Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

اغتيال البراءة!

 

 كان يحمل حقيبته المدرسية على ظهره ويحمل من البراءة وأحلام الطفولة ألف حقيبة وأكثر لم يكن يعلم أن البراءة والطفولة ليس لهما ثمن في شريعة الفوضى والغاب وفي الصراعات المادية الحقيرة وفي عْرف العصبية التي لا تحسب حساباٍ للحياة والطفولة والعابرين والأبرياء حين تْطلق رصاص بنادقها لحظات الصراع.. كان ذاهباٍ ببراءته وأحلامه و دفاتره وكتبه وقرص »السندويتش« إلى مدرسته مثلما يفعل كل يوم.. لم يكن طرفاٍ في الصراع ولا أقرب من ذلك ولا أبعد لكن الرصاص العبثي عرف طريقه إلى رأسه ووجد نفسه في لحظة بين أحضان الموت الذي أرسلته بندقية الصراع على الدنيا و»البْقع«..

 مات وهو لا يعلم لماذا مات ومن أجل من دفع حياته ثمناٍ وترك لأهله مهمة الأس والبكاء والحسرة ولمن رأى أو سمع عن مأساة هذا الطفل الذي اغتالته رصاص الفوضى والاحتكام للقوة والعنف في الحصول على الحق أو بالأصح لانتزاع حق الآخرين وهكذا هي الصراعات من هذا النوع هو واحد بالعدد حين تحصى الضحايا خلاف واشتباكات مسلحة في قلب العاصمة على أرضية نجم عنها استشهاد طفل كان في طريقه إلى المدرسة.. نعم هو واحد فقط.. وأصغر رقم في قاموس الصراع ولغة الحوادث هكذا يقولون غير أن هذا الواحد الضحية الطفل الإنسان البريء الذي قتله الأشقياء في زمن كثر فيه الشقاء وزادت الفوضى والهمجية وغاب القانون والقضاء والعدل والأمن كثيراٍ.. هذا الواحد أكثر  من سكان الدنيا جميعاٍ في نظر والديه وفي العاطفة والإحساس وفي الشرع بلاشك وبذلك قتلت الدنيا والحياة عند والديه وأهله فهل يبقى الواحد واحداٍ بعد هذا¿ إن مسألة استسهال القتل وحسابات العدد جريمة لا تغتفر وعندما يْقال قْتل واحد فقط.. دون اكتراث بالتفاصيل ونتائج القتل.. لم يستسهل أحد أطراف الصراع أو النزاع خسارة قطعة أرض لكنهم يستسهلون القتل وهو أمر عجيب.. هذه الجريمة تفتح أبواب التساؤلات وتحشر الجميع في زاوية ضيقة لماذا حدث ويحدث هذا الأمر¿ وهل يمكن أن يحدث هذا في دول أخرى قائمة بسلطاتها وقوانينها وتشريعاتها¿ لماذا البندقية حاضرة على هذا النحو¿ وماذا بعد هذا كله¿ وإلى متى سيبقى هذا الحال ويبقى الأبرياء يدفعون أرواحهم وأفراحهم في محرقة الصراع على »البْقع« والصراعات المختلفة والتي تطيش رصاصاتها وتأخذ طريقاٍ نحو عابر سبيل أو آمن في منزله فتقتله وهو لا يدري بأي ذنب قْتل¿ أسئلة تبعث على الألم ومع هذا لا تعني شيئاٍ عند البعض وعند الجهات المختصة في كثير من الأحيان عندما تترك هذه الجهات للبندقية حرية الحركة والحكم بين الخصوم وفرض الإرادة في نهاية المطاف.. سقط الطفل مضرجاٍ بدمه تاركاٍ أحلامه وأقلامه ودفاتره المدرسية ذكرى أليمة وحكاية جديدة تضاف لمهرجان الفوضى المفتوح وشاهداٍ على حكم البندقية وعبثية الاستخدام والاستهانة بأرواح الناس العابرين قبل الجريمة وبعدها وهو بذلك يكون حجة على الجميع وخصماٍ لهم بين يدي رب العالمين وخالص العزاء للطفولة والبراءة والأحلام والناس الطيبين..
 
 

أنور نعمان راجح

Share

التصنيفات: منوعــات

Share