تحذّيرات من خطر استمرار الهجرات غير القانونية إلى اليمن
الوحدة:
حذرت ورقة بحثية جديدة، من خطر استمرار الهجرات غير القانونية إلى اليمن خلال المرحلة القادمة، في ظل استمرار العدوان.
ودعت ورقة تقدير موقف بعنوان ” الهجرات غير القانونية القادمة من أفريقيا وتأثيرها في الأمن القومي اليمني”، أعدها الباحث والدبلوماسي اليمني، أحمد حميد عمر، لمركز آفاق اليمن للأبحاث والدراسات في صنعاء، وتابعتها “الوحدة”، إلى بناء القدرات البحرية اليمنية، لإنفاذ القوانين الوطنية لمنع تسلل المهاجرين غير الشرعيين، وإنشاء غرفة عمليات ترتبط بنقاط اتصال لمراقبة وضبط المتسللين قبل دخولهم إلى عواصم المحافظات.
وقالت الورقة: ففي المرحلة القادمة – وفي ظل استمرار العدوان على بلادنا – ستعمل أجهزة استخبارات دول العدوان وأجهزة استخبارية معادية إلى الدفع بعدد من عناصرها تحت غطاء الهجرة غير النظامية لتنفيذ أعمال تجسسية أو تخريبية.
وأكدت على تعزيز التعاون الإقليمي لمكافحة ظاهرة التهريب والاتجار بالشر من بعض دول القرن الأفريقي إلى اليمن عن طريق التنسيق بين الأجهزة الأمنية في بلادنا والأجهزة الأمنية للدول المصدرة كجيبوتي والصومال (ولاية بونت لاند) وإثيوبيا، لأولئك المهاجرين ومعاقبة مرتكبي جرائم التهريب (المهربين).
وأوصت بالتواصل مع الدول المانحة لزيادة الدعم لليمن لتخفيف أعباء تدفق المهاجرين غير الشرعيين وضمان التنفيذ الفعال لترتيبات العودة الطوعية بصورة إنسانية ومنظمة بما يكفل أمن وكرامة المهاجرين غير الشرعيين، بالتنسيق بين الحكومة اليمنية وحكومات الدول المصدرة للمهاجرين والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية.
وشددت على رفع قدرات اللجنة الوطنية لشؤون اللاجئين، وتكليف الجهة المختصة لتسجيل اللاجئين المشمولين في قوائم المفوضية السامية للاجئين، وعمل قاعدة بيانات وطنية عن طريق إجراء مسح إحصائي شامل والربط الشبكي، والعمل على إعداد بيانات إقليمية خاصة بالواصلين الجدد (المهاجرين غير الشرعيين، طالبي اللجوء واللاجئين) وأماكن تواجدهم وفقًا للمعايير الدولية واليات تبادل البيانات.
وجددت التأكيد على ضرورة قيام الأجهزة الأمنية المختصة ووزارة الثروة السمكية بحصر أسماء مالكي القوارب والزعامات والصيادين الذين يمارسون الاصطياد في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي وغيرها من الأعمال، وتوعيتهم بمخاطر التهريب بإشكاله كافة (تهريب السلاح، المخدرات، البشر) والعقوبات القانونية بحق من يقوم بمثل هذه الأعمال.
وألزمت الأجهزة المختصة في عواصم المحافظات والمديريات بحصر جميع المهاجرين غير الشرعيين بالاستعانة بعقال الحارات كل فيما يخصه وفق استمارات تشمل بيانات المهاجرين كافة غير الشرعيين، وإدخال البصمة مع الصورة، وضمان توفير معلومات دقيقة حول حقيقة الهجرة غير الشرعية، ودراسة إنشاء مركز بحوث إقليمي يعنى بقضايا اللجوء بين الدول (المصدرة، العبور، المقصد) والمنظمات الدولية ذات الصفة.
وحثت على دعم عمليات السلام والاستقرار في كل من الصومال وإثيوبيا وأريتريا المتأثرة بالصراعات، ومعالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية في البلدان المصدرة للمهاجرين غير الشرعيين التي تعاني من صراعات سياسية عن طريق توفير الدعم الملموس لها؛ لتعزيز جهودها الرامية إلى تحقيق التنمية الشاملة والعادلة؛ بغية مساعدة الناس على التغلب على الفقر والقدرة على التكيف والاستقرار في بلدانهم الأصلية، ومضاعفة الجهود لإيجاد الأوضاع الملائمة للعودة الطوعية الآمنة والمستدامة، وزيادة الدعم الدولي لبرامج مكافحة الفقر في دول المصدر بما في ذلك شبكات الأمان وبرامج خلق فرص العمل، وذلك من أجل تسهيل إعادة إدماج مستدام للمهاجرين غير الشرعيين، ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية؛ إذ إن التنمية والأمن هما السببان الأساسيان للهجرة، وبمعالجتهما ستزول البطالة والفقر وستؤدي إلى الاستقرار.
ونوهت الورقة بأن الهجرة القادمة من القرن الأفريقي إلى اليمن تمثل واحدة من أكثر الظواهر تأثيرًا في الأمن القومي، لاسيما في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا، ومع تحول اليمن إلى بلد عبور نحو الخليج، وتراجع قدرته على ضبط السواحل الطويلة والمنافذ البحرية، صارت هذه الهجرة قضية أمنية ذات أبعاد متعددة.
وبينت أن التهديدات الأمنية المباشرة تتمثل في التسلل من السواحل وصعوبة الرقابة، واستغلال المهاجرين من قبل الجماعات المتطرفة مثل القاعدة وداعش وتستقطب بعضهم لأعمال نقل، تجسس، أو خدمات لوجستية، إضافة إلى انتشار شبكات التهريب والاتجار بالبشر لكونها تربط بين القرن الإفريقي وسواحل اليمن وتؤدي إلى تمويل جماعات مسلحة، وانتشار الجريمة المنظمة، وتهديد سيادة الدولة على المنافذ.
ونبهت الورقة من احتمالات إدخال عناصر قتالية خصوصاً في ظل ضعف الرقابة البحرية، فقد قد تتسلل عناصر مسلحة أو عناصر استخباراتية ضمن مجموعات الهجرة، وبالتالي يزداد الخطر قرب مناطق النزاع؛ إذ قد تستخدم بعض الأطراف الهجرة غطاء لإعادة التموضع.
وأشارت إلى أن التهديدات الأمنية غير المباشرة تتمثل في الضغط على البنية التحتية والخدمات وبالذات المستشفيات، المياه، الغذاء، المخيمات، وبذلك فإن ضعف قدرة الدولة على الاستجابة ينعكس سلبًا على الأمن المجتمعي والاستقرار المحلي.
ونوهت بأن الهجرة تؤدي إلى منافسة في سوق العمل، والخدمات الأساسية، وفرص الدعم الإنساني، ما قد يخلق احتكاكات بين السكان المحليين والمهاجرين، خصوصًا في المناطق الساحلية الفقيرة وغيرها من المناطق التي يتواجد فيها المهاجرون غير الشرعيين، ما يمهد لاضطرابات اجتماعية، إضافة إلى أن بعض المهاجرين يصلون في ظروف صحية متدنية، ما يزيد احتمال انتشار أوبئة أو أمراض لم تكن موجودة سابقًا، وبالتالي يؤثر تفشي الأمراض في الأمن الصحي، وهو عنصر أساسي من الأمن القومي.
وأوضحت أن التأثيرات الاقتصادية ذات الانعكاس الأمني تتمثل في ارتفاع الطلب على السلع والخدمات في مناطق الهجرة ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وزيادة في معدلات البطالة بين السكان المحليين، وتوسع الاقتصاد غير الرسمي (السوق السوداء)، وكل هذه العوامل ترتبط بزيادة الجريمة واضطراب الأمن.
ونوهت بأن التأثيرات الحدودية والسيادية تتمثل في فقدان السيطرة على السواحل ما يشكل تهديدًا مباشرًا لسيادة اليمن، باعتبار أن الممرات البحرية حول باب المندب ذات أهمية استراتيجية دولية، وأن أي خلل في إدارة الهجرة قد يُستخدم ورقة ضغط أو ذريعة للتدخلات الخارجية.
ولفتت إلى أن الهجرة من القرن الإفريقي إلى اليمن ليست مجرد ظاهرة اجتماعية أو اقتصادية، بل هي تحدٍّ أمني استراتيجي، وتتجلى خطورتها في أنها مستمرة ومتزايدة، وتقع ضمن بيئة يمنية ضعيفة أمنيًا واقتصاديًا، ومرتبطة بجهات تهريب وجماعات مسلحة، وتؤثر في الأمن البشري، والسيادة، والاقتصاد، والصحة العامة.
Comments are closed.