في الوقت الذي تقدر كمية الأمطار التي تهطل على اليمن إلى قرابة بـ(60-70) مليار متراٍ مكعباٍ أغلبها يضيع هدراٍ وفي الإمكان الاستفادة منها عن طريق إنشاء الحواجز والقنوات وحصادات  المياه في مختلف مدن ومحافظات الجمهورية.. ومن المقترحات التي تضمنتها دراسة الدكتور الجنيد الاستفادة من مياه الأمطار التي تسقط على مدينة صنعاء خاصة المدينة القديمة من خلال ربط الميازيب بأنابيب إلى الآبار السطحية الموجودة في صنعاء القديمة لتحقيق هدفين من خلال هذه العملية تغذية المياه الجوفية في المدينة والاستفادة من المياه الموجودة في الآبار في حمامات المساجد والحمامات العامة والاستحمام وبأقل التكاليف أما بالنسبة للشوارع الكبيرة وبقية الشوارع فبالإمكان وضع حصادات لجمع مياه الأمطار عن طريق حفر بيارات على جوانب الشوارع بحيث تكون مؤمنة بشكلة مدروس وعلمي.

 

خارطة طريق

 

وقال: إن هذه الحصادات يمكن أن تشبه البيارات العادية إلا أن أسفلها سيكون مفتوحا على التربة حتى يتسنى للمياه أن تتسرب إلى أعماق الأرض وتصل لتغذية المياه الجوفية وفي الأعلى تكون مفتوحة عن طريق وضع اشباك حديدية تسمح للمياه بالسقوط إلى أسفل..

 

وأضاف الجنيد إن من أسباب تدهور المياه في حوض صنعاء أن الشوارع تم سفلتتها وأصبحت المياه تتبخر دون أن تتسرب إلى باطن الأرض لتفيد المياه الجوفية.. وكذلك الحال بالنسبة للسائلة التي يجري فيها مئات الأطنان والأمتار من مياه الأمطار التي تذهب إلى المستنقعات خارج المدينة وتتلوث بمياه المجاري بينما في الإمكان وضع حصادات كبيرة على جانبي السائلة لحصد أكبر كمية من مياه الأمطار والاستفادة منها في تغذية المياه الجوفية في هذا الحوض المهدد بالنضوب.

 

كلمة أخيرة

 

هذه الأفكار التي تنتجها العقول اليمنية المخلصة التي تدرك حجم وخطورة المشكلة وتدرك في نفس الوقت إمكانية تفاديها بأقل التكاليف وأبسط السبل هل تجد من يسمعها أو يفعل الأفكار الواردة فيها ¿!

 

أليس ذلك أفضل من إهدار عشرات المليارات من الدولارات وجلب العقول والخبراء الأجانب في مشاريع لا طائل منها سوى الإنفاق وإهدار الأموال بلا فائدة¿!.

 

Share

التصنيفات: تحقيقات

Share