علي محمد الاشموري : اللعنة التاريخية

 

تشهد الساحة اليمنية في وادي حضرموت وساحله تطورات متسارعة تعكس حجم التحديات التي تواجه البلاد في ظل تداخلات إقليمية ودولية معقدة. هذه التحركات، مهما تعددت دوافعها، تؤكد أن القرار الوطني يقف اليوم أمام مفترق طرق حاسم، وأن الحفاظ على وحدة اليمن وسيادته بات مسؤولية جماعية لا تحتمل التأجيل أو التردد.

وحدة اليمن: قضية وجودية لا تحتمل المساومة

إن وحدة اليمن ليست مجرد شعار سياسي، بل هي قضية وجودية تتجاوز كل المشاريع الضيقة والمصالح الآنية. فالدماء التي تُسفك بين أبناء الوطن أغلى من أي مكاسب مادية أو حسابات آنية، والتاريخ سيظل شاهدًا لا يرحم، يسجل بحروف واضحة المواقف التي ساهمت في صون البلاد أو في تمزيقها.

دروس من التاريخ والجوار

– لبنان: الانقسامات الداخلية فتحت الباب أمام تدخلات خارجية، جعلت البلاد رهينة أزمات متكررة.

– العراق: الصراعات الطائفية أضعفت الدولة، وأتاحت للقوى الإقليمية والدولية التحكم بمسارها.

-وهذه التجارب وغيرها أثبتت أن أي مشروع لتقسيم البلاد لا يجلب سوى مزيد من الدماء والانهيار الاقتصادي والاجتماعي.

هذه النماذج تؤكد أن الانقسام الداخلي هو الثغرة التي تنفذ منها المؤامرات الخارجية، وأن وحدة الصف الوطني هي السدّ المنيع أمام أي تدخل.

اللحظة الراهنة: اختبار الإرادة الوطنية

اليمنيون اليوم، أكثر من أي وقت مضى، مدعوون إلى تجاوز الخلافات الداخلية وتغليب المصلحة العليا للوطن. فالمؤامرات الخارجية لا تجد طريقها إلى النجاح إلا حين تتكئ على الانقسامات الداخلية وتستغل هشاشة الصف الوطني. إن وحدة اليمن وسيادته تمثل الضمانة الحقيقية لمستقبل أبنائه، وهي القضية التي ينبغي أن تتصدر كل الأولويات الوطنية والسياسية.

إن اللحظة الراهنة ليست مجرد محطة عابرة في تاريخ اليمن، بل هي اختبار حقيقي لإرادة أبنائه وقدرتهم على مواجهة التحديات وصناعة مستقبل يليق بتضحياتهم. فإما أن يكون اليمن موحدًا وقويًا، أو أن يظل أسيرًا لـ”اللعنة التاريخية” التي تتجدد كلما غابت الحكمة وتقدمت المصالح الضيقة على حساب الوطن.

Comments are closed.

اهم الاخبار